2025-12-08

من تركك لا يستحقك

 

دكتور محمد الشافعي 

الذي يتخلى عنك في لحظة ضعفك، ويتركك وسط العتمة حين تكون في أمسِّ الحاجة إلى يدٍ تُمسك بك، لا يستحق أن يكون جزءًا من نورك حين يسطع ضياؤك من جديد. فليس من الشهامة أن يأتيك من تركك واقفًا على حافة الانهيار، بعدما قاومت وحدك وبنيت نفسك من شظايا التعب والخذلان.

هناك لحظات لا تُنسى، لا لأنها جميلة، بل لأنها كانت قاسية حدّ الانكسار، ولأنك كنت فيها وحيدًا. نظرت حولك تبحث عن وجه مألوف، عن كلمة طيبة، عن كتف تستند إليه، فلم تجد إلا الصمت والغياب. فهل من تركك حينها، يستحق أن يعود عندما تصبح أقوى مما كنت؟

العلاقات تُختبر في الشدائد، والقلوب تُعرَف في وقت الحاجة، والوفاء لا يظهر في الرخاء بل يتجلّى في عمق المحن. من لم يشاركك همّك، لا يحق له أن يتباهى بفرحك، ومن لم يلمح دمعتك، لا ينبغي له أن يتقرّب من ضحكتك.

قد تسامح، ولكن لا تفتح الأبواب ذاتها لمن أغلقها في وجهك من قبل. فالكريم لا يعود لمن خذله، والحكيم لا يُلدغ من نفس الجرح مرتين. واحذر أن تُقنع قلبك بأنّهم "لم يقصدوا" أو "لم يعلموا" أو "لم يستطيعوا"، فالقلب يعرف، وحدسه لا يكذب، والخذلان يُحفر لا يُمحى.

إن قيامك من تعبك بجهدك، وشفاءك من ألمك بصبرك، ونهوضك من سقطتك بثباتك، هو مجدٌ لا يليق أن يُشارَك فيه من لم يكن حاضرًا حين كنت تبحث عن مجرد صوت يقول لك: أنا معك.

فلا تلتفت، ولا تضعف، ولا تمنح من خذلك شرف القرب من قوتك الجديدة. لأن من لم يحبك في عتمتك، لا يستحقك في ضيائك.

ليست هناك تعليقات: