- ما هو التثاؤب؟
هو نفس طويل عميق يقوم به صاحبه لاحتياجه للأكسجين، وهذا هو السبب الحقيقي والأساسي للتثاؤب.
والبعض يظن أن الناس تتثاءب إذا ما أصابها الضجر أو الرغبة في النوم..
أبداً.. السبب ببساطة هو الاحتياج للأوكسجين، وهنا يقوم الإنسان باستنشاق كمية كبيرة من الأوكسجين..يكررها أكثر من مرة. والطريف أن التثاؤب معد..لماذا؟ لأن الإنسان يتأثر بالوسط المحيط به، فهو يضحك إذا كان من حوله يضحكون، وهو يحزن إذا كان من حوله حزين..وهكذا يفعل التثاؤب.. وعلى أية حال يتثاءب الإنسان إذا شعر بالتعب أو عدم القدرة على القيام بمجهود إضافي.
ليس من المستحب أن نتثاءب بينما يوجه لنا الآخرون الحديث. فعلينا أن نكتم التثاؤب أمام الآخرين. وإذا تثاءبنا ينبغي أن نغطي فمنا بيدنا. كما أن علينا أن نقترب بقدر المستطاع من الهواء الطلق، وبذلك نأخذ حاجتنا من الأوكسجين، فلا نتثاءب. - أحسست بالتعب و أريد أن أنام فبدأت بالتثاؤب ، حضرت محاضرة طويلة ولم أعد أركز بالشكل الكافي فبدأت أتثاءب ، كنت في مجلس احتكر فيه أحد الأشخاص الكلام وكان مملا فسيطر علي التثاؤب .
هذه أمثلة لبعض الحالات التي يجد فيها الشخص نفسه مضطرا للتثاؤب ، ومما يثير الانتباه أنه بمجرد ما يدخل شخص في دوامة التثاؤب حتى تنتقل الموجة إلى بعض الأشخاص الذين يتواجدون بجانبه وهذه الظاهرة تسمى بعدوى التثاؤب ، وهي خاصة بالإنسان في حين أن التثاؤب عموما ظاهرة مشتركة بين العديد من الحيوانات وخصوصا الفقريات . ويحاول العلماء منذ القدم تفسير التثاؤب و العدوى التي يتميز بها عند الإنسان ، وقد توصلوا في عصرنا إلى مجموعة من الحقائق والنظريات ولا يزال الباب مفتوحا أمام المزيد من البحوث.
كيف يحدث التثاؤب؟
أصل الكلمة باللاتينية هو bataculaere يعني مفتوح ، و يعتبر التثاؤب أول أسباب التواء الفك ، وتشترك فيه مجموعة من الحيوانات كبعض الأسماك والثدييات باستثناء الزرافة لكنه يختلف من نوع حيواني لآخر ، والتثاؤب ظاهرة لاإرادية لأن المتثائب لا يستطيع دفعه بعد الشروع فيه وإن أمكنه تعديله ، ويتثاءب الطفل في السنة الأولى ما بين 25 و30 مرة في اليوم ثم يقل التثاؤب مع التقدم في السن ليصل عند الشيوخ إلى 10 مرات في اليوم في المعدل، ويختلف الأشخاص في التثاؤب كما يختلفون في النوم . ويحصل التثاؤب غالبا عندما يقل الانتباه في مناسبات مختلفة مثل :
الرغبة الشديدة في النوم
أثناء عملية التمطي عند الاستيقاظ
عند إنجاز مهام تتكرر ولا تتنوع
عند الصوم أو الإسراف في الأكل
عند الإحساس بالحرارة أو تواجد أشخاص كثيرين في مكان محدود.
وتستغرق عملية التثاؤب ما بين 5 إلى 10 ثوان وتتم في ثلاث مراحل يحس بعدها الشخص بالراحة وهي كالآتي :
مرحلة الشهيق : تتميز بتقلص عضلات العنق والفك والحجاب والذي ينتج عنه فتح الفم والمسالك التنفسية الكبرى وظهور الأسنان مما يمكن من دخول كمية كبيرة من الهواء ومن تم حدوث شهيق عميق، وينقص السمع لمدة قليلة بسبب إغلاق قناة اسطاتيوس التي تربط بين الأذن الوسطى والبلعوم ، كما تتقارب الجفون و تنزل أحيانا دمعة على الخد ، وقد يرافق هذه المرحلة التمطي الناتج عن تمدد العضلات و يتكور الظهر أو يتقعر حسب الأنواع .
مرحلة القمة : تتميز بتوقف التنفس لمدة قصيرة يكون خلالها الصدر مملوءا بالهواء .
مرحلة الزفير: يتم خلالها إخراج الهواء الذي يصاحبه غالبا الصوت الذي يميز التثاؤب و يجب على المسلم بذل ما في وسعه لتفادي هذا الصوت ما أمكن ، وخلال هذه المرحلة تعود الأمور إلى نصابها حيث يغلق الفم وتفتح العينان وتسترخي العضلات .
فأثناء النوم المفارق تسترخي عضلات الجسم ومن جملتها العضلات التي تتدخل في التنفس ، مما يؤدي إلى ضيق المسالك التنفسية العلوية ، لكن بعد الاستيقاظ يقوم الجسم بمجموعة من التمددات والتثاؤبات التي تمكن من توسيع هذه المسالك و إعادة النشاط لعضلات الجسم . وعندما يحس الجسم بالتعب أو الملل فإنه يرسل إشارات إلى الدماغ الذي يحرك آليات التثاؤب الذي يتدخل لرفع الانتباه ، لكن إذا كان الجسم في حاجة ماسة للراحة والنوم فإن التثاؤب لا يمكنه من الانتباه.
وتوصل بعض علماء البيولوجيا في 1980 إلى أن التثاؤب مرتبط بنظام الأكل ، عندما لاحظوا أن فئران التجارب التي عودوها على وجبة يومية في وقت محدد أصبحت تتثاءب أربع إلى عشر مرات في الساعة التي تسبق الوجبة بعد مرور ثلاثة أسابيع ، وبعدما أخضعوها للصوم لمدة ثلاثة أيام لم تعد تتثاءب في ذلك الوقت . وتوصل علماء آخرون في 1998 إلى أهمية هرمونات دماغية تدعي هيبوكريتين في التثاؤب وقد حقن الياباني إطوكو صاطوزوكي هذه الهرمونات لفئران وتوصل إلى أنها تتثاءب ويزداد انتباهها . وقد أثبتت الأبحاث العلمية خطأ الفرضية التي تدعي أن عملية التثاؤب يقوم بها الجسم لتزويد المخ بالأوكسجين ، حيث عمد الباحثون إلى قياس نسبة الأوكسجين وثاني أوكسيد الكربون في الدم قبل وبعد التثاؤب ، ولاحظوا أن هذه النسبة لا يطرأ عليها أي تغيير.
لماذا تحدث عدوى التثاؤب ؟
عادة ما يكون الشخص في مجلس ثم يجد نفسه مرغما على التثاؤب بعدما تثاءب شخص آخر يجلس بجانبه أو في نفس المجلس ، بل وتنتشر موجة التثاؤب أحيانا عند عدة أشخاص في المجلس الواحد خصوصا عندما يقل انتباههم، ففي هذه الحال يمكننا أن نتكلم عن عدوى التثاؤب بل والأولى أن نقول جواب أو محاكاة أو تقليد التثاؤب . وفي حين أن التثاؤب ظاهرة مشتركة بين مجموعة من الحيوانات ، فإن ظاهرة العدوى أو التقليد خاصة بالإنسان، وقد قام العلماء بالعديد من التجارب لمعرفة آلية هذا التقليد نذكر من بينها :
قام الطبيب النفسي روبير بوفان بتجربة عرض خلالها فيلما يتكرر خلاله التثاؤب ثلاثين مرة وشاهده متطوعون وقع معظمهم في مصيدة التثاؤب سواء بعد بضع ثوان أو بعد بضع دقائق ، لكنه عندما عوض أشخاص الفيلم برسوم متحركة لم يتثاءب هؤلاء المتطوعون.
وبرهنت تجارب ستيفان بلاطيك في 2003 على أن الشخص يكون أكثر تقليدا للتثاؤب كلما كان أقدر على التفاعل مع الآخرين ومعرفة عواطفهم وفك رموز أحاسيسهم .
توصلت ريتا هاري من خلال التجارب التي أجرتها في يونيو 2003 إلى أن الخلايا العصبية المرآة تنشط أثناء عملية تقليد التثاؤب ، ولاحظت أن أعصاب الأخدود الصدغي- التي تنتمي إلى الأعصاب المرآة – تنشط عند ملاحظة تثاؤب الآخرين ، في حين أنها لا تنشط عند ملاحظة تعابير الوجه الأخرى ، وخلصت هذه الباحثة إلى أنه يحتمل أن تكون هذه الأعصاب هي المسؤولة عن ظاهرة التقليد.
التثاؤب في السنة النبوية:
ذكر التثاؤب في بعض الأحاديث النبوية التي ذمته وعلمت المؤمن كيف يرده ويتعامل معه ، وأذكر من جملة هذه الأحاديث ما يلي :
جاء في صحيح البخاري قوله صلى الله عليه وسلم : "فإن أحدكم إذا قال ها ضحك الشيطان" ويقول بن حجرفي شرح هذا الحديث :" ومن هنا تظهر النكتة في كونه يضحك منه لأنه صيره ملعبة له بتشويه خلقه في تلك الحالة "، ولذلك جاء في حديث أبي هريرة في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" ثم التثاؤب من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع" ، وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (إن الله يحب العطاس، ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم وحمد الله تعالى كان حقٌّا على كل مسلم سمعه أن يقول له: يرحمك الله، وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان) ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر" ثم إذا تثاوب أحدكم فليمسك بيده على فيه فإن الشيطان يدخل " وفي رواية أخرى " ثم إذا تثاوب أحدكم في الصلاة فليكظم ما استطاع فإن الشيطان يدخل ".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثم إذا تثاوب أحدكم فليمسك بيده على فيه فإن الشيطان يدخل "
فديننا دين كامل يجد فيه الإنسان نبراسا ينير له طريقه في كل أمور العبادات والمعاملات ، وهذه الأحاديث التي بين يدينا تبرهن على ذلك حيث يعلمنا من خلالها النبي صلى الله عليه وسلم أدب التثاؤب وكيفية التعامل معه . هذا في الشرع أما بالنسبة للتثاؤب في ميدان العلم فقد ذكرت في هذا الموضوع المختصر بعض خاصياته ، ولا تزال الأبحاث العلمية تخوض فيه وتعدنا بالمزيد من النتائج خصوصا في ظاهرة التقليد . - كما أن التثاؤب المعدي يعد وسيلة لفهم مشاعر الأخرينالمشاعر يمكن أن يؤدي الى كثير من التثاؤب.فقد أثبتت دراسة لأطفال ينزعون الى الاستغراق في التخيل أن الأشخاص الذين يتماثلون بشكل أفضل مع الآخرين في المشاعر أكثر ميلا للتثاؤب المعدي حسبما يقول باحثون يابانيون.وقال اتسوشي سينجو الباحث بجامعة لندن والذي شارك في إعداد الدراسة ان العلماء يدركون منذ فترة طويلة أن تثاؤب شخص واحد عادة ما يؤدي الى أن يتبعه تثاؤب من جانب الآخرين غير أن سبب تلك الظاهرة غير واضح.وأضاف أن البعض يعتقدون أن ذلك مجرد انعكاس لا إرادي. بينما يشير آخرون الى أن نفس الآليات في المخ التي تجعل الاشخاص يفهمون مشاعر الآخر تجعلهم أيضا يتثاءبون عندما يرون آخرين يفعلون ذلك.وخلال الدراسة اختبر الفريق ردود فعل أطفال ينزعون الى الاستغراق في التخيل وأطفال طبيعيين لدى مشاهدتهم مقتطفات فيديو لاشخاص يتثاءبون ثم يحركون أفواههم ببساطة.ووجد الباحثون أن الاطفال الذين ينزعون الى الاستغراق في التخيل وهي حالة تؤثر بشدة إلى التفاعل والاتصال الاجتماعي بما في ذلك فهم المشاعر كانوا أقل تثاؤبا من الآخرين عند مشاهدة الفيديو الذي يعرض أناسا يتثاءبون.وقال سينجو ان معدل تثاؤب مجموعتي الاطفال كان متساويا عند مشاهدة فيديو لاناس يحركون أفواههم فقط وهو ما يظهر أن فهم الاخرين هو العامل الرئيسي.وكتب الباحثون يقولون "هذا يدعم الزعم بأن التثاؤب المعدي يعتمد على القدرة على فهم الآخرين".وقال الباحثون ان النتائج تتيح نقطة انطلاق للبحث في طبيعة الخلل الاجتماعي والخلل في الاتصال لدى أولئك الذين ينزعون الى الاستغراق في التخيل.وكتبوا يقولون "من المطلوب اجراء المزيد من الدراسات للبحث في العلاقة بين التثاؤب المعدي وأعراض (النزوع الى التأمل) الأخرى مثل فهم الآخرين والمحاكاة".
2008-07-01
التثاؤب!!!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق