قبل أكثر من ألفي سنة، في أرض السودان الكبيرة، كانت هناك حضارة «كرمة»، وكان للمرأة ولزينتها فيها المكان الكبير... حلي و «مشابك شعر» مصنوعة من الصدف وقلادات مصنوعة من البلور الصخري والذهب، وغيرها.
»حضارة كرمة» أو «مملكة الكوش» التي تمتد من 2500 حتى 1500 سنة قبل الميلاد، نسبة إلى منطقة كرمة، تعتبر أقدم مركز عمراني في أفريقيا جنوب الصحراء. وتعرض كنوز هذه الحضارة في معرض «كنوز من السودان» الذي افتتح أمس في المجمع الثقافي في أبو ظبي، والذي تنظمه «هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث»، ويستمر حتى 8 أيار (مايو) المقبل، في قاعة النخيل الكبيرة التي أعدّ لها ديكور خاص من وحي ضخامة تلك الحضارة وقدمها.
يضم المعرض مجموعة من مقتنيات متحف السودان القومي في الخرطوم تغطي الحضارات المتعاقبة على أراضيه، ويتراوح تاريخ المعروضات بين 8500 قبل الميلاد والقرن التاسع عشر الميلادي، والكثير منها عبارة عن مكتشفات حديثة تمت في السنوات القليلة الماضية، نتيجة للأبحاث وأعمال التنقيب التي لا تزال جارية في المنطقة.
ويستعرض المعرض نماذج من المكتشفات الأثرية التي تمثل العصر الحجري القديم منذ بداياته... وحتى نهاياته التي شهدت ظهور الفخار الذي غدا أكثر المواد المكتشفة شيوعاً في المواقع الأثرية السودانية. كما تعرض قطع تمثل أوجه النشاط البشري خلال العصر الحجري الوسيط والحديث، وتتمثل بنماذج مختلفة من اللقى الأثرية التي اكتشفت في المقابر والتي تمايزت لتدل على بداية التقسيم الاجتماعي الطبقي الذي يعتبر الخطوة الأولى في نشأة المجتمعات المتطورة. إذ وجدت مقابر غنية التجهيز، فيها أوان وتماثيل وأمشاط تشير إلى أن أصحابها كانوا من عليّة القوم، وأخرى أقل تجهيزاً وأكثر عدداً وهي قبور الناس الأفقر حالاً.
ويُبرز المعرض الأوجه الحضارية المتعددة المراحل لحضارة «مملكة كوش»، ويعتبر فخار كرمة من أفضل ما أنتجه وادي النيل، ويضم المعرض عدداً من الأواني الفخارية والخزفية التي تعود بتاريخها إلى عصر كرمة القديم، والكلاسيكي، منها طاس من الفخار بنقوش بارزة، وإناء خزفي للشرب على هيئة زهرة التوليب، ولوحة خزفية لعقرب، وآنية خزفية على هيئة طائر النعام، إضافة إلى مجموعة من الحلي التي تدل على الاهتمام الكبير بزينة الجسد في تلك الحضارة.
وتشير بعض المعروضات إلى حقبة امتداد الفراعنة في بلاد النوبة... وتمثلت بالأختام والتماثيل وغيرها من منصات ولوحات نحتت في الحجر الرملي، وتحمل كلها الرموز والكتابة الهيروغليفية، إضافة إلى مجموعة من الحلي والأواني الخزفية والتماثيل التي تمثل حضارة المملكة الكوشية الثانية.
وينتقل المعرض من كنوز السودان القديمة إلى تلك الأكثر حداثة، فيعرض عدداً من الأختام والكؤوس الفخارية والخزفية، والمصابيح وغيرها من الأدوات التي تعود إلى دنقلا العجوز التي كانت عاصمة مملكة المقره في العصور الوسطى. ومن ملامح دخول المسيحية إلى السودان، يعرض الكثير من منجزات الفن التصويري، وإنتاج الفخار وزخرفته... وغيرها من العناصر الحجرية المنحوتة والتصاوير الجدارية، كالتيجان والأختام والتماثيل الصغيرة التي تحمل رموزاً رومانية.
ومن الحضارة الإسلامية التي انتشرت في المنطقة مع نهاية القرن الخامــس عشــر الميلادي، تــعرض مــجموعة من الرموز والمقتنيات الإسلامية الطابع، مثل شاهد قبر من حجر الفلسايت، وهو عبارة عن لوحة جنائزية مكتوبة باللغة العربية (الخط الكوفي)، وسيف من الصلب يعود إلى فترة الفونج (1762 - 1769) ويعود إلى الناصر محمد، أحد الملوك الذين حــكموا ســلطنة الفــونج، وخوذة من الحديد لها بطانة حديد وتعود إلى الفــترة التركية (1820 – 1881) وأعيد اســتخدامها في الدولة المهدية (1881 - 1898).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق