2012-11-11

د.منى النموري...جومانجى..النسخة المصرى





محبى الأفلام الأجنبية مثلى والشباب ممن يلعبون ألعاب الفيديو يعرفون ما هى جومانجى جيداً، هى لعبة خيالية من ألعاب النرد، قامت عليه سلسلة مجلات وأفلام خيالية، ترمى النرد فيها لتتمثل لك من قلب اللعبة التى لاتزيد عن رقعة الشطرنج وحوش الغابة بكافة انواعها والصيادون والسيول و الزلازل والفياضانات وغيرها من الكوارث الطبيعية وعلى اللاعب ان يحتمل دوره الذى قد يودى بحياته أو يسجنه داخل اللعبة حتى يلعب لاعب آخر نرده ويبدأ تحدى جديد من تحديات الغابة المميتة، وهكذا تدور المغامرة حتى يخدم الحظ احد اللاعبين ويحصل على رقمين متطابقين وينطق بإسم "جومانجى" فترجع كل الحيوانات الى اللعبة فى دوامة عظيمة ثم يعود التوازن والهدوء وكأن شيئاً لم يكن. المخيف فى لعبة الغابة السحرية جومانجى انه وقتما تبدأ اللعب، ليس بإمكانك ان تتوقف إلاعندما تنتهى اللعبة وإلا إنحبست داخل عالمها السحرى..داخل الغابة المفترسة..الى الأبد!
لماذا أتذكر جومانجى الآن؟ لا أعرف..بل أعرف..جومانجى هى الصورة النفسية التى ترتسم بداخلى عن واقع المصريين اليومى، فمنذ فترة ليست بالقصيرة لنتجاوزها ولا بالطويلة لننساها ونحن نعيش واقع الوحوش الخارجة من اللعبة مع كل رمية نرد لأى لاعب منا، كل يوم هناك جديد، مخيف، لم نعهده من قبل، لانفهمه أصلاً. فما عهدك انت بغابة إستوائية سطحها أشجار كثيفة ملتفة لاترى يديك من تحتها وقاعها أفاعى الأناكوندا والمستنقعات المخيفة؟ ماعهدك أنت بالفيضانات المغرقة والزلازل المدمرة والنباتات ىكلة اللحوم؟ واقع جومانجى هذا يهدد بإختفاء عالمنا الذى نعرفه خارج حدود لعبة الغابة المسحورة تماما، كل يوم عليك ان تتساءل ماهى بالضبط الكارثة الجديدة التى ستواجهك اليوم من عالم الكوابيس الذى لم تتخيله فى أسوا احلامك؟ فمن مليونيات غريبة تنقلب كوارث إلى مبارايات كروية تنقلب مجازر الى قتلة تراهم يخرجون من محابسهم معززين مكرمين منصورين على اجسامنا الى جنود يموتون ميتات غريبة فى أرضك التى لم تد تعرف هل لاتزال أرضك أم راحت الى وعيد وتهديد للقتلة ثم الى صمت مخيف مثل صمت الصحراء الحية، الى أزمات فى سلع حيوية إلى طرق تُقطع ، الى ممتلكات تُسرق الى أخبار وحقائق تتفجر فى وجهك من إعلام لم تعد تعرف مدى مصداقيته ، وتبحث فى اللعبة حولك عن خبير مثل روبين وليامز فى الفيلم، شخص يكون قد خاض هذا من قبل فيساعدك على الفهم والتخطى فلا تجد، فحتى من يظن نفسه خبيراً قد يصبح ضحية حين يرمى النرد فى دوره وتخرج له الوحوش ويبدا اللهاث والجرى والصراخ واحيانا من تظنه خبيراً تجده هو نفسه الوحش الخارج فى اللعبة القادمة!
و المصرى البسيط فى كل هذا غارق..لايستطيع الفكاك من حدود الدوامة السحرية الفتاكة، وليس عليه إلا ان يستمر فى اللعب على أمل أن يحقق الأرقام المطلوبة ليجد نفسه ينطق " ج.و.م.ا.ن.ج.ى"..." ج.و.م.ا.ن.ج.ى" لتنغلق فتحة الدوامة بعد ان تسحب كل الوحوش ويعود التوازن مرة اخرى كأن شيئاً لم يكن..لكن إلام يعود؟ الى واقع قبل الثورة الكابوسى؟ هو أيضاً كان لعبة جومانجى، ربما نسخة أقدم، إستمرت طويلاً جدا حتى نسينا اننا فى لعبة فتاكة. هل كان هذا أفضل من واقع جومانجى الحديثة السريعة المخيف؟ لا أريد التفكير فى إجابات لهذه الأسئلة. تبدو لى الأسئلة هى أيضاً مثل وحوش جومانجى..وحوش صغيرة..نحل طنان فى أذنى. فى رأسى..فى قلبى..زززززززز....زززززززززززززز..احاول ان أفكر تفكير إيجابى عسى ان تغير طاقته الواقع المخيف..نعم (أقول لنفسى ورأسى محموم على الوسادة) جومانجى..جومانجى..عسى ان تنغلق اللعبة...جومانجى. جومانجى...مصر..مصر..مصر.

ليست هناك تعليقات: