2025-12-26

طهارة القلب

 

دكتور محمد الشافعي 

طهارة القلب ومفتاح السعادة

إن القلب هو موضع السرّ، وكنز الحياة، ومحرّك الجوارح. فإذا صلح استقام الجسد كله، وإذا فسد تهاوى الإنسان في مهاوي الضلال. وليس عجبًا أن يقرن النبي الكريم ﷺ صلاح الإنسان بصلاح قلبه، فقال: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب».

القلب في حقيقته مرآة الروح؛ فإن أشرقت بالذكر، أضاءت المرآة نورًا، وإن اسودّت بالغفلة ران عليها الصدأ. الدنيا بتقلباتها ومشاغلها لا تكفّ عن صرف العبد عن قلبه، فتأخذه في دوامة اللهث وراء المتاع الزائل، حتى يغفل عن أثمن ما يملك. ولكن الحكيم من جلس مع نفسه، وجعل لقلبه نصيبًا من الصفاء، فطهّره بذكر الله، وغذّاه بالرحمة، ورواه بالرضا.

فالذكر حياة القلوب؛ به تهدأ النفس وتطمئن الأرواح: «ألا بذكر الله تطمئن القلوب». والرحمة زينة الإنسان التي تجعله قريبًا من الخلق، محبوبًا بينهم، مقبولًا عند الله. وأما الرضا فهو تاج القلوب؛ متى استقر فيه ألقى على صاحبه سكينةً لا تعصف بها رياح الدنيا ولا تغيّرها عواصف القدر.

ومن تشرّب قلبه هذه المعاني، وجد لحياته طعمًا جديدًا؛ فلا صخب يزعجه، ولا همّ يرهقه، ولا فتنة تغريه. بل يعيش في ظلّ الطمأنينة، يوزّع حُبًّا، ويبذر خيرًا، ويرى كل ما حوله جميلاً لأنه يراه بعين قلبٍ طاهرٍ صادق.

فاحفظ قلبك، فإنه مَلكُ جوارحك، وأصل سعادتك، ومفتاح نجاتك. ومن ضيّع قلبه، ضيّع عمره كلّه، ولو ملك الدنيا بما فيها.

ليست هناك تعليقات: