عودة جديدة..ومع حقائق وغرائب عالم الحيوان..
واليوم سيتطرق الحديث عن الزرافة..
بكل أسرارها وفتنتها ورشاقتها..
فل نبدأ الرحلة..
……………..
تعد الزرافة أطول حيوان ثدي على سطح الكرة الأرضية، وأصل كلمة (Giraffe) الأنجليزية من الايطالية (Giraffa) الذي أتى أصلًا من العربية (زرافة) وتعني (اللطيفة) أو المحبوبة، وكانت تعرف قبل ذلك بالجمل المنقط. و الاسم العلمي للزرافة هو (Giraffa camelopardis).
تصنف الزرافة إلى إحدى رتب الثديات المعروفة بمشقوقات الظلف من رتبة مزدوجات الاصابع (Artiodactyla)، أو الثديات الحافرية ذات الأصابع المستوية، وهي من الحيوانات المجترة واللبونة.وفصيلة الزرافة (Giraffdae) ينتمي إليها نوع واحد هو الأوكابي (Okapi)، وهو حيوان نادر، ويعد من “الحفريات الحية”.
يتوزع الزراف في العالم ضمن هذا النوع (Giraffa camelopardis)، إلا أنه توجد منه مجموعة من تحت الأنواع التي تختلف بين بعضها البعض في صفاتها خاصة شكل نقاط الجلد البنية، وهناك طرازان رئيسيان يعرفان بزراف الشمال وزراف الجنوب. زراف الشمال الذي يوجد في الصومال وشمال كينيا يتميز بنقاط ذات حواف منتظمة مقسمة بخطوط بيضاء ضيقة، ويعرف هذا الطراز من النقاط بالشبكية. فيما زراف المناطق الجنوبية يحتوي على نموذج آخر ذو نقاط كثيرة نجمية الشكل غالبًا ذات حواف غير منتظمة على سطح باهت، وينتمي زراف الماساي إلى أحدى تحت أنواع الطراز الجنوبي، ويؤكد العلماء أن الألوان الجميلة التي تميز جلد الزراف تماثل بصمة الإصبع في الإنسان ولا تتشابه نهائياً بين أي زرافتين حتى ولو كانتا توأماً وهو حالة نادرة جداً في حمل الزراف، والدراسات العلمية أكدت أن كل زراف له توزيع ألوان خاص به تميزه عن غيره.
عاش الزراف واستوطن كل أفريقيا جنوب المناطق الصحراوية في الماضي، وقد انحسرت مناطق وجوده من تلك المناطق، وأصبح توزيعها الجغرافي متقطعًا على امتداد غرب القارة الأفريقية، فقد كانت الزرافة يوما منتشرة في المغرب وفي أجزاء من الصحراء الكبرى، ويرى العلماء أن الزرافة لم تنقرض تمامًا من كل نطاق توزيعها، إلا أن بقاءها حية خارج الملاذات والمحميات والحدائق لم يزل أمراً تحيط به الشكوك. ويعيش الزراف في الأقطار المفتوحة المعروفة بالسافانا، حيث تتغذى على أوراق الأشجار المتناثرة، ولا يوجد الزراف في الغابات، حيث تعوقها أرجلها ورقابها الطويلة عن الحركة.
وتعيش الزرافة في عشائر صغيرة يتكون كل منها من ذكر متقدم في السن، وعدد من الإناث بالإضافة إلى عدد من الصغار من الجنسين، والزرافة من الحيوانات التي توجد وتعيش في صحبة حيوانات أخرى كالحمار الوحشي المخطط والنعام، ويتغذى الزراف على أوراق الأشجار، قابضة على الأوراق بشفاهها ألسنتها، وقاضمة إياها بأسنان فكوكها السفلى.
تلد الزرافة صغيرا واحدا وأحيانا توأمين بعد فترة حمل تراوحت بين 420 و450 يومًا ما يعني (14-15) شهرًا، وتنجب الزرافة وهي واقفة وينزل المولود بالمشيمة وينفجر الكيس بسقوط المولود على الأرض، ويكون الوليد بطول مترين تقريبًا. ويتراوح وزنه عند الولادة بين (47-70) كلغ، وبامكانه المشي بعد ولادته بساعة ويرضع لبن أمه وينمو بسرعة كبيرة ويبدأ بأكل الأوراق في وقت مبكر، ويتبع الصغير أمه في البداية وفي كل مكان، فإذا كان هناك عدد من الصغار في قطيع واحد، فإنها تجتمع لتلعب معًا، وتتعلم الصغار كيف تصل للأفرع الغضة للأشجار لكي تقضمها، وتقوم إحدى الأمهات المعمرة بدور الممرضة للصغار فتراقبها، وتجنبها الوقوع في المخاطر وحمايتها من الأعداء المتمثلة في الأسود والفهود والضباع والكلاب الوحشية، كما تتناوب أمهات القطيع لأداء هذه المهمة، وتصل الزرافة إلى مرحلة البلوغ قبل أن تكمل عامها الأول، وتعيش الزرافة ما بين 25 إلى 35 سنة.
التكوين الجسماني للزرافة:
- ينمو لكل من ذكر وأنثى الزراف من الجمجمة زوج قصير من القرون العظمية المغطاة بالجلد وهي ليست قرونا حقيقية لأنها غير مغطاة بطبقة قرنية، ويوجد لبعض الأنواع قرن واحد صغير بين العينين.
- ويمكن للزرافة غلق فتحاتها الأنفية الشقية تمامًا لمنع دخول الرمال والأتربة عند رغبتها بذلك.
- شفتا الزرافة مهيأتان لالتقاط أوراق الأشجار وذلك لقدرتهما الكبيرة على التمدد، ولسانها طويل جدًا ويستخدم للغرض نفسه، ويصل طوله الى 30 (سم) يُمكنها من تنظيف أذنيها ورأسها.
- الرأس صغير ومقدمته طويلة.
- الزرافة ذات عيون كبيرة وحاسة رؤية حادة جدًا. وربما ارتبط ذلك بطولها الواضح الذي يتيح لها مجالًا متسعًا للمراقبة، كما تمتلك الزرافة حاسة سمع حادة كذلك، ويمكن للزرافة أن تحرك أذنيها للأمام أو الخلف لكي تتصيد الصوت الصادر من أي اتجاه.
- وللزرافة معرفة سوداء على الرقبة.
- ذيلها طويل ويصل طوله إلى 57 (سم)، وينتهي بخصلة سوداء.
- وأكثر ما يميز الزرافة هو الطول القياسي لرقبتها، حيث إن عدد الفقرات العظمية في هذه الرقبة الطويلة لا يزيد على سبع فقرات وهو العدد نفسه الموجود في رقبة الإنسان وطول الفقرة الواحدة حوالي 22.5 (سم). وهذه الرقبة تستخدم أيضاً في صراع الذكور على الإناث في موسم التزاوج.
- وللزرافة كتفان أمامين قويان جدًا وأكثر قوة من الطرفين الخلفين، وتتحكم في هذه الأطراف الأمامية عضلات قوية. وقد يبدو ظهر الزرافة منحدراً إلى الأسفل لأن عضلات أرجلها الأمامية متضخمة أكثر من الخلفية. وليس لأن أرجلها الامامية أطول من الخلفية كما يعتقد البعض.
- يوجد لقدم الزرافة حافران.
حقائق عن الزراف:
** الزراقة أطول الحيوانات المعروفة، ويصل ارتفاع رأسها عن الأرض إلى ستة أمتار.
** يشاع أن الزرافة عديمة الصوت، بيد أن هذا غير صحيح، لأنها تحدث صوت يشبه المأماة، كما تستطيع الرؤية والسمع جيدًا ونادرًا ما تستعمل صوتها رغم أنه في مقدورها اصدار العديد من الأصوات الدقيقة.
** للزرافة أقصر فترة نوم بين الثدييات، حيث لا تنام إلا تسع دقائق في اليوم، ولا تنامها على مرة واحدة بل على ثلاث مراحل، في كل مرة ثلاث دقائق.
** وتقضي الزرافة حياتها كلها واقفة على أرجلها من بين سائر الحيوانات الآخرى، حتى فترة نومها تقضيها واقفة، وذلك لأن قعودها أو رقادها يعني فقدانها لكل الأسلحة الفتاكة التي تدافع بها عن نفسها، حيث أن طولها لا يساعدها على الوقوف بالسرعة الكافية للدفاع عن نفسها، فقوتها ونقطة تفوقها على أعدائها تتركز في أرجلها القوية، والضربة المؤثرة لزرافة كبيرة قد تصيب الأسد في مقتل وتصرعه في الحال. تدافع الزرافة عن نفسها بالركل ، ضربة واحدة في مقتل قد تشطر جمجمة أسد بسهولة أو قد تحطم عموده الفقري. وقعود الزرافة قد يفقدها ميزة النظر إلى المسافات البعيدة والاحتياط من الأعداء المتربصين بها. والغريب أنه في حال انزلقت الزرافة ووقعت على الارض مع انفراج ساقيها، فإنها لا تستطيع القيام مرة اخرى ويمكن أن تظل هكذا إلى أن تموت.
** تستطيع الزرافة الجري بسرعة تزيد عن 48 كم في الساعة، ومشية الزرافة تعرف بالخب كالجمل تمامًا، حيث تتحرك رجلا الناحية الواحدة معًا. وبامكان الزرافة في حالة سباق التغلب على حصان بحيث أنه لا يستطيع اللحاق بها ولكنها بسبب صغر حجم رئتيها أن تجاري المطاردات الطويلة.
** يعد العلماء في عالم الحيوان الزرافة التحدي الأمثل للجاذبية، حيث أنه لتصل الطاقة إلى الدماغ يتطلب أن يقوم القلب بضخ الدم إلى الدماغ بعد أن يقطع مسافة مترين ونصف المتر بدءاً من القلب، وقلب الزرافة كبير جداً ويزيد وزنه عن 11 (كلغ)، وهو ذو قدرة ضخ عالية جدًا تمكنه من التغلب على الجاذبية الأرضية، وتقدر هذه القدرة بـ 16 جالوناً من الدم في الدقيقة، وحجم القلب الكبير يمكنه من ضخ الدم بضغط يزيد على الضغط الشرياني عند الأنسان بثلاث مرات لينتهي الدم الى منطقة الدماغ، يؤكد العلماء أن رقبة الزرافة بها صمامات شرايين خاصة تساعد على وصول الدم من القلب إلى الرأس التي تبعد عن القلب مسافة 10 أقدام، وأن الزراف يخفض رأسه ويرفعه مرات عديدة في الدقيقة الواحدة ليساعد كذلك على انتظام سريان الدم إلى المخ.
** ويُطلق على ذكر الزراف (الثور) وحين يتقاتل الذكر مع ذكر آخر فإن وطيس القتال يمكن سماعه على بعد 90 متراً ومع ذلك فإن هذه الحيوانات نادراً ما يجرح بعضها بعضًا أما الإناث فلا تتقاتل.
** يستخلص الزراف الماء مما يأكله من نباتات في حال تعذر حصوله على المياه، وتعد أشجار الطلح أهم مصادر غذاء الزرافة، لكنها تأكل نباتات اخرى في مواسم الجفاف حيث يقل مصدر الغذاء بسقوط الأوراق. ولكي تشرب الزرافة فإنها تباعد بين طرفيها الأماميين بسبب طول رقبتها، وإما أن تثنيهما عند مفصل الركبتين، ويمكن للزرافة أن تضل فترات طويلة دون حاجة للشرب، كما أنها لا تستطيع السباحة، ويبدو أنها تكره الماء وعبور الأنهار، رغمًا عن قدرتها على الخوض في المياه لأعماق معقولة.
ارتباط الزرافة بالبشر:
كان أمراء أفريقيا يقدمون الزرافة على سبيل الهدية إلى الملوك والسلاطين ونظرا لغرابة تكوين جسمها، وقد وجدت رسومها قديما على المعابد والكهوف. كما استخدم الناس الزراف لأغراض مختلفة، فبعض القبائل الأفريقية مثلا تستعمل شعر الذيل في عمل الأساور والحبال والجلد في عمل الاغطية الواقية والأربطة لعلاج التمزقات العضلية ولعمل أوتار الأقواس.
وفي الأدب وخصوصًا في مجال اللغة، تعرف الزرافة بالسرعة، وقد أخذ اسمها الفرنسيون والانجليز عن العربية، ومن اسمائها الأطوم وأم عيسى أما جمع كلمة زرافة فهي زراف وزرافيّ وزُرافى وزرائف. أما في مجال الشعر فقد كان للزرافة نصيب من ذلك.
وقال ابن حمديس يصف الزرافة:
“ودائمة الاقعاء في أصل خلقها
إذا ما قابلت أدبارُها عينَ مقبلِ
تلفَّتُ أحيانا بعين كحيلة
وجِيدٍ على طول اللواء مظللِ
وعرف دقيق الشعر تحسبُ نبته
إذا الريح هزته ذوائبَ سُنبلِ”
وقال ابن رشيق في زرافة أهداها الظاهر لإعزاز دين الله الفاطمي الى المعزس بن باديس:
“وأتتك من كسب الملوك زرافة
شتى الصفات لكونها أبناءُ
جمعت محاسن ما حكت فتنافَسَتْ
في خلقها وتنافتْ الاعضاءُ
تحتثُّها بين الحواني مشية
باد عليها الكبر والغلواءُ
وتمد جيدا في الهواء يزينها
فكأنه تحت اللواء لواء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق