2010-09-08

الصيام وإيقاع النوم


أرق واضطرابات في النوم وتشتت ذهن وقلة تركيز ونسيان.. أعراض تصيب الكثيرين في شهر رمضان، وتؤثر علي توازنهم النفسي والجسدي.. فكيف نتخلص من ذلك لننجز أعمالنا بكفاءة؟

والغرض من هذا الصيام هو الهروب من الأشكال المادية للحياة البشرية وبالتالي الإقبال والقرب إلى الله وربما تتمكن الروح من ذلك، ولكن الجسم نفسه لا يزال خاضعا للمتطلبات المادية جدا مثل النوم والتغذية.

وهكذا يريد البعض معرفة ما إذا كانت التغييرات التي يفرضها إيقاع شهر رمضان لها تأثير على النوم، أم لا؟

وقد يؤدي الأرق واضطرابات النوم إلي التوتر والقلق وسرعة الضيق، وعدم القدرة علي التركيز وتشتت الذهن.. وتؤدي أيضاً إلي العصبية والغضب السريع، فالشخص يكون في حالة مزاجية سيئة بشكل عام، بالإضافة إلي أن كفاءته تقل عن أدائه الحقيقي.

وتعتبر أوضح أعراض اضطرابات النوم هي قلة التركيز والنسيان، وصعوبة استرجاع المعلومات، وعدم القدرة علي الانتباه واليقظة، بالإضافة إلي أنه قد تظهر أيضاً بعض الأعراض الجسدية بسبب قلة النوم أو اضطرابه، مثل فقدان الشهية للطعام، والصداع، والزغللة، واضطراب الهضم.

  • دراسة مهمة:

اتفق ثمانية من الشبان المسلمين علي إجراء التجربة للباحثين، وتم تسجيل نشاط الدماغ خلال أربع جلسات في ليلتين متتاليتين: الأولى قبل شهر رمضان ب 15 يوما، ثم في اليوم 11 من شهر رمضان، أي في اليوم 25 وأخيرا 15 يوما بعد انتهاء الصيام.

وقد بين تحليل النتائج أن عدد ساعات النوم قد طالت أثناء فترة الصوم وأن تنظيم مراحل النوم المختلفة قد تغير، ووقت النوم الإجمالي قد انخفض، ولكنه غير متكافئ، فنسبة النوم بغير حركة العين قد ازداد بينما انخفض وقت النوم بغير حركة سريعة للعين (في مرحلة النوم التي نحلم فيها).

ففضلا عن هذه التغيرات في النوم، لوحظ وجود اضطرابات في إيقاع النوم وفي درجات الحرارة، وهناك بالفعل تغيرات دورية في درجة حرارة الجسم خلال اليوم، حيث يحدث اختلال في تغيرات درجة الحرارة من 2-3 ساعات خلال فترة الصيام.

كما تم تسجيل زيادة في درجة حرارة الجسم خلال الليل وانخفاض في سعة من هذه الدورات (الفرق بين درجات الحرارة الأعلى والأدنى)، وباختصار يعدل الصيام الإيقاعات الفسيولوجية للنوم ولدرجات الحرارة، ويرتبط الاثنان معا.

ويلزم شهر رمضان كل مسلم بالصيام من شروق الشمس إلى غروبها، هذه التغيرات في نمط الحياة تؤدي أيضا إلى تغييرات في إيقاع النوم.

وقد تحقق الباحثون من أن قيمة الطاقة الناتجة من المواد الغذائية لا تتغير خلال فترة شهر رمضان، وهذا لا يمكن أن يفسر هذه التغيرات في النوم، ووفقا لهم فإن انعكاس أنماط الأكل هو سبب التغييرات الملحوظة، غير أننا لا يمكننا استبعاد التحفيز الناتج عن الإفطار عند الغروب، والذي لا يساعد على سهولة النوم مما يسهم في إيقاعات هذه التحولات، وبعبارة أخرى، فالمناخ الزاخر بالروحانيات لا يشجع علي الهجوع للنوم.

  • أرق واضطرابات وقلة تركيز:

إن أعراضا كالأرق واضطرابات النوم وتشتت الذهن وقلة التركيز والنسيان.. أعراض تصيب كثيرين في شهر رمضان، وتؤثر علي توازنهم النفسي والجسدي.. فكيف نتخلص من ذلك لننجز أعمالنا بكفاءة؟

يقول الدكتور يسري عبدالمحسن، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة: "إن الأرق واضطرابات النوم تؤدي إلي التوتر والقلق وسرعة الضيق، وعدم القدرة علي التركيز وتشتت الذهن.. وتؤدي أيضاً إلي العصبية والغضب السريع، فالشخص يكون في حالة مزاجية سيئة بشكل عام، بالإضافة إلي أن كفاءته تقل عن أدائه الحقيقي".

ويتابع: "تعتبر أوضح أعراض اضطراب النوم هي قلة التركيز والنسيان، وصعوبة استرجاع المعلومات، وعدم القدرة علي الانتباه واليقظة، بالإضافة إلي أنه قد تظهر أيضاً بعض الأعراض الجسدية بسبب قلة النوم أو اضطرابه، مثل فقدان الشهية للطعام، والصداع، والزغللة، واضطراب الهضم".

وينصح الدكتور يسري بتنظيم الوقت في رمضان والحد من السهر، فعلينا النوم لمدة 7 أو 8 ساعات متصلة يومياً قدر المستطاع، وفي شهر رمضان يمكننا تحقيق ذلك نسبياً بأن ننام في وقت مبكر، أي في الحادية عشرة مساء علي أقصي تقدير، ونستيقط في الثالثة والنصف للسحور ثم صلاة الفجر، ونعود للنوم مرة ثانية لمدة 3 أو 4 ساعات أخري، بحيث لا يقل عدد ساعات النوم عن 7 ساعات.

أما بالنسبة للأطفال فيقول إن الوضع مختلف تماماً، فهم عادة لا يصومون وإن صاموا يكون صياما تدريجياً كأن يصوموا ساعتين أو ثلاثاً فقط قبل موعد الإفطار، وبذلك فهم لا يحتاجون السحور مثل الكبار، فلا داعي لإيقاظهم.

وهذا لا يعني أن الأطفال لن يشاركوا الكبار في طقوس التعبد والاحتفال بشهر رمضان الكريم، فهم يستطيعون أن يشاركوا في صلاة التراويح وقراءة القرآن.. إلخ، ولكن دون المساس بمواعيد النوم، لأن التأثيرات السلبية لتقطع النوم وعدم أخذ الطفل كفايته منه تؤثر علي تحصيله الدراسي، وتركيزه الذهني بشكل عام.

  • غفوة قصيرة نهارا تجنبك اضطرابات النوم في رمضان:

حذر أخصائيو اضطرابات النوم من السهر ليلا والنوم نهارا في شهر رمضان الكريم، وقالوا إن النوم ساعات كافية ليلا مع أخذ غفوة قصيرة في النهار يساعدان على تجنب اضطرابات النوم في هذا الشهر، فقد أشار مدير المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم بكلية الطب في جامعة الملك سعود البروفيسور "أحمد باهمام" إلى مشكلة التغير السريع في نمط تناول الطعام في رمضان من النهار إلى الليل، وصلتها بالتغيرات العضوية في الجسم.

وقال إن ذلك يسبب تغيرات في نسق حياة المجتمع ككل، فساعة بدء الدوام تتأخر خلال رمضان، فينتج عنه السهر الذي يؤدي إلى نقص في عدد ساعات النوم خلال الليل لدى البعض، مما قد يسبب الخمول والنعاس، وتعكر المزاج خلال النهار.

كما يقول البروفيسور: "في دراسة أجريناها على عينة مكونة من 56 طالبا وطالبة في كلية الطب توصلنا إلى أنه لا يوجد اختلاف في مجموع ساعات النوم التي ينامها الطالب خلال شهري شعبان ورمضان، فقد نام الطلاب نفس عدد الساعات خلال شهر شعبان والأسابيع الثلاثة الأولى من رمضان، ولكن الاختلاف كان ظاهرا وجليا في مواعيد وقت النوم والاستيقاظ.

وأضاف أن النتائج أظهرت تأخر وقت النوم لدى الطلاب من الساعة 11.30 مساء إلى حوالي الساعة الثالثة فجرا خلال الأسبوع الأول من رمضان، واستمر هذا التغير في الأسابيع التالية، وتأخر وقت الاستيقاظ من الساعة 6.30 صباحا إلى الساعة 8.45 صباحا خلال الأسبوع الأول من رمضان، والساعة 9.15 صباحا في الأسبوع الثالث من رمضان، ولم يصاحب ذلك تغير في عدد أو مدة الغفوات خلال النهار، وأوضح أنه بالرغم من حصول الطلاب على نفس عدد ساعات النوم، فإنهم كانوا يشكون من زيادة حادة في النعاس خلال نهار شهر رمضان.

وأرجع "باهمام" ذلك إلى التغير المفاجئ في مواعيد النوم والاستيقاظ، واحتمال وجود تغيرات فسيولوجية مصاحبة للصيام كتغير إفراز هرمون النوم (الميلاتونين) خلال الصوم، أو احتمال وجود بعض العوامل النفسية، مثل تغير المزاج التي تصاحب الصيام وتؤثر على النوم، مضيفاً أنه تبقى كل الاحتمالات السابقة نظرية.

وأضاف مدير المركز الجامعي لطب وأبحاث النوم بكلية الطب في جامعة الملك سعود أن هناك بعض العوامل التي قد تؤثر في فسيولوجية النوم خلال الصيام، فتغير نمط ومواعيد ونوعية الأكل الفجائية من النهار إلى الليل قد ينتج عنه زيادة عمليات إنتاج الطاقة "الأيض" خلال الليل، مما قد يؤدي إلى زيادة درجة حرارة الجسم ليلاً.

وذكر أنه في العادة تنقص درجة حرارة الجسم حوالي نصف درجة مئوية قبل النوم، مما يساعد على النوم، ولكن نتيجة لزيادة الأكل في الليل قد ترتفع درجة حرارة الجسم، مما قد يؤدي لزيادة النشاط، وعدم الشعور بالرغبة في النوم، مؤكدا أنه يتبع ذلك خلال الصيام انخفاض درجة حرارة الجسم أثناء النهار والشعور بالنعاس، أو بصورة مبسطة تغير الساعة الحيوية في الجسم، ذاكرا أن هذه إحدى النظريات المطروحة عن علاقة الصوم بالنوم، ولها ما يدعمها من الدراسات.

وبيّن "باهمام" أن هذه النظرية لم تتطابق مع بحث أجراه حديثا على مجموعة من المتطوعين الأصحاء، حيث لم يجد أي اختلاف في النظام المعتاد لدرجة حرارة الجسم بين شعبان ورمضان، كما أنه لم يجد أي تغير مهم في النظام (الإيقاع اليومي لإفراز هرمون النوم "الميلاتونين") خلال رمضان.

وأضاف أن قياسات النوم الموضوعية في المختبر لم تظهر أي تغير في جودة النوم في رمضان، وبالرغم من شعور الصائمين بالنعاس خلال النهار، إلا أن القياسات في المختبر لم تظهر أي زيادة في النعاس خلال رمضان عند حصول الصائم على نومٍ كافٍ خلال الليل، مشيرا إلى أن الدراسة السابقة أظهرت زيادة وزن الصائمين ونسبة الدهون في الجسم خلال رمضان وهذا يعود للإفراط في الأكل ليلا.

وشدد "باهمام" على أهمية الانتظام في نمط الحياة اليومي، وعدم التغيير المفاجئ في مواعيد النوم والاستيقاظ، مؤكداً أهمية الحصول على ساعات نوم كافية خلال الليل، والحصول بعد ذلك على غفوة قصيرة خلال النهار إن أمكن أمرٌ هام، مؤكدا أن الإفراط في الأكل قبل النوم يؤدي إلى اضطراب النوم.

وزيادة ارتداد الحمض إلى المريء، مما يؤثر في جودة النوم، مشيرا إلى أهمية النوم الجيد للأطفال، حيث يجب على الوالدين مراعاة حصول أطفالهم على نومٍ كافٍ خلال شهر رمضان.

ليست هناك تعليقات: