دكتور محمد الشافعي
- سيبها على ربنا.. واطمّن
لا تُجهد نفسك أكثر مما تحتمل. أعلم أنك لا تفعل ذلك بإرادتك الكاملة، بل كأنك مدفوع بقوة خفية تُلزمك بالبحث عن حل في كل اتجاه، وبكل وسيلة ممكنة. تفكر كثيرًا، تبذل مجهودًا ضخمًا، وتحاول السيطرة على كل ما حولك. لكن دعني أذكّرك بلطف: هذا كله في إطار قدراتك البشرية المحدودة جدًا، التي مهما بلغت، لا تستطيع الإحاطة بكل الأمور.
في خضمّ هذا الانشغال، خذ لحظة، وارفع بصرك إلى السماء. هناك يكمن الاطمئنان الحقيقي. حين تسلم أمرك لله، وتترك ما لا تملك له، تهدأ الروح، ويستكين القلب. نعم، اسعَ، وابذل ما بوسعك، لكن حين تنتهي من جهدك، قل بقلب واثق: "يا رب، تولّ أمري".
فإن كنت قد أديت ما عليك، وسعيت بإخلاص، فاطمئن. إن ربك لا يُضيع تعبك، ولا يهمل خطواتك، ولا ينسى نيتك. سيكافئك بما هو خير لك، حتى إن لم تُدرك ذلك الآن. سترى الخير، لأن رب الخير لا يبعث لعبده إلا ما فيه الخير، وإن تأخر في ظنك أو جاء على هيئة لم تكن تتوقعها.
تأمل قوله تعالى: "وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى"، ستجد فيها وعدًا صادقًا لا يتغير. كل جهد، كل لحظة صبر، كل دعاء، وكل دمعة خفية، محفوظة عند الله، ولن تذهب سُدى.
ثق أن ربك لا يغفل عنك، ولا ينسى، ولا يخذل من توكل عليه حق التوكل. ازرع سعيك بصدق، واسقِه بالنية الخالصة، ثم اترك الثمر لله. فحين تُسلم قلبك لله، يرتاح بالك، ويُشرق في داخلك نور اليقين.
ريح بالك، وسيّبها لله.


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق