دكتور محمد الشافعي
حينما يرفع الرجل الأصلع رأسه، يكاد الضوء ينعكس عن صلعة رأسه كما لو كانت مرآة تعكس العظمة والمجد. لا فروع للشعر في هذا الملكوت المهيب، فقط أرض مستوية، لا تعكر صفوها فوضى التسريحات أو همسات الرياح. إنها صلعة تلمع كالبدر في السماء، وتجمع حولها الأعين مثلما يجتمع السحاب حول قمة الجبل.
ما الذي يمكن أن يفعله المرء حينما يفقد شعره؟ في البداية، كان يسعى للاحتفاظ ببقايا فروة الرأس، لكن مع مرور الوقت اكتشف السر: "التألق"، نعم، لأن الأصلع لا يعاني من المشاعر المتقلبة التي يتعرض لها أولئك الذين يراهنون على فرشاة الشعر. فالرجل الأصلع يرفع رأسه عالياً، وابتسامته تعلو مثل الفجر، غير عابئٍ بما كان.
بالطبع، لا يمكن أن نغفل عن لذّة السخرية التي يتبادلها أصدقاء الرجل الأصلع. بين ضحكات خفيفة ونكتة هنا وهناك، يبدو وكأن الشعر هو موضوع حديث مخلص، بينما الأصلع يحافظ على هدوئه الذي يشبه صمت البحر الهادئ. لا يتحدث عن فصول الشعر أو عن الزيت المثالي، بل عن العظمة التي تحققت له حينما قرر أن يكون هو، بلا تزييف.
وعندما يقترب منه أحدهم قائلاً: "أنتَ بلا شعر! هل هذا بسبب الطقس؟"، يرد بابتسامة ناعمة: "الجو ليس هو السبب، بل هو نتيجة لرحلة طويلة من النقاء والتصفية". نعم، فالرجل الأصلع لا يتخبط في الزمان، بل يستمتع برؤية الضوء يلامس رأسه بلطف، مع كل خطوة، مع كل غمضة عين.
في النهاية، قد تكون الصلعة هي الرفيق الأوفى، مثلما أن الذهب هو الرفيق الأفضل في الأساطير. هي لا تذبل، ولا تحتاج إلى رعاية، بل تعكس الجمال في أبسط أشكاله. فنعم، هو أصلع، ولكن العالم كله يراه أكثر إشراقاً، وأكثر تميزاً، وأقل تعقيداً من أولئك الذين يطاردون شعرهم المتمرد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق