2012-01-03

دراسة مقارنة حول المؤثرات المتبادلة بين مصر والعراق


دراسة مقارنة حول المؤثرات المتبادلة بين مصر والعراق منذ عصور ماقبل الاسرات حتى مطلع الدولة القديمة من خلال الأدلة الآثرية

بحث من إعداد الباحث الأثري

محمود رزق


المقدمة:-
ترجع علاقات مصر والعراق إلى عصور ما قبل التاريخ وبالطبع فان ما يميز أي علاقة بين بلدين هو وجود التبادل التجاري وانتقال بعض العادات والتقاليد المشتركة بينهم وقد دفع ذلك بعض المتعصبين لحضارة العراق آن يجعلوا منها آم الحضارات رغم سبق حضارة مصر وغيرها من حضارات بلدان الشرق الأدنى القديم لحضارة العراق وقد اعتمدوا على بعض الآثار القليلة لآثبات تأثر حضارة مصر بحضارة العراق ومن بعض تلك المؤثرات:-

- وجود فن المشكوات بالعمارة المصرية وتأثره بفن الزقورات العراقية.

- تشابه مقصورة تل أوتير بجنوب بلاد ما بين النهرين مع رسوم هيراكونبوليس.

- احدي قطع التسلية التي ترجع إلى العصر الثينى.

- مسألة التضحية البشرية وانتقالها لمصر في العصر الثينى.

- أختام جرزة و الاوانى الفخارية ذات الصنابير المائلة والأذان المثلثة.

- الصلايات وما عليها من رسوم لحيوانات خرافية عراقية.

- سكين جبل العركى وما عليها من نقوش تدل على تأثر الفن المصري بالسومري.

- الأصل السومري للهيروغليفيات المصرية.

وسوف نتناول كل ذلك بوضوح مع القيام بتحليله وشرح جوانب الخطأ فيه من خلال الأدلة التاريخية والأثرية.

مضمون البحث:-

ترجع علاقات مصر مع العراق إلى عصور ما قبل الآسرات،فقد كان هناك تشابه كبير في فن كل من البلدين،تشابه في العمارة (المقابر) والأختام الأسطوانية وخاصة في تمثيل الحيوانات بأسلوب ضخم و أسطوري أحيانا وأكثر وضوحا بحيث نلمس أن بعض الأشخاص كان لهم نفس الزى و يسكنون نفس المساكن وبوجه عام كان هناك تطور متشابه و تعاصر في كلتا الحضارتين ،وبعد هذه الفترة يبدو آن الاتصال قد توقف قليلا لفترة ما انطوت مصر على نفسها ويبدو أنها اكتفت بالعلاقات التجارية (1) علي أنة من الجدير بالإشارة آلي آن هناك من هذه الفترة(جمدة نصر) مؤثرات حضارية من العراق القديم ،لم يكشف بعد عن مؤثرات مصرية في بلاد النهرين تنتمي إلى نفس الفترة و يعلل البعض ذلك بسبب صعوبة الملاحة من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض بسبب التيارات البحرية الشديدة في منطقة باب المندب ،غير آن الصلات المصرية البشرية الحامية ،فضل عن الجوانب الحضارية مع شرق أفريقيا،و خاصة الصومال(2) في طلب البخور اللازم للطقوس الدينية المصرية،إنما تأكد قدم تلك الصلات التي استخدمت فيها الطرق البرية والبحرية(3) وتذكر نيقولا جر يمال (آن الانتقال من عصور ما قبل التاريخ الى العصور التاريخية جاء نتيجة تطور بطئ ،ولم يحدث- كما ساد الاعتقاد ردحا من الزمن- نتيجة طفرة حادة جلبت معها أساليب تكنولوجية جديدة -لاسيما في مجال التعدين وبني المجتمع.

ونذكر فيما يعنينا تنظيم المجتمع في حواضر زراعية ،و الطوب فالكتابة،وكلها عناصر تنسب أصولها إلى بلاد النهرين. لا لسبب آلا لأنها ظهرت هناك في نفس الفترة .في حين يبدو من الأسهل و البسط إرجاعها إلى أصل مشترك هو "نمط الإنتاج الآسيوي".(4)

و مع تسليمنا بان الحضارة ومظاهرها عرضة للنقل من مكان إلى آخر،ولا يعيب أي حضارة آن تتأثر بغيرها آو تأخذ وتعطى،فالمؤثرات الحضارية عادة تنتقل من مكان إلى آخر وهى ملك للإنسانية جمعاء،وفى الوقت التي وصلت فيه الحضارة السومرية غاية تقدمها في مختلف الميادين،فلا يمكن مقارنتها بحضارة مصر التي حققت الوحدة بين ربوعها في القرن الحادي والثلاثين(قبل الميلاد)وحققت تفرد معماري حوالي عام(2700ق.م)في عصر الأهرامات.

وتقدم في فن النحت والفلك وكافة العلوم،ولعل آلاف الآلاف من القطع الأثرية المختلفة والنصوص الأثرية لتقف شاهدا علي مدى ما بلغته الحضارة المصرية في جميع النواحي الحضارية.(5)

وسوف نقوم بعرض تلك المؤثرات وتحليلها مع عدم الإنكار أنها استوردت في البداية من الخارج لكنها تطورت داخل البيئة المصرية لتعبر عن أحوال مصر فان نظرنا إلى العمارة على سبيل المثال:-

يذكر سيتون لويد"آن أحد مظاهر التأثير هو تأثير معابد بلاد الرافدين المبنية من القراميد على التصميمات المعمارية لقبور عصر ما قبل السلالات الفرعونية في مصر".(6)

فعلى هذا" قد اتجه بعض الباحثين إلى القول بان فكرة الهرم المدرج مستوحاة من الفن العراقي القديم و المتمثل في شكل الزاقورات،ومازال هذا الرأي في حاجة إلى دراسة مستفيضة(7) ولمناقشة هذه النقاط فان التطور الإنساني وما صحبه من تعبير فني إنما هو نابع من البيئة المصرية،وحتى العلماء الأجانب الذين أافترضوا في البداية التأثير الوافد من الخارج، عدلوا عن أرائهم وتوصلوا في النهاية إلي الأصل المصري الصميم،ومن هؤلاء العلماء فلندرز بترى وغيره،وحتى في مسألة المشكاوات (8) ففي الوقت الذي بلغت المدن السومرية أوجهها في القرن (24ق.م)كانت مصر من الناحية التاريخية قد قطعت شوطا طويلا ووصلت إلى نهاية عصر الدولة القديمة،واستخدمت المشكاوات في كثير من نشاطها المعماري داخل المقابر الملكية والمعابد والأسوار، بينما اقتصرت في سومر فقط في المعابد. (9)

و يحدثنا دكتور عبد الحميد زايد عن أن العلاقة بين مصاطب نقادة المصنوعة من الطوب الني ومعابد بلاد ما بين النهرين المصنوعة من الطوب الني أيضا والتي تتكون من الدخلات والخارجات مثل التي وجدت في نقادة،علاقة وطيدة، وقد رجح فريق كبير من علماء الآثار قدم عمارة بلاد مابين النهرين عن مصاطب نقادة المصرية،ولكن من الجائزان هذا الطراز(الدخلات و الخارجات)عرف في مصر السفلى،والتي عظي طمي النيل الكثير من حضارتها،ونحن نعلم أن حضارة الدلتا سبقت حضارة الصعيد.

وإذا صح تصورنا هذا،فمن الجائز أن هذا الطراز نقل من مصر السفلي إلي مصر العليا،ويصبح طراز هذه المقابر التي كشفت عنها في نقادة الثانية مأخوذة من مصر،و يصبح هذا الطراز مصريا في الأساس،و إن هذا الطراز نشا في كل من بلاد ما بين النهرين و وادي النيل علي حده.(10)

فبينما كان فراعنة مصر يشرعون في بناء مقابرهم حين يرتقون العرش،ثم يأخذون في تكبيرها وتقويتها سنة بعد سنة لجعلها لائقة بمثواهم الأبدي،كان ملوك الأشوريين يشيدون على وجه السرعة قصورهم لتكون شاهدة على ما كانوا ينعمون به من المجد في حياتهم القصيرة على الأرض.

لذلك لم يكن لديهم متسعا من الوقت لكي يهتموا بحفر المغاور في بطون الجبال،وجلب الأحجار الضخمة بعد قطعها ونحتها في أقاصي البلاد كما كان يفعل المصريون،بل كان يملآ ون السهول بآلاف العبيد و أسرى الحرب يسخرونهم في ضرب الطوب الذي كان يصنعونه على عجل من معجون الرمل والطين ليشيدوا به أبنيتهم الفخمة المنظر،دون أن يحسبوا حسابا لخلودها(11)ولولا أن هذه الأبنية قد طمرتها رمال الصحراء فحفظتها من الدثور،لكانت أصبحت آثرا بعد عين منذ أقدم الأزمان. ولكن هذا هو مصيرها العاجل ألان بعد أن رفع عنها دثارها وتعرضت لتقلبات الطبيعة.(12)

أن المقصورة المزخرفة التي عثر عليها في تل أوتير بجنوب بلاد ما بين النهرين تتشابه تقريبا مع رسوم هيراكونبوليس بمصر العليا،وهما من أواخر الألف الرابعة قبل الميلاد(3200ق.م)علي وجه التقريب فعناصر الرسوم في كل من بلاد مابين النهرين و مصر واحدة تقريبا.

وهي تشابه أيضا ما وجد من رسوم بوسط الأناضول في كتاك هيوك بإقليم كونيا(13)ورغم اكتشاف العلماء مدينة نينوى و ما بها من قصور سرجون وسنحاريب و أشور بانيبال وغير ذلك،و مع أن ما اكتشفوه قد القي نورا أضاء تاريخ المدنيات البشرية،ولكن لا يصح أن نقدر خرائب نينوي وبابل كمثيلاتها في طيبة أو تدمر((palmyra.ومع ذلك نرى أن السائح يقف أمام تلك الأطلال ذاهلا لا مندهشا لما يشاهده فيها من دلائل العظمة وآيات الفن،فيذكر اسمي "نينوس"(ninus) و"سميراميس"(semiramis) وما كان لهم من المجد والعظمة علي ضفاف نهرى دجلة و الفرات،ولكنه مع كل ذلك لا يشاهد في ما بين النهرين ما يشاهده في وادي النيل من الأعمدة الشامخة والتماثيل التي لا تزال رغم تشويهها تلقي في النفس روعة ومهابة.وكذلك الأبراج ذات القواعد الوطيدة ، و تماثيل أبي الهول التي لم تستطع القرون أن تعبث بوجوهها الحجرية،وكل هذه تذكرة الإنسان بضالته وسرعة زواله.(14)

و أن ذهبنا للأدب "فان قصص الطوفان - رغم كثرتها وسعة انتشارها - فأنها تختلف فيما بينها اختلافا كثيرا،فضلا عن أن قسما منها أساطير،وضعت وضعا لتفسير بعض العوارض الأرضية كالمنخفضات الواسعة في البلاد التي وضعت في تلك الأساطير،هذا إلى جانب انه ليست هناك رواية واحدة أصلية عن الطوفان الكبير دونت في أفريقيا،فمثلا ليس هناك من اثر لهذه القصة في الأدب المصري القديم - و هو دونما ريب أهم الآداب الأفريقية أكثرها أصالة دون منازع - (15) بينما و جدت ثلاث قصص للطوفان بالعراق في سومر وبابل وأشور(16)ومن الوثائق التي يتم الاستشهاد بها مررا وتكررا للبرهنة علي تأثيرات بلاد النهرين احدي قطع العاب التسلية،التي ترجع إلي العصر الثيني وقد تم اكتشافها في أبو رواش.

وتمثل منزلا غطيت مبانيه بسقف له انحدار مزدوج،خصص لانسياب مياه الأمطار. ولكن هذا المثال لا يعتبر برهانا سديدا.فالي جانب انه من الممكن اعتباره مجرد قطعة مستوردة أو غريبة بقدر غرابة الختم الاسطواني. ألا انه لا ينبغي أن يغيب عن ذهننا أن مصر كانت عرضة هي الأخرى لهطول أمطار غزيرة.(17)

و أما بالنسبة لمسالة التضحية البشرية التي كان يلجا إليها حكام سومر بدفن أتباعهم معهم عند الوفاة،بينما في مصر لم نري أمثلة لها بعد نهاية الأسرة الأولى.(18)مع الوضع في الاعتبار الرأي القائل بان دفن الخدم والأتباع حول مقبرة صاحب المقبرة كان يتم قبل وفاته،وهناك رأى أخر بان هؤلاء الأتباع كان يتم دفنهم عند وفاتهم حول سيدهم بعد وفاته، كما كان الحال من دفن رجال الحاشية و زوجات الملك عند وفاتهم حول مقابر الملوك في الجيزة.(19)

و تحدثنا سابقا عن تميز حضارة جمدة نصر بازدياد مجالات الصلات الخارجية،و التي امتدت حتى مصر وبلاد السند، والتي بدأت مع مصر منذ عصر التأسيس وأثنائه،و قد أشار كثير من الباحثين إلي هذه الصلات،(20)اعتمادا علي مجموعة الاوانى الفخارية ذات الصنابير المائلة،فضلا عن ذات الأذان المثلثة في المستجدة و البدا ري،بمحافظة أسيوط، والتي تنتمي إلي حضارة جمدة نصر، هذا إلي جانب الأختام الاسطوانية الأربعة التي عثر عليها في ((جرزة))بمحافظة الجيزة،و في نجع الدير بمحافظة سوهاج،و التي تنتمي إلي حضارتي الوركاء و جمدة نصر في العراق القديم(21) و أن وجود تلك الأختام الاسطوانية (22)في مصر ترجع إلي عصر "جمدة نصر" في بلاد النهرين(منتصف الألف الرابعة) أن دل على شيء، كما يلاحظ جان فيركوتير(1987,101sq.)J.vecoutter فإنما يدل علي وجود علاقات تجارية تأكدت أيضا مع سوريا وفلسطين و مع ليبيا والجنوب ، ولا يمكن الاستناد إلى شهادات منفصلة للبرهنة على مثل هذا الغزو.

صحيح أن أسلوب زخرفة سكين جبل العركى و المحفوظ حاليا في متحف اللوفر،يشبه زخارف بلاد النهرين،و لكنه المثال الوحيد في سلسلة المصنوعات العاجية ذات التصاوير و الموثقة توثيقا جيدا(vandier:1952,533-560)وحتى وان لاحظنا ظهور نفس هذا الموضوع في"المقبرة ذات الزخارف" في مدينة هيراكونبوليس بأسلوب اقل نمطية(23) و بالنسبة لتلك الأختام فقد أثبتت موضوعاتها أنها نابعة من البيئة المصرية ، وإنها تطورت التطور الطبيعي،مع عدم الإنكار من وصول الأختام الاسطوانية،إلي مصر وغيرها من بلدان الشرق الأدنى القديم عن طريق التجارة(24)

إن لدينا هنا أصول اللوحات الرائعة المنحوتة،التي لم يبق منها سوى ثلاث عشرة،بما في ذلك بعض القطع المكسورة، و تشير الدقة التي تمت بها صياغتها الفنية، وكذا النقوش التي تملا ساحتها كلها،ثم حجم أكبرها،إلي أنها قطع نذريه لم تشكل بقصد استعمالها.

و قد جرى التفكير حين عثر علي أول نماذجها،انه ليست صناعة مصرية علي الاطلاق ،ولكن هذه الشكوك تلاشت بعد الكشف في عام 1897،عن قطعتين أخريين في معبد((نخن)) هيراقونبوليس = البصيلية (25) أحداهما لوحة نعرمر (26) المشهور وأصبح من الواضح ألان أن هذه اللوحات التذكارية ترجع إلى أخر عصور ما قبل الأسرات - أن لم ترجع في بعض الحالات إلي عصر ما قبيل الأسرات – و لعل أهم تجديد فيها هو نماذج الكتابة الهيروغليفية بها ، وهو شحيح ، وان كان غير قابل للشك.(27)

و إما ما ذكر حول الحيوانات الخرافية من تأثير، فيري دكتور حسن السعدي ان كم الحيوانات الخرافية المصورة علي أهم مصادر تلك الفترة ونعنى بها الصلايات والسكاكين و المخلفات العاجية، كانت لتثبت إن هناك مواجهات قتالية قد تمت في الصحراء أو أنها ذات دلالات رمزية تصب في قضية الوحدة مثل تمثيل المواجهات بين الحيوانات المقدسة في الإقليم والتي تتخذها شعارا لها.

أو أنها أيضا تمثل مواجهة بين الإنسان و الصعوبات الكونية المختلفة التي كان عليه أن يتغلب عليها لتحقيق الوحدة، مثل صلاية نعرمر و صلاية الصيد والعقبان والثيران وسكين جبل العركى.(28)

ويعد سكين جبل العركى من أشهر الأعمال الفنية التي ترجع إلى أواخر عصر ما قبل الأسرات (حضارة جرزة) و التي صنعت يدها من العاج،أما نصلها فقد صنع من حجر الصوان، وعلى احدي وجهي المقبض نرى في الطرف الأعلى منظر يمثل صراعا بين رجل و أسدين، وشكل الرجل غريب إذ يرتدي عمامة وثوب طويل ويكاد يجمع الباحثون أن هذا المنظر لذو تأثير أجنبي وخاصة من بلاد ما بين النهرين(العراق القديم)،والأقرب إلى الصواب هو افتراض ان الفنان المصري قد استوحاها من اثر عراقي وصل إليه عن طريق التجارة وقلدها على مقبض سكينة،إما الوجه الأخر للمقبض فقد حفرت عليه مناظر تمثل معركة مائية إذ نرى مجموعة من المراكب قد حفرت أسفل مجموعة من الرجال التي دارت بينهم الحرب.(29)

والموضوع الأخر هو الجدل حول مقولة أن الكتابة الهيروغليفية قد تأثرت بمعرفة المصريين القدماء لخبرات السومريين في هذا المجال ،لقد أصبح هذا الأمر مقبولا بصورة اكبر بسبب اكتشاف الكتابة التصويرية المشابه للكتابة في بلاد الرافدين في أماكن بعيدة كرومانيا من جهة وحدود بلوشستان من جهة أخرى.(30)

لكن اللغة المصرية القديمة اتسمت بالتميز اللغوي في احتفاظها بمبادئ النحو و الصرف اختلفت بها عن غيرها من لغات العالم القديم ، ورغم هذا التميز و لان مصر كانت حضاريا وجغرافيا عضوا في جسد الشرق الادني القديم وذات صلات متفاوته مع جزر البحر المتوسط وشمال افريقيا وبحكم الانفتاح الحضارى الناتج عن علاقات تجارية او عسكرية لمصر مع جيرانها – كان لابد من ان تدخل اللغة المصرية القديمة في دائرة التاثير المتبادل، ومن ثم فقد تضمنت قواعد ومفردات تشير الى قيام علاقات قوية مع جيران مصر من اصحاب المجموعة السامية في الشمال الشرقي و اصحاب المجموعة الحامية في الغرب وفي الجنوب والجنوب الغربي.(31)

وقد وضع ا.ودال جداول يوضح فيها الأصل السومري للهيروغليفيات المصرية.(32)وسوف يتم عرض الجداول في نهاية البحث، وعلي الرغم من قلة انتشار اللغة المصرية القديمة برسوماتها الحيوانية والنباتية، وأشكالها الزخرفية المعروفة في أقطار الشرق القديم كما انتشرت بعد الوحدات الزخرفية،فنجدها أن صح -رأينا- تطورت إلى اللغة الفينيقية، ثم إلى اللغات الأخرى بينما نجد المسمارية الأكادية واللغة الآرامية انتشرت كلتاهما عبر الشرق الأدنى في فترة من فترات التاريخ.

فقد غزت المسمارية الأكادية البلاط الفرعوني،كما وصلت الارمية إلى مصر ،وكشفت وثائق أرامية في أسوان(33)،وفي النهاية يمكننا ملاحظة أن الحضارة في مصر أو في العراق لم تتطور بمعزل عن الأخرى في الشرق الأدنى القديم، وإنما تم التطور في تعاصر و تعاقب حافظت كل حضارة خلال المراحل المختلفة علي هويتها وأصالتها بالنسبة للحضارات الأخرى القريبة منها.(34)

الخاتمة:-

يبدو واضحا ألان آن ما كان بين مصر والعراق هو مجرد علاقات ودية نتج عنها تبادل تجارى بين البلدين انتقلت معه تلك الأواني والسكاكين والأختام آما الباقي فهو نابع من البيئة المصرية لا محال وربما نفس الأمر بالنسبة للأختام وسكين العركى خاصة و انه كما ذكر آن مصر سبقت العراق بكثير في العمارة والفنون فقد وصلت مصر ذروة تقدمها في الوقت التي وصلت في العراق لوضع خطوتها الأولى في قيام دولة مكتملة بها وكانت هي دولة سومر.

ويظهر ذلك في الآثار التي تركها كل من البلدين سواء مصر آو العراق وتدل آثار مصر وخلودها على مدي تقدم المصريين في شتى المجالات الفلك والعمارة والحساب والمساحة والهندسة والطب والكيمياء وغير ذلك علي عكس العراق التي تميزت بالعمارة فقط وحتى مباني تلك العمارة سريعة الزوال فحينما نتحدث عن مصر يجب آن نذكر ما حسبوه ملوكها لتصبح حضارتهم خالدة تشهد بعظمتهم وحكمتهم البالغة مما جعلهم يسبقون شعوب وحضارات العالم القديم المعاصرة لهم.

تم بحمد الله

محمود محمد رزق


ب2

ج1

ج2

د1
د2
ه1
ه2
صلاية نعرمر (الوجه)
صلاية نعرمر (الخلف)
صلاية الاسود (منظر يصور اسد مطعون بالسهام)
هرم زوسر المدرج في سقارة
سكين جبل العركى
المصنوع من العاج
هوامش البحث:-

1- رمضان عبده علي ،تاريخ الشرق الأدنى القديم وحضارته: منذ فجر التاريخ حتى مجيء الأسكندر الأكبر،الجزء الأول،ص289-290،دار نهضة الشرق،القاهرة،2002.

2- كانت لمصر صلات عديدة مع بلدان العالم القديم ومنها بونت (الصومال) وقد سجلت تلك الصلات مع بلاد بونت علي جدران المعابد وبعض اللوحات التي تدل على استخدام المصريين السفن في ركوب البحر الأحمر ولمعرفة ذلك بوضوح أنظر:-

- حسن محمد محي الدين السعدي..محمد علي سعد الله،في تاريخ مصر في العصر الفرعوني: من الدولة الحديثة وحتى نهاية الأسرات ،ص54-55، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية،2006.

- عبد المنعم عبد الحليم سيد،الكشف عن موقع ميناء الأسرة الثانية عشر الفرعونية في منطقة وادي جواسيس علي ساحل البحر الأحمر:تقرير عن حفائر بعثة قسم التاريخ بكلية الآداب في الصحراء الشرقية خلال موسمي عامي 1976 و 1977، دار المؤيد للطباعة، الإسكندرية 2006.

3- محمد بيومي مهران،تاريخ العراق القديم،ص48، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية 1990.

4- نيقولا جريمال، تاريخ مصر القديمة، ص39، ترجمة: ماهر جويجاتى، مراجعة: د/زكية طبوزاده، دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع.

5- محمد بيومي مهران..محمد علي سعد الله، دراسات في عصور ما قبل التاريخ، ص425-426، دالر المعرفة الجامعية، الإسكندرية 2005.

6- سيتون لويد، أثار بلاد الرافدين:من العصر الحجري القديم حتى الغزو الفارسي، ص85، ترجمة: محمد طلب، مطبعة: الشام - فايز جوهر، دمشق 1992-1993.

7- محمود الجزار..عصام السعيد،المعالم الرئيسية للعمارة والفنون في مصر القديمة، ص188، دار المؤيد للطباعة، الإسكندرية 2006.

8- هي نظام الدخلات و الخرجات،والمعروف في الفن العراقي باسم الزقورات.

9- محمد بيومي مهران..محمد علي سعد الله، المرجع السابق،2269-227.

10- عبد الحميد زايد، انتشار التراث المصري الفرعوني في العالم،ص4-5.

11- كان إيمان المصري القديم بالبعث والخلود علي عكس العراق وإلوهية الملك عند المصريين سببا رئيسيا في تقدم العمارة المصرية فهم يبنون ويشيدون من أجل خلود ملكهم في العالم الأخر تلك العمائر الدينية من معابد ومقابر وأهرامات وتماثيل والتي سوف تضمن لهم إن خلد الملك الإله فأنهم سوف يخلدون معه في العالم الأخر لرعيته مما جعلهم يبذلون أقصي جهدهم لكي تعيش تلك البناءات وتدوم حتى الخلود والبعث وكذلك أن إرضاء الملك الإله أرضاء للآلهة مما دفعهم للعمل بجد.

انظر:

- حسن محمد محي الدين السعدي..محمد علي سعد الله، موضوعات في ديانة مصر القديمة، الفصل الثاني: مفهوم المثل العليا، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 2005.

12- جوستاف لوبون، حضارة بابل وأشور، ترجمة: محمود خيرت، ص107، المطبعة العصرية، القاهرة، 1947.

13- عبد الحميد زايد، المرجع السابق، ص5.

14- جوستاف لوبون، المرجع السابق، ص105-106.

15- محمد بيومي مهران، المرجع السابق، 75.

16- انظر: طه باقري، مقدمة في أدب العراق.

17- نيقولا جريمال، المرجع السابق، ص39.

18- أن بتري اكتشف في حفائره سنة 1922 في (أبيدوس) أن ملوك الأسرة الأولى دفنوا معهم رجال حاشيتهم أحياء حتى يظلوا علي مقربة من ملكهم الإله لمصاحبته وخدمته في العالم الأخر، غير أن عادة التضحية البشرية اختفت من مصر ولم تظهر بعد ذلك واستعيض عنها بتواجد تماثيل الخدم في المقابر مع استمرار تقديم القرابين اللازمة .

-حسن محمد محي الدين السعدي..محمد علي سعد الله، المرجع الثاني، ص112.

19-محمد بيومي مهران..محمد علي سعد الله، المرجع السابق،ص427-428.

20- محمد بيومي مهران، المدن الكبرى في مصر والشرق الأدنى القديم، ص186-187، ج2، الشرق الأدنى القديم، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 2006.

21- محمد بيومي مهران، المرجع الأول، ص49.

22-الأختام الاسطوانية: هي عبارات عن اسطوانة حجرية مغطاة برسوم تصور أشكال حيوانية و إنسانية و موضوعات متعددة، تعددت الهدف الأول من صنعها و هو التعبير عن الملكية الشخصية، حيث جرت العادة بالتوقيع علي الوثائق و الأختام، وكان يحفر ثقب في الاسطوانة علي طول محورها يمكن إدخال حبل فيه، فتحمل الاسطوانة معلقة في الرقبة، وقد انتشرت الأختام الاسطوانية عن طريق التبادل التجاري والهدايا إلي الجزء الشمالي من بلاد العراق ومنها إلى بلاد الشام ومصر أنظر:

-محمد علي سعد الله، العراق - سورية - أسيا الصغرى:دراسات تاريخية وحضارية، ص 40-41، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 2003.

23- نيقولا جريمال، المرجع السابق، ص 39.

24-محمد بيومي مهران . محمد على سعد الله، المرجع السابق، ص427.

25- نخن كان الاسم المصري القديم للإقليم و الذي أطلق علي أقدم عاصمة له وقد ترجمه "كورت زيته بمعنى الحصن" وترجمه "هيرمان كيس بمعنى طفولة الرب" وكان لهم اسم أخر هو نخن الذي عثر علية "دارسي" في لوحة بمنطقة دندرة ترجع للعصور المتأخرة من تاريخ مصر وقد سميت في العصر الإغريقي باسم "هيراقونبوليس" بمعنى مدينة الصقر (مدينة المعبود حور) ويعرف موقعها الحالي باسم "الكوم الأحمر" بيد انه نظرا لان غيرها من المواقع تحمل ذات الاسم، فقد ذهب دكتور محمد بيومي مهران إلى تسميتها باسم البلد الذي تقع فيه و الذي يطلق عليه عادة اسم المنطقة كلها بما فيها الكوم الأحمر وهو "البصيلية"

أنظر:-

- حسن محمد محي الدين السعدي، حكام الأقاليم في مصر الفرعونية: دراسة في تاريخ الأقاليم حتى نهاية الدولة الوسطى، ص41-42، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 2005.

- نخن: عاصمة الجنوب قبل الوحدة بمصر واسم الإقليم في العصر اليوناني والروماني هو هيراكونبوليس و أليتياسبوليس أما حاليا الكوم الأحمر و آلهة الإقليم هم نخبت و حورس.

انظر: عبد الحليم نور الدين، اللغة المصرية القديمة: العصر الوسيط، ص 318-326، مطبعة فاروس، الطبعة السادسة، الإسكندرية 2006.

26- أخذت مصر من العراق القديم أشكال هذه الأختام والرسوم الموجدة عليها، منها ما هو علي هيئة حيوانات خرافية لها رقاب طويلة تنتهي برأس أسد مثل تلك التي نراها في صلاية نعرمر المشهورة وصلاية متحف أشموليان.

أنظر: عبد الحميد زايد، المرجع السابق، ص4.

27- محمد بيومي مهران..محمد علي سعد الله، المرجع السابق، ص282-283.

28- حسن محمد محي الدين السعدي، في تاريخ مصر الفرعوني، ج1 ، من البدايات الأولي وحتى طرد الهكسوس، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية 2005.

29- عبد الواحد عبد السلام إبراهيم، المدخل إلى دراسة الآثار المصرية القديمة، ص24-25، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية،2005م.

30- سيتون لويد، المرجع السابق، ص85-86.

31- عبد الحليم نور الدين، الخط اليموطيقي، الخليج العربي للطباعة و النسر، القاهرة،2007م.

32- انظر:

ا.ودال، الأصول السومرية للحضارة المصرية،ترجمة: زهير رمضان،الأردن-عمان الأهلية للنشر والتوزيع: المملكة الأردنية الهاشمية.

33- عبد الحميد زايد، المرجع السابق،ص2.

34- محمد بيومي مهران..محمد على سعد الله،المرجع السابق،ص428.

المراجع العربية:-

1- تاريخ الشرق الأدنى القديم وحضارته:منذ فجر التاريخ حتى مجيء الأسكندر الأكبر،الجزء الأول،رمضان عبده على،دار نهضة الشرق،القاهرة.يناير2002

2- في تاريخ مصر في العصر الفرعوني:من الدولة الحديثة وحتى نهاية الأسرات،حسن محمد محي الدين السعدي.محمد علي سعد الله،دار المعرفة الجامعية،الإسكندرية 2006.

3- الكشف عن موقع ميناء الأسرة الثانية عشرة الفرعونية في منطقة وادي جواسيس على ساحل البحر الأحمر:تقرير عن حفائر بعثة قسم التاريخ بكلية الاداب في الصحراء الشرقية خلال موسمي عام (1976-1977)،عبد المنعم عبد الحليم سيد،دار المؤيد للطباعة،الاسكندرية2006.

4- تاريخ العراق القديم،محمد بيومي مهران،دار المعرفة الجامعية،الاسكندرية1990

5- دراسات في عصور ما قبل التاريخ ، محمد بيومي مهران.محمد علي سعد الله ، دار المعرفة الجامعية ، الاسكندرية2005.

6- المعالم الرئيسية للعمارة والفنون في مصر القديمة،محمود الجزار.عصام السعيد، دار المؤيد للطباعة،الإسكندرية 2005.

7- انتشار التراث المصري الفرعوني في العالم ، عبد الحميد زايد.

8- موضوعات في ديانة مصر القديمة،حسن محمد محي الدين السعدي.محمد علي سعد الله، دار المعرفة الجامعية ، الإسكندرية 2005

9- مقدمة في أدب العراق ، طه باقري ، بغداد 2002

10- المدن الكبرى في مصر والشرق الأدنى القديم،الجزء الثاني،الشرق الأدنى القديم،محمد بيومي مهران، دار المعرفة الجامعية،الإسكندرية 2006.

11- العراق - سورية - أسيا الصغرى:دراسات تاريخية وحضارية،محمد علي سعد الله،دار المعرفة الجامعية،الإسكندرية 2003

12- حكام الأقاليم في مصر الفرعونية:دراسة في تاريخ الأقاليم حتى نهاية الدولة الوسطى،حسن محمد محي الدين السعدي،دار المعرفة الجامعية،الإسكندرية 2005

13- اللغة المصرية القديمة: العصر الوسيط،عبد الحليم نور الدين،مطبعة فاروس ، الإسكندرية 2006.

14- في تاريخ مصر الفرعوني،الجزء الأول(من البدايات الأولى وحتى طرد الهكسوس)، حسن محمد محي الدين السعدي،دار المعرفة الجامعية،الإسكندرية 2005

15- المدخل إلى دراسة الآثار المصرية القديمة،عبد الواحد عبد السلام إبراهيم،دار المعرفة الجامعية،الإسكندرية 2005م - 1425هجريا.

المراجع المترجمة:-

1- تاريخ مصر القديمة،نيقولا جريمال،ترجمة: ماهر جويجاتى،مراجعة:د/ زكية طبوزادة،دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع

2- أثار بلاد الرافدين:من العصر الحجري القديم حتى الغزو الفارسي،سيتون لويد، ترجمة:محمد طلب،مطبعة:الشام-فايز جوهر،دمشق 1992-1993

3- حضارة بابل وأشور،جوستاف لوبون،ترجمة:محمود خيرت،المطبعة العصرية،القاهرة 1947.

4- الأصول السومرية للحضارة المصرية،أ.ودال،ترجمة:زهير رمضان، الأهلية للنشر والتوزيع،المملكة الأردنية الهاشمية،الأردن - عمان.

ليست هناك تعليقات: