2025-03-02

الملل في انتظار الدخول للطبيب

 



دكتور محمد الشافعي 

الملل في انتظار الدخول للطبيب والألم أثناء العلاج: تجربة غير محببة

لا شك أن الانتظار في عيادة الطبيب، خاصة طبيب الأسنان، من أكثر اللحظات التي تمر ببطء شديد، وكأن عقارب الساعة تتعمد التوقف عند كل ثانية. الجلوس في قاعة الانتظار، حيث الوجوه المتعبة والأنين المكتوم، يزيد الشعور بالملل، ويمتزج الترقب بشيء من القلق، خصوصًا حين يكون الألم حاضرًا كضيف ثقيل لا يغادر.

لم يكن الانتظار وحده المشكلة، بل كان الألم رفيقًا مزعجًا يفرض حضوره دون استئذان. كسر الضرس وانشقاقه إلى نصفين بسبب مضغ شيء صلب لم يكن مجرد حادثة عابرة، بل كان بداية لمعاناة ممتدة. ألم نابض، كأنه طَرق متواصل من الداخل، يجعل كل لحظة انتظار وكأنها ساعة كاملة. التفكير فيما سيحدث عند دخول غرفة الطبيب لا يزيد الأمر إلا سوءًا، فالمشهد المتوقع يتضمن أدوات حادة، وأصوات حفر مزعجة، وربما وخز إبرة التخدير الذي رغم ضرورته، يحمل في طياته رهبة خاصة.

وأخيرًا، بعد طول انتظار، يأتي الدور للدخول إلى العيادة. يبدأ الطبيب بفحص الضرس المكسور، ويتحسس أطرافه المدمرة، ثم يقرر خطة العلاج. الإجراءات المزعجة تبدأ مع التخدير، حيث تلك الوخزة التي لا تخلو من ألم، يليها انتظار تأثيره حتى يتلاشى الإحساس في نصف الوجه. ثم تأتي مرحلة الحفر، حيث الصوت القاسي لجهاز الترميم الذي يبدو وكأنه يخترق الرأس بأكمله. الضغط، والحرارة، والاهتزاز المستمر، كلها تفاصيل تزيد الشعور بعدم الارتياح، حتى لو لم يكن هناك ألم حقيقي بفضل المخدر.

وبعد معاناة تستمر لدقائق، وربما أكثر، ينتهي الطبيب من إصلاح ما أُفسد، تاركًا خلفه خدرًا في الفم، وألمًا جراء زوال تأثير المخدر. عندها يبدأ الشعور بثقل في الفك، وكأن المعركة لم تنتهِ بعد، بل أخذت استراحة مؤقتة قبل أن يعود الألم ليطالب بحقه في الظهور. قد يصف الطبيب بعض المسكنات، لكن الشعور بعدم الراحة يبقى، خاصة مع صعوبة المضغ والابتلاع في الساعات الأولى بعد العلاج.

الخروج من العيادة بعد هذه الرحلة العلاجية أشبه بالتحرر من سجن صغير، لكنه تحررٌ مؤقت، لأن الضرس الذي تم إصلاحه يظل موضع اختبار في الأيام القادمة. يبقى الحذر واجبًا، فالطعام يجب أن يُمضغ على الجانب الآخر، والمشروبات الساخنة أو الباردة قد تصبح عدوًا مفاجئًا يوقظ بقايا الألم.

رغم كل هذا، يبقى الأمل أن يكون هذا الألم العابر هو آخر محطة في هذه التجربة غير المحببة، وأن تعود الأسنان إلى وظيفتها دون أن تضطرني إلى زيارة جديدة في القريب العاجل.

ليست هناك تعليقات: