2025-05-02

في حب محمد الشافعي

 


دكتور محمد عبد القدوس

في حب الدكتور محمد الشافعي اكتب هذا المقال بمشاعري وليس بكلماتي ولما لا فهو صديق العمر الوفي.

في زمنٍ عزّ فيه الوفاء، وتقلّصت فيه المسافات بين القلوب حتى غدت موحشة، يشرق وجه الدكتور محمد الشافعي كقمرٍ في ليلٍ بهيم، يبدد العتمة بنوره، ويمنح الأمان لمن ضلّ الدرب في زحام الحياة. رجلٌ اجتمع فيه العقل الناضج، والقلب الرقيق، والروح المتشبعة بالحكمة، حتى ليخال المرء أن الزمن قد استعاد مجده في شخصه.

هو الأستاذ، والمثقف، والفنان، والكشّاف، والمربّي... تتعدد وجوه العطاء في شخصه كما تتعدد الألوان في لوحةٍ متقنة، رسمتها يد الأقدار بعناية، ومزجت فيها العلم بالمحبة، والصرامة بالحكمة، والبساطة بالعمق. يعانق الماضي بحنان العارف، ويُقبِل على الحاضر برؤية المستنير، حاملاً مشعل الحضارة المصرية القديمة، لا كأثرٍ جامد، بل كنبضٍ حيّ يسري في أوصال فكره وحديثه وأسلوبه في التدريس.

ما بين أروقة الجامعات، وساحات المسرح، وصفحات الكتب، تناثرت بصماته شاهدة على روحه الموسوعية وذائقته الرفيعة. فالرجل لم يكتفِ بأن يكون أستاذًا في الآثار، بل أبحر في عوالم الفن والموسيقى والمسرح، مجسدًا الشخصية التي تبحث عن المعنى في كل تجلٍ إنساني. يميل إلى الأدوار النفسية المركبة، كأنما يبحث عن ذاته في مرايا الأرواح الممزقة، ويستلذّ بأداء أدوار الشر، لا حبًا في الظلام، بل فهمًا عميقًا للطبيعة البشرية.

قلبه كُوِّن من الحنان الممزوج بالعقل، فهو المحب للجميع، الموقر للصغير والكبير، الحريص على أن تبقى جسور الود قائمة، حتى حين تهدمها الحياة في نفوس الآخرين. لا يطلب المقابل، ولا ينتظر العرفان، بل يعطي بكرامة العارف لقيمة ما يعطيه، ويصبر على الجحود بصبر الحكماء.

حفيدُه يوسف هو وطنه الصغير، والامتداد النقيّ لروحه، يعلمه كما يروي نبتةً في صحراء قاحلة، ويؤمن بأن في الفن والرسم نورًا لا تطفئه عواصف العالم. وفي لحظات صفائه، يعود إلى الكمان الذي أحبّه، وإن لم يعزف، فصدى أوتاره ما يزال يهمس في قلبه.

كارهٌ للتشجيع الأجوف والانتماءات الصاخبة، يرى في احترامه لذاته ما يغنيه عن أن يذوب في جموع المصفقين. لا يُعجب بأحد، ولا يقلل من أحد، فقط يختار أن يكون حرًا في فكره، معتزًا بموقفه، حارسًا لكرامته.

صمته أبلغ من كلمات كثيرين، وحديثه بليغ، فيه نبرة معلم لا يملّ، وصديق لا يخون، ومثقف لا يتعالى. يرفض أن تُختصر القيم في شعارات، أو تُختزل العلاقات في مصالح. الصداقة عنده معنى مقدس، ولعلّ غيابه في زمن الماديات جعله أكثر وفاءً لذكراها النبيلة.

الدكتور محمد الشافعي ليس مجرد اسمٍ في قائمة الأساتذة، بل حكاية متفرّدة، تحكي عن رجلٍ جمع بين العلم والحسّ، بين الحزم والرقي، بين التقاليد والابتكار، ليبقى في عيون تلاميذه وقلوب من عرفوه، رمزًا لجمالٍ داخلي لا يبهت، ولروحٍ عظيمة تعرف كيف تُحب، وتعلّم كيف يُحترم الإنسان.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

برغم كل المعاني العميقه لكن محدش هيعوف يوصف استاءي الفاضل ابدا لا يوجد كلام يوصفه ولا تعبير لانه شخص لن يتكرر ابدا في حياتنا جميعا ومرورة بحياتنا نعمه كبيره وخبره في فهم الحياة🫶🏻ربنا يديم حضرتك لنا العمر كله ويديم حفيدك يوسف قطعه من قلبك😊🤍