2025-06-09

سميراميس

 


دكتور محمد الشافعي 

الاسم الأصلي للملكة سميراميس هو على الأرجح شمو-رمت (Shammuramat).

وقد كانت شمو-رمت ملكة آشورية في القرن التاسع قبل الميلاد، زوجة الملك شمشي-أدد الخامس ووالدة الملك أدد-نيراري الثالث، وتولت الحكم كوصية على العرش بعد وفاة زوجها، وهو أمر نادر في تاريخ آشور.

أما اسم "سميراميس" فهو الصيغة الإغريقية أو الهلنستية للاسم، وقد ارتبطت بها لاحقًا أساطير كثيرة تمزج بين الحقيقة والخيال، خصوصًا عند المؤرخين الإغريق مثل ديودور الصقلي، الذين نسبوا إليها إنجازات معمارية وحربية كثيرة، منها بناء بابل وحدائقها المعلقة، وهي أمور غير دقيقة تاريخيًا.

جميل! تعال نغوص في عالم الأسطورة...

الملكة سميراميس في المرويات الإغريقية والشرقية لم تكن مجرد ملكة آشورية، بل أصبحت أسطورة خالدة تمثل القوة، الجمال، الذكاء، والدهاء السياسي والعسكري. وهنا أبرز معالم هذه الأسطورة:

1. الولادة العجيبة:

تبدأ الأسطورة بأن سميراميس لم تولد كبشر عادي، بل كانت ابنة لإلهة السمك "أتارغاتيس" من مدينة آشقلون، وقد وُضعت في سلة وأُلقيت في نهر الفرات (تشبه قصة موسى نوعًا ما). أنقذتها الحمائم، وأطعمتها ودفأتها، ثم تبناها راعٍ وربّاها حتى كبرت.

 هذه البداية الخيالية جعلت منها شخصية شبه إلهية ترتبط بالخصوبة والأنوثة والطبيعة.

2. الفاتنة الذكية:

بجمالها الأخّاذ ودهائها، سحرت سميراميس القائد الآشوري أونيس، الذي قدمها للملك شمشي-أدد الخامس، فتزوجها الملك. وحين توفي، استلمت سميراميس الحكم، وصعدت إلى قمة السلطة في دولة ذكورية بامتياز، وهو أمر جعل منها أيقونة للمرأة الحاكمة القوية.

3. الإنجازات الخارقة:

الأساطير تنسب إليها مشاريع معمارية ضخمة، منها:

  • بناء مدينة بابل بصورتها العظيمة (الأسوار والبوابات والقنوات).
  • حدائق بابل المعلقة، إحدى عجائب الدنيا السبع.
  • إنشاء قنوات ري عملاقة وجسور وحدائق غنّاء في أنحاء بلاد ما بين النهرين.
  • بناء معابد فخمة وهياكل مهيبة في نينوى.
  • (رغم أن علماء الآثار لا يؤيدون هذه النسبة لها، لكنها بقيت في الأسطورة مرتبطة باسمها).

4. الفاتحة الغازية:

تصورها الروايات الإغريقية كامرأة قائدة لجيش جرّار، خرجت في حملات حربية كبرى وصلت حتى الهند! وفي رواية، أنها واجهت الملك ستابروتاس الهندي، وتفوقت عليه بعد معركة شرسة.

5. النهاية الغامضة:

بعض الأساطير تقول إنها تحولت إلى حمامة وارتفعت إلى السماء، فعادت إلى أصلها الإلهي، وأصبحت رمزًا سماويًا.

 لهذا السبب، ربطت بعض الثقافات الشرقية الحمامة بسميراميس، وجعلتها رمزًا للسلام والجمال والحماية.

التأثير في الثقافات:

  • في الفن الأوروبي، ظهرت في الأوبرا (مثل أوبرا "سميراميد" لروسيني).
  • في الأدب الرومانسي، أصبحت تجسيدًا للملكة العاشقة والمحنكة.
  • حتى في الفنون المسيحية القديمة، اعتُبرت أحيانًا رمزًا للوثنية الأنثوية.

ليست هناك تعليقات: