2025-10-07

"وجع اليوم… تمهيد لجبر الغد"






 

دكتور محمد الشافعي 

لا توجد حياة تخلو من الصعوبات، ولا أحد يمر في دنياه دون أن تهاجمه لحظات الألم والانكسار. لكن من رحمة الله بنا أن لا شيء صعب يدوم، وأن كل ضيق يعقبه فرج، وكل عثرة في الطريق إنما تمهد لثبات أعمق وخطى أوثق.

كثيرًا ما نسمع أن "الأشياء تُدرك بأضدادها"، وهذا في جوهره يحمل حكمة عظيمة؛ فلا ندرك معنى الراحة إلا بعد تعب، ولا نشعر بحلاوة الطمأنينة إلا بعدما نذوق مرارة القلق. قبل أن نصل، قد نضيع، وقبل أن نقف بثبات، لا بد أن نتعثر ونقع، وقبل أن يشتد عودنا، ننكسر، وقبل أن نطمئن، نعيش لحظات من الخوف والتردد والشك.

الخذلان، رغم قسوته، ليس نهاية الطريق، بل هو بداية مرحلة جديدة يتدخل فيها القدر ليعيد تشكيلنا من الداخل. قد لا نفهم في لحظات الألم لماذا حدث ما حدث، وقد نظن أن ما مررنا به كان محض خسارة، لكن كثيرًا ما تمر الأيام، وتكشف لنا أن ما اعتقدناه انكسارًا كان في الحقيقة ما نحتاجه لنُبنى من جديد؛ بشكل أقوى، بروح أنضج، وبقلب لا يزال يعرف كيف يحب ولكن هذه المرة بحكمة.

العوض لا يأتي إلا بعد فقد، ولا تُعرف قيمته إلا لمن ذاق مرارة الخسارة. لذا، لا تحزن على ما فاتك، ولا تيأس من شدة الألم، فربك أرحم بك من نفسك، وقد يؤلمك اليوم ليجبرك غدًا جبرًا يُنسيك كل ما مضى.

ليست هناك تعليقات: