دكتور محمد الشافعي
مأساة العلم بين يدي غير أهله: معاناة أستاذ جامعي مع تجارة المعرفة
لطالما كان التعليم رسالة سامية، وأمانة عظيمة يحملها الأساتذة على عاتقهم، ينقلون بها العلم إلى طلابهم بصدق وإخلاص، ساعين إلى تكوين أجيال قادرة على حمل المشعل ومواصلة المسيرة.
لكن هذه الرسالة النبيلة أصبحت اليوم، وللأسف، عرضة للابتذال والاستغلال من قِبَل بعض من لا يستحقون حملها، والذين جعلوا من العلم بضاعة تُباع وتُشترى، دون أدنى مراعاة لقيمته أو لأخلاقيات المهنة.
في الآونة الأخيرة، تفشّت ظاهرة خطيرة بين طلاب قسم الآثار، حيث يلجأ عدد كبير منهم إلى حضور كورسات مدفوعة لدى أشخاص لا يحملون من العلم إلا قشوره، ولا من الأمانة العلمية إلا اسمها.
ومن بين هؤلاء، نجد ح......م ور.....ي، اللذين لم يقدّما يومًا للطلاب علمًا رصينًا أو بحثًا متعمقًا، بل اكتفيا بجمع ما هو متاح من المحاضرات والمراجع، ثم إعادة تقديمه بأسلوب سطحي، لا يخلو من الأخطاء الفادحة التي تضلل الطالب أكثر مما تفيده.
إن ما يثير الاستياء حقًا هو أن هؤلاء الطلاب، الذين كان ينبغي أن يستقوا علمهم من مصدره الأصيل، أي من أساتذتهم المختصين، أصبحوا يقعون ضحية لمن يستغلهم ماديًا، فيوهمهم بأن تلك الدورات ضرورة لا غنى عنها، بينما هي في الحقيقة مجرد تكرار مشوّه لما يُدرّس لهم في قاعات المحاضرات.
بصفتي أستاذًا في قسم الآثار، فإن انزعاجي من هذه الظاهرة لا ينبع من موقف شخصي، بل من إحساس عميق بالمسؤولية تجاه طلابي ومستقبلهم العلمي.
فعندما يعتمد الطلاب على مصادر ضعيفة المستوى، فإنهم يرسّخون في أذهانهم مفاهيم خاطئة، تؤدي إلى تراجع مستواهم الأكاديمي والفكري، كما أن هذا الأمر يهمّش دور الأستاذ الجامعي، الذي قضى سنوات طويلة في البحث والدراسة، ويمتلك الأدوات العلمية والمنهجية السليمة لتقديم المعلومة الصحيحة.
لكن حين يصبح الطلاب أسرى لمن يبيعون لهم المعلومة بثمن، فإن دور الأستاذ يتراجع، ويصبح العلم مجرد سلعة لا قيمة لها إلا بما يُدفع مقابلها.
لا يمكن القبول بأن يصبح التعليم فرصة للربح السريع، حيث يتم استغلال الطلاب واستنزاف أموالهم في كورسات وأوراق لا تضيف إليهم جديدًا.
إن الجامعة هي المكان الطبيعي للتعلّم، وما يقدّمه الأستاذ داخلها هو ما يجب أن يُعتمد عليه بالدرجة الأولى. إن هذه الظاهرة تعكس أزمة أعمق، وهي أن بعض الطلاب لم يعودوا يدركون قيمة التعلّم الحقيقي، بل أصبحوا يبحثون عن الطرق الأسهل والأسرع، حتى وإن كان ذلك على حساب جودة المعلومة.
رسالتي إلى طلاب قسم الآثار، وإلى جميع الطلاب في مختلف التخصصات، هي أن يعودوا إلى أساتذتهم الحقيقيين، وألّا ينخدعوا ببريق الدورات المدفوعة التي لا تهدف إلا إلى تحقيق الربح. العلم لا يُشترى، بل يُكتسب بالسعي والبحث والاجتهاد. كما أنني أدعو زملائي من أعضاء هيئة التدريس إلى مواجهة هذه الظاهرة، والعمل على تعزيز ثقة الطلاب في أساتذتهم، من خلال تقديم المادة العلمية بأسلوب ممتع وجذاب، يجعل الطالب أكثر رغبة في التعلم داخل القاعة، بدلًا من اللجوء إلى مصادر مشوّهة لا تليق بمستوى التخصص الأكاديمي.
لذا سيبقى الأستاذ الجامعي هو المرجع الأول والأجدر بالاتباع، وسيبقى العلم الحقيقي أقوى من أي تجارة زائفة، طالما وُجد من يدافع عنه، ويصونه من عبث الطامعين.
هناك 5 تعليقات:
أتفق جدا وأولي كامل احترامي اليك دكتوري الفاضل لطالما كانت الجامعات هي المصدر الرئيسي لتلقي المعلومه ولا أعترف بغير ذلك ولكن أصبح الاهتمام في قسم الاثار يولي لمن هم يعتمدون الكورسات الخارجيه بحجه انهم من اوائل الطلبه ولم يعد هناك ادني اهتمام للطالب الذي يحاول أن يتلقي معلوماته من الاساتذه بحجه انه لم يؤدي ما هو مطلوب ف الامتحان فحين يقال لنا ان نلتزم وندرس بجد للحصول علي اعلي التقديرات نفعل ولا يحدث ف الجهه الاخري نري طلاب الكورسات هم من يحصلون علي هذه التقديرات فماذا لنا ان نفعل
ربنا يبارك فحضرتك يدكتور ويخليك لينا وتفضل خير مُعلم واب لينا ♥️
فعلا والله ى دكتور كلامك كله صحيح
يجب علينا فعلا نرجع للاساتذه والدكاترة مش للكرسات
فعلاا يادكتور كلامك حضرتك صحيح وحضرتك خير معلم وربنا يبارك في حضرتك ♥️
اتفق الرأي مع حضرتك جدا مينفعش بالذات في الوقت دا انه يتم استغلال الطلاب من اجل الربح المادي وبالإضافة الي تشويه المعلومه وسطحيتها وبالتالي نسيانها سريعا وبالتالي لم يعود بالنفع في الحياة العمليه او الثقافيه لزام فعلا التعليم يبقي ممتع وشيق مش مجرد حفظ وتلقين لازم العلم يبقي بحث في المعرفه
بالتوفيق يا استاذي الفاضل❤️
إرسال تعليق