دكتور محمد الشافعي
ما دام القدر قد قرر أن يمنح بعض الرجال تاجًا أملس بدلًا من خصلات متموجة، فلا ضير من أن نبحث عن حلول تجعل هذا التاج أكثر راحة تحت شمس الصيف اللاهبة وبرد الشتاء القارس. فالصلعة، وإن كانت رمزًا للنقاء والتصالح مع الذات، إلا أنها تظل ساحة مفتوحة لا تعرف العزل الحراري، تستقبل أشعة الشمس بلا حواجز، وتصافح نسمات الشتاء دون وسطاء.
في الصيف، حيث تحول الشمس رأس الأصلع إلى مرآة تعكس وهج النهار، يصبح الظل صديقًا مقربًا، والقبعات حلًّا عمليًا لا يقل عن كونه إضافة أنيقة. قبعة خفيفة، مصنوعة من القش أو القطن، ليست مجرد غطاء، بل هي درع يحمي هذه المساحة اللامعة من أن تتحول إلى لوحة مشتعلة. أما إن كان الأصلع ممن يؤمن بأن التحدي جزء من المتعة، فليتسلح بكريم واقٍ من الشمس، ينثره على رأسه وكأنه فارس يدهن درعه قبل المعركة.
وحين ينقلب الفصل، ويتحول الهواء إلى نصل بارد يلسع الصلعة كما لو كانت قطعة زجاجية تُطرق عليها رياح الشتاء، فإن الحل ليس في الفرار، بل في الاحتواء. القبعات الصوفية تصبح عندئذ ضرورة لا رفاهية، تحيط الرأس بدفء ناعم كاحتضان صديق وفيّ. وإن لم يكن الأصلع من أنصار القبعات، فليمنح نفسه فرصة للتجربة، فهي ليست مجرد وقاية، بل هوية شتوية جديدة، كأنها إعلان بأن الرجل الأصلع قد أتقن فن التكيف مع تقلبات الطبيعة.
وفي كل الأحوال، يبقى الأصلع سيد الموقف، يواجه الفصول بثقة، يمزج بين الوقاية والأناقة، ويعلم أن الصلعة ليست تحديًا بقدر ما هي فرصة لإثبات أن الجمال في التكيف، وأن العظمة في القدرة على المزاح مع القدر بدلًا من مقاومته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق