2010-03-31

متحف بني وليد



يعد هذا المتحف من اهم المعالم الحضارية والثقافية في مدينة بني وليد (الواقعة جنوب شرق طرابلس بحوالي 186 كم) الذي يمكن زيارته والاطلاع على ما يحويه من مخلفات أثرية وحضارية تعكس تاريخ المنطقة التي يقع بها المتحف، وقبل ان تقرر مصلحة الآثار إنشاء هذا المتحف كان المبنى الذي اختارته ان يكون متحفاً يشغل مقر مدرسة بني وليد المركزية التي تطل على احد الميادين الرئيسة بمدينة بني وليد، وقد حوّل المبنى الى متحف بعد إجراء التعديلات المناسبة على مبنى تلك المدرسة ليتناسب مع وظيفته الجديدة، وقد افتتح المتحف رسميا في 12/9/1999 م، بعد ان جهزته مصلحة الآثار (مراقبة آثار لبدة) بايدٍ ليبية.

وقبل الولوج من المدخل الرئيسي للمتحف يصادف الزائر عمودين حجريين من الطراز الكورنثي على جانبي المدخل، كما توجد مجموعة من التيجان الكورنثية تزين السور الامامي للمتحف، ويلي هذا المدخل حديقة زودت باستراحة صغيرة ومكان للحرس والمراقبة وازدانت ببعض المعروضات ستوصف لاحقاً، اما مكان العرض او المتحف فمدخله يواجه المدخل السابق كما يوجد عمودين من الطراز الكورنثي على جانبيه، وعند الدخول منه توجد قاعة صغيرة (ردهة المدخل او صالة الاستقبال) تحوي مكان حجز التذاكر، كما انها ازدانت بعمودين كورنثيين، وعلى جانبي هذه القاعة توجد على اليمين ست قاعات (من 1 الى 6) تأخذ شكل حرف (L) اللاتيني، وتفصل هذه القاعات عن بعضها اقواس نصف دائرية، ويعاب عن تلك القاعات ان سقفها منخفض بشكل لافت للنظر مما جعلها غير متناسبة مع بعض المعروضات المتميزة بالطول او الارتفاع، يضاف الى هذه القاعات اربع قاعات (من 10الى 12) بالشكل ذاته تأتي على يسار قاعة الاستقبال (ردهة المدخل)، وتوجد شرفة كبيرة تقع خلف قاعات العرض استغلت مكانا للعرض، وتطل هذه الشرفة على فناء مستطيل او ساحة عرض مكشوفة استغلت للعرض ايضاً، وقد خصصت الاماكن السابقة لعرض مجموعة من المعروضات الأثرية التي عثر عليها في المواقع الأثرية في اودية تلك المنطقة شبه الصحراوية التي تميزت بآثارها الليبية مثل ما في قرزة وام عجرم وغليون ومقدال وخنافس وغيرها، وقد تميزت تلك المنطقة باضرحتها الأثرية التي رُكز على عرض آثارها في هذا المتحف سواء من خلال بعض منحوتاتها المميزة ام طرازها المعماري الفريد، وقد بلغ عدد معروضاته حوالي 294 قطعة اثرية، التي عرض اغلبها في تسلسل زمني باسلوب العرض الحر (اي بدون صناديق عرض) بسبب حجمها، وقلة منها عرض داخل صناديق (خزائن)عرض فتحت في بعض جدران قاعاته لاسيما تلك التي يمكن نقلها او تحريكها مثل الاواني الفخارية والعملة .. الخ، ويمكن تناول معروضات المتحف بشيء من التفصيل على النحو الاتي:

القاعة الأولى : وقد خصصت لعرض عينات من عصور ما قبل التاريخ او العصور الحجرية، عرضت في خزانة حائطية احتوت على عينات من ادوات حجرية صوانية منها فؤوس يدوية ومكاشط ورحى حجرية ترجع تلك المعروضات الى العصر الحجري الحديث، كما احتوت تلك القاعة على صور وعينات من رسوم لنقوش صخرية من منطقة الاكاكاوس (جنوب غرب ليبيا)، اضافة الى عينات من اشجار متحجرة।


القاعة الثانية: خصصت لعرض بعض البقايا التي ترجع الى العصرين البونيقي (الفينيقي) والروماني، جلبت من لبدة وطرابلس، تمثلت معروضاتها في خمسة صناديق من الحجر الجيري وضعت في منتصف القاعة، وقد كانت هذه الصناديق مخصصة لحفظ رماد الموتى بعد حرقهم وهي مزودة باغطية مسنمة نقش عليها اسم المتوفي باللغة البونيقية، وهي تعود للقرنين الثاني والثالث الميلاديين। كما عرضت بها مجموعة من الجرار الفخارية التي تعرف اصطلاحاً باسم امفورا (Amphora) منها جرتان ضخمتان على جانبي هذه القاعة من طراز الجرار الافريقية التي تستعمل لتخزين الزيت ونقله وهي تؤرخ ما بين القرنين الثاني والرابع الميلاديين، وقد جلبت من احدى المقابر البونيقية في طرابلس، وقد عرضت في ركنين من اركان هذه القاعة مجموعة اخرى من الجرار البونيقية والرومانية تمثلت المجموعة الاولى في سبع جرار من طرز متنوعة كانت تستخدم في التصدير والاستيراد ثم استخدمت قرابين في المقابر من بينها جرتان من الطراز الرودي (نسبة الى جزيرة رودس) تؤرخان ما بين اواخر القرن الاول ق.م. والقرن الاول الميلادي، اما المجموعة الثانية فتتكون من اربع جرار جرتان من الجرار الطرابلسية اي مصنعة في طرابلس تؤرخ ما بين القرنين الاول والثاني الميلاديين، وجرتان مصنعتان في ايطاليا، تؤرخ مابين اواخر القرن الثاني ق.م.و القرن الاول الميلادي، كما يلاحظ وجود نصب حجري عند الحائط الايسر من القاعة تمثل في دعامتين يعلوهما ساكف (لوحة حجرية) زينت الدعامتان بنحت بارز لاشكال آدمية واقفة. وهناك خزانة حائطية عرضت مجموعة من الجرار الصغيرة ذات القواعد المستوية، من بينها تسع جرار كانت تستخدم لوضع عظام صغار الحيوانات (لاسيما الماعز) المضحى بها ـ عوضا عن البشر ـ بعد حرقها، وكانت تدفن في مقابر او ساحات مكشوفة عرفت اصطلاحاً باسم التوفيت، يبدو ان هذه الجرار جلبت من توفيت مسلاته، كما يعرض في هذه الخزانة مجموعة من جرار او بالاحرى اباريق تستخدم للسوائل يعرف بعضها اصطلاحاً باسم ليجنوس (Lagynos) تستعمل لسكب الخمر انتشر استعمالها في العصر الهلّنيستي.


القاعة الثالثة، عرضت بها مجموعة من البقايا الأثرية التي جُلبت من وادي غلبون ومقدال ولذا سميت قاعة غلبون ومقدال، وقد تمثلت معروضاتها في مجموعة من الكتل الحجرية المزخرفة بنحوت بارزة مختلفة ثلاث منها جلبت من ضريح بوادي مقدال زخرفت احداها بمشهد لبوة تطارد آيل، وزخرفت اخرى بمشهد سمك منحوت نحتا بارزا، وزخرفت الكتلة الاخيرة بمشهد تمثل في مجموعة من النساء الباكيات اربع على الضلع الطويل واثنثان على الضلع القصير للكتلة وهي تؤرخ بتاريخ ضريح وادي مقدال ما بين القرنين الثاني والثالث الميلاديين، اما المنحوتات التي جلبت من وادي غلبون (شمال بني وليد) فتمثلت في كتلة مستطيلة الشكل مشذبة بشكل جيد زخرفت بمربعات نحتت داخلها مشاهد متنوعة لعل ابرزها وجه شابة او امرأة يحيط به من الجانبين زخرفة زهرة كبيرة الحجم داخل مربع، يعرض الى جانبها كتلة اخرى تمثل جزء من افريز(Frieze) زخرف باغصان نباتية تنتهي باوراق اللبلاب، يضاف الى ذلك كتلة اخرى عليها نحت بارز لعربة كبيرة يجرها ثوران يتتقدمها فلاح جالس على صخرة، ويلاحظ الدقة في نحت هذا المشهد، اما اهم معروضات هذه القاعة واكبرها حجما فهو الضريح المجلوب من وادي غلبون، وهو ضريح صغير بواجهة معمارية مزخرفة بعمودين كورنثيين يعلوهما ساكف او افريز مزخرف بنحت لحيوان مفترس يهاجم حيوان آخر يتقدمه، ويتوج الضريح بكورنيش متدرج، وقد زينت واجهة الضريح من الاسفل بمشهد للبطل هيراكليس، تعلوها مشاهد اخرى منها رأس ثور وسيدة مدثرة بلباسها تظهر في اكثر من مكان.وتوجد في هذه القاعة خزانة حائطية عرضت بها مجموعة من الاكواب والاطباق من الفخار الروماني (من الفخار الاحمر اللامع وفخار السيجلاتا) تؤرخ ما بين القرن الاول والرابع الميلاديين.

القاعة الرابعة : خصصت هذه القاعة لعرض بعض البقايا الأثرية التي عثر عليها في موقع طويل عنتر من وادي عنتر غرب تينيناي عام 1999، وسميت القاعة باسم طويل عنتر، وقد تمثلت معروضاتها في كتل حجرية واجزاء معمارية من الضريح (أ) زخرفت بنحوت بارزة متنوعة منها مشهد يمثل صورة نصفية لسيدة (صاحبة المقبرة) وابنتها، ومما يلفت النظر تصفيفة الشعر المتقنة للسيدة وابنتها اللتان تظهران بملامح محلية (ليبية)، ويبدو ان الكتلة التي نحت عليها المشهد كانت تمثل جزء من تاج كورنثي كان يعلو احد دعامات الضريح، الذي لايختلف عن تاج آخر زخرف برؤوس رجال ملتحيين بملامح محلية تبرز مابين اوراق الاكانثوس، وهناك تاج آخر زخرف برأس شخص متوج باكليل من الزهور، وفي احد اركان القاعة تعرض كتلة حجرية عليها نحت بارز يمثل مشهد مؤلهة النصر فيكتوري المجنحة التي تتجه نحو اليسار حاملة بيدها اليسرى سعفة نخيل وباليمنى اكليل من الغار، وهناك مشهد حرث الارض على كتلة اخرى حيث نحت عليها فلاح يدفع امامه محراث، كما تعرض كتلة معمارية تمثل جزء من افريز نحتت عليها سمكة تتجه نحو اليسار ترمز لروح الميت، اضافة الى زخرفة وريدة قد ترمز للبعث، وهناك كتلة حجرية زخرفت بنحت يمثل مشهد فلاح يحصد حيث يجمع السنابل ويضعها في سلة امامه،كما تعرض كتلة تصور مشهد اسد يهاجم حيوان امامه، وفي احد اركان القاعة يعرض تمثال اسد او لبوة فاقد الرأس، ويعرض في ركن آخر تمثال سيدة جالسة تعلوها كوة مزخرفة بزخرفة البيضة والرمح وزخرفة السبحة وغيرها، كما عرض في منتصف القاعة تاج عمود من الطراز الايوني، وآخر من الطراز الكورنثي وكلاهما جلب من وادي البنيّة। كما توجد خزانة حاطية يعرض بها تسعة اطباق مختلفة الاحجام من الفخار الروماني الاحمر اللامع يتراوح تاريخها ما بين القرنين الاول والرابع الميلاديين عثر عليها في مقابر مدينة لبدة، وتعرض خزانة اخرى كمية من الاواني الزجاجية والفخارية. عثر عليها في مقابر طرابلس تؤرخ ما بين القرنين الاول و الرابع الميلاديين।

القاعة الخامسة : خصصت هذه القاعة لعرض معروضات جلب أغلبها من مدينة قرزة الأثرية।

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقلم الأستاذ: خالد الهدار

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

اهمتوا بهدا المتحف