بقلم دكتور محمد الشافعي
كرستينا... النقاء حين يتجسَّد في تلميذة
في زحام السنوات وتقلُّبات المواقف، تمرّ أمام الأستاذ وجوه كثيرة، بعضها عابر، وبعضها يبقى أثره للحظة، وقليلٌ جدًا... يترك بصمة لا تُمحى.
وها أنا اليوم أكتب عن واحدة من هذا القليل النادر...
أكتب عن كرستينا.
ليست المسألة في التفوق فقط، ولا في الالتزام الأكاديمي وحده، فهذه صفات يطمح لها الجميع.
لكن كرستينا تملك ما هو أندر من ذلك:
تملك الأخلاق التي لا تُدرَّس، والوفاء الذي لا يُطالَب به، والنقاء الذي لا يصطنع.
هي تلميذة، نعم، لكنها أكثر من ذلك...
هي ابنة فكر، وأخت في المبدأ، ورفيقة في محبة العلم.
لم أعرفها كثيرة الكلام، ولا باحثة عن أضواء، بل كنت أراها دائمًا هادئة، رزينة، منصتة بعقل، تسبقها ابتسامة حيية وتليها مواقف نُبل لا تُنسى.
حين يشعر الأستاذ أن هناك من فهمه دون أن يتكلم، وصدّقه دون أن يبرر، وآمن به دون أن يطلب، فإن في حياته تلميذة تُدعى كرستينا.
كرستينا نموذج لطالبة ليست فقط "متفوقة"، بل "وفية" بمعناها النبيل؛
تلك الكلمة التي كانت تُقال قديمًا في المجالس العتيقة، حين يُشار إلى التلاميذ النُجباء الذين ظلوا أوفياء لمعلميهم بعد أن طارت بهم الحياة في كل اتجاه.
كرستينا…
لكِ من أستاذك هذه الكلمات، لا جزاءً ولا مدحًا، بل حقًا لما زرعتيه من أثر، ووفاءً لوفائك، وتقديرًا لقلبك النقي.
دمتِ كما أنتِ…
طيبة، صادقة، نادرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق