دكتور محمد الشافعي
هناك لحظات في الحياة تتكسر فيها الأحلام على صخور الواقع، فتنكفئ النفس على ذاتها مثقلة بالإحباط، وتجتاحها خيبة الأمل كريح عاتية تقتلع ما تبقى من الأمل. نشعر حينها وكأن الزمن قد توقف، والألوان قد بهتت، وكأن الحياة فقدت بريقها الذي اعتدناه.
الإحباط ليس مجرد شعور عابر، بل هو ثقل يجثم على الصدر، يهمس في الأذن بكلمات اليأس، يحاول أن يقنع صاحبه بأن الطريق قد أُغلق، وأن الجهد كان عبثًا. أما خيبة الأمل، فهي جرح غائر يذكرنا بأننا منحنا قلوبنا لأحلام لم تستطع الصمود أمام صلابة الواقع.
لكن، ما الذي يُطفئ الشغف؟ إنه ذلك الوهن البطيء الذي يسري في الروح كخدر، يجعل الأشياء التي كانت تملؤنا حماسًا تبدو باهتة، وكأننا فقدنا القدرة على التفاعل مع ما كنا نعشقه.
ورغم كل ذلك، يظل في القلب بقعة لم تطفأ، شعلة صغيرة ربما، لكنها قادرة على أن تضيء الطريق من جديد. فقد يكون الإحباط لحظة مراجعة، وخيبة الأمل درسًا، وفقدان الشغف استراحة محارب قبل عودة قوية.
نحتاج أحيانًا إلى التوقف قليلًا، لا لنستسلم، بل لنعيد ترتيب أوراقنا. فقد يكون الطريق الذي اخترناه ليس الطريق الصحيح، أو ربما لم يحن الوقت بعد. علينا أن نصغي إلى أصواتنا الداخلية بعيدًا عن الضجيج، وأن نمنح أنفسنا فرصة أخرى، ليس بالضرورة لنفس الحلم، ولكن لحلم جديد يولد من رماد القديم.
واخيرا، لا يمكن للحياة أن تخلو من الإحباطات، ولا من الخيبات، لكن العبرة تكمن في أن ننهض بعد كل سقوط، وأن نبحث عن الشغف في زوايا أخرى لم ننتبه إليها. فالحياة ليست خطًا مستقيمًا، بل متاهة من التجارب، بعضها قاسٍ، وبعضها ملهم، لكن في النهاية، كل تجربة هي جزء من الحكاية التي نصوغها بأيدينا.
هناك تعليق واحد:
جميله جدااا❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️
إرسال تعليق