النبش في القمامة بين الحاجة والفوضى: قضية بيئية ومجتمعية
في كثير من الأحياء السكنية، نلاحظ ظاهرة مؤسفة تتكرر كل يوم تقريبًا: أشخاص يفتحون أكياس القمامة التي أُلقيت بشكل منظم أمام العمارات، ويقومون بنبشها في الأراضي الفارغة أو بجوار الأرصفة. هذا الفعل لا يقتصر فقط على تشويه المنظر العام، بل يتسبب في انتشار الحشرات، والروائح الكريهة، ويعرض السكان للأمراض.
الأشخاص الذين يقومون بذلك لا يمكننا وصفهم جميعًا بالشر، فكثير منهم يفتش في القمامة بحثًا عن مواد قابلة للبيع مثل البلاستيك والمعادن. ولكن الطريقة التي يفعلون بها ذلك، دون احترام للبيئة أو لصحة الآخرين، هي ما يخلق المشكلة الحقيقية. فبدلاً من أخذ الأكياس إلى أماكن مخصصة للفرز، يقومون بفتحها في أماكن عشوائية ويتركون خلفهم فوضى ومخلفات تضر بالمجتمع.
إذا كنتُ مسؤولًا في البلدية أو محافظًا للمدينة، فسأتعامل مع هذه الظاهرة بجدية. سأصدر قرارات تلزم بضبط أي شخص يقوم بهذا النبش في الأماكن العامة، ولن يُفرج عنه إلا بعد التوقيع على تعهد بعدم تكرار ذلك. ومن يكرر الفعل، تُفرض عليه غرامة مالية كبيرة قد تصل إلى 100 ألف جنيه، بالإضافة إلى عقوبة بالسجن تصل إلى خمس سنوات.
لكن في المقابل، علينا أيضًا أن ندرس الأسباب التي تدفع هؤلاء الأشخاص لهذا السلوك، مثل الفقر أو البطالة، وأن نوفّر لهم بدائل كريمة لكسب الرزق من خلال برامج فرز وإعادة تدوير منظمة تحت إشراف الدولة.
فحل المشكلة لا يكون فقط بالعقاب، بل بتنظيم الواقع وتقديم فرص بديلة تحفظ كرامة الإنسان وتحمي البيئة وصحة المجتمع في آنٍ واحد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق