دكتور محمد الشافعي
لا أجد في نفسي ما يدفعني لأن أكون مجرد تابع، شخص ينصهر في قطيع هائم خلف نجم يسطع هنا أو راية تلوح هناك. إن الكيان الإنساني أعظم من أن يُختزل في صفة مشجع أو معجب، وأسمى من أن يُختصر دوره في التصفيق والهتاف. إنني أرى في الفردية قوة، وفي الاستقلالية جوهرًا لا يُباع ولا يُشترى، ولذلك فإنني أرفض أن أذوب في موجة الهوس الجمعي التي تجتاح العقول فتسلبها وعيها، وتسرق منها القدرة على التمييز بين الإعجاب والتقديس، بين الاحترام والذوبان، بين أن ترى الحقيقة بعينك، أو أن تراها بعدسات الآخرين.
لقد رأيت كيف يلهث الناس وراء نجوم الفن والرياضة والسياسة، كيف تتحول الأسماء إلى أيقونات تتجاوز كل منطق، كيف يرفعون هذا ويسقطون ذاك بلا معيار سوى هوى الجماعة. وأنا لا أرضى لنفسي أن أكون رقمًا في معادلة بلا عقل، ولا أن أكون جسدًا في حشد يصفق دون أن يدرك لماذا يصفق، أو يحزن ويغضب وفق جدول زمني مرسوم له مسبقًا. إنني أقدّر الفن، وأحترم الموهبة، وأعجب بالإبداع، لكنني لا أؤمن بالانقياد، ولا أقبل أن تذوب هويتي في هوية الجماعة، بل أظل حيث أنا، أنظر، أحلل، أقيّم، ثم أمضي في طريقي دون أن أسمح لتيار أن يجرفني معه حيث لا أريد.
إن كرامة الإنسان في اختياره، في استقلاله، في قدرته على أن يكون نفسه لا انعكاسًا لآخرين. ولذلك، فأنا لست مشجعًا، ولست معجبًا، ولست من أولئك الذين يرفعون الأسماء فوق أعناقهم، بل أظل كما كنت، إنسانًا حرًّا يرى، يفكر، ثم يقرر بنفسه أي الطرق يسلك، وأي القناعات يحمل، وأي المبادئ يؤمن بها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق