بقلم الدكتورة: مني النموري
"بعض المرأة اليوم، فى البيت مسكونة
بالشارع و فى الشارع مسكونة بالبيت و بينهما تمشى على حبل مشدود مثل مهرج يمثل
السعادة ولا يعرف أحد ما بداخله...أتودون القاء نظرة؟؟
سألنى زوجى الحبيب الذى يحرص على قراءة ما أكتب ( لاحظ كلمة الحبيب الان!) من باب الاهتمام بكل ما أقول و كنوع مغلف من الرقابة العذبة الرقيقة ( أيه رأيك فى الوصف؟) سألنى لماذا أصر على اسباق اسمى ب د. منى أى الدكتورة منى ،ظنا منه أن هذا نوع من التفذلك والتفاخر الكريهان وأن هذا يعطى انطباعا بعدم الاحتراف أو ربما باحداث النعمة واظهارها البغيض لخلق الله وان من يريد ان يقرا لى لن يهتم ابدا بكونى دكتورة أو محامية أو أى شئ و لكن فى فرضى هذا على أى قارئ خطورة مهنية فادحة. فكرت كثيرا فى كلام زوجى واكتشفت إحتمالية وجاهته و حكمة وجهة نظره وقررت أن أسمع الكلام. فتحت الكمبيوتر ووصلت الى المقالات و وضعت سهم الفارة على حرف الدال تمهيدا لمسحه و لكننى ( مش ح أقول لقيت ايدى تقيلة و عينى بتدمع!) تأملت هذا الحرف طويلا لأستبطن معناه بالنسبة لى. فان تكون من حملة الدال يمثل بلا شك ميزة تفصلك عن الاميين ومتوسطى التعليم وحملة المؤهلات العليا و كذلك طلاب الدراسات العليا. بمعنى أدق ان تتميز عن تسعين بالمائة من المجتمع المصرى و أن تكون أمرأة حاملة للدال يعنى أن تتميز عن نصف النسبة الباقية. يعنى "كريمة المجتمع" كما يقولون وهو تميز واضح قد يعين أيضا فى التفاخر أمام النساء الجميلات و الغنيات و ذوى الاصول الارستقراطية و يون تاريخ الطبقة المتوسطة الطويل فى الكفاح و الحراك الاجتماعى عن طرق عدة منها التعليم. اذن فهو سلاح لطيف فى الحقيبة أستخدمه عند اللزوم. ولكن هل هذا هو السبب؟
الدال نقطة هى عشر سنوات من المذاكرة، أجمل سنوات الشباب، هى ليالى طويلة بدون نوم وأيام طويلة فى كل مكتبات مصر لجمع المادة العلمية حتى تتوحد خياشيمك مع تراب الكتب و يمتلا صدرك بكل انواع الفطريات النادرة والعادية و بعد عناء طويل للوصول للكتاب ثم الى موظف ماكينة التصوير تجدها عطلانة أو تجد الموظف يصلى و عليك دائما أن تحافظ على هدوئك حتى لا يختلق لك الذرائع حول كمية الطبع وحقوق الطبع ونوعية الكتاب والحد الاقصى المسموح به وما الى ذلك. و ما لا تجده من مواد عليك ان تجلبه من الخارج فتتوسل لكل من يسافر وتطوى يدك بلستة الكتب ومعها ما تيسر من الدولارات فى يده-يدها و انت تودعه متمنيا له رحلة سعيدة، و عندما يعود-تعود عليك ان تقبل ما احضره- احضرته دون ان تفتح فمك ( يمكن تحتاجه تانى!) ان كان ناقصا لبعض الاوراق أو دون البيانات فيصبح دون قيمة، كله ماشى. كان هذا طبعا قبل انتشار المكتبات الالكترونية عبر الانترنت و لذى سهل كثيرا الامر ألا انه فى كل الاحوال عليك أن تضحى بالغالى والنفيس لتشترى المصادر الالكترونية الموثقة و ان يتاجل كل شئ تود ان تشتريه حتى تنتهى مرحلة جمع المادة العلمية.
الدال نقطة هى أكثر من عشر سنوات من العذاب فى جامعاتنا المصرية ما بين استرضاء مشرف مستحيل الإرضاء والاستقرار على موضوع وانهاء كعب دائر طويل من الاوراق العبيطة الادارية والتذلل للموظفين وانت تفعل هذا و دعوة امك الطيبة وانت نازل والبسملة و الحوقلة وانت داخل عليهم ثم الورقة المقدسة فى يدك خالصة وكأنك ملكت الدنيا فتعيدها من أول و جديد بسبب سقوط كلمة أو تاريخ!
الدال نقطة هى الشللية داخل الاقسام والصراع الطاحن على لقمة العيش ومحاولة النجاة من الحزبية أو الوقوع فيها لا محالة و صفية حسابات الكبار على حساب الصغار و ان تحتمل هذا فى صمت والا زادت الطينة بلة و كانك تحمل صليبك على ظهرك فى صبر و تنظر على نهاية الطريق بامل خائف.
الدال نقطة لى كامرأة هى أن أغير اليافطة التى أحملها على صدرى و عليها كلمة "مزة" و أبدلها باخرى تحمل كلمة " انسان " وإنسان مجتهد و مختلف. هى كل المرات التى تم تذكيرى فى مجالس الاقسام بموعد القطار أو باننى لم اجهز الغذاء لزوجى ( الحبيب) أو أن ابنتى اصغر من ان اتركها كل هذا الوقت مع الدادة. الدال نقطة هى القماشة التى امسح بها كل التحرشات المهذبة و الغير مهذبة التى نمر بها كل يوم. هى شهور حملت بها الكتاب بيدى اليمنى و ابنى باليسرى أو كتبت على الكمبيوتر باليمنى وانا ارضع ابنتى على الناحية الاخرى حتى الفجر فى عز البرد. تحسست كتفى وأنا أكتب هذا. الدال نقطة هى سنوات من خشونة الرقبة والمسكنات و عمر أقصر للكبد و بقية الامراض السيكوسوماتية.
الدال نقطة هى كل ما حرمت منه من متع فى عشر سنوات هى طفولة اولادى التى لم استمتع بها و انا اتركهم مع أختى او امى او الدادة لأذاكر. هى جو الكراهية الذى كنت أعمل فيه احيانا على اعتبار انه حلمى الشخصى والتحدى الخاص بى وهى حبال كثيرة مشدودة لعبت عليها سنوات حتى تنجز الرسالة التى آخرها الدال نقطة. تلك الدال هى بعض زميلاتى الان فى مصحات نفسية أو لا يزلن فى بيوت اهلهن بعد الاربعين أو تم ردهن لبيوت اهلهم باولادهم
( و شكلى حأحصلهم!) الدال نقطة هى دموع امى يوم المناقشة و زغرودة انطلقت بحرارة و أمنية لم يرها ابى.
أغلقت الجهاز . ستبقى الدال نقطة مع احترامى للجميع.
سألنى زوجى الحبيب الذى يحرص على قراءة ما أكتب ( لاحظ كلمة الحبيب الان!) من باب الاهتمام بكل ما أقول و كنوع مغلف من الرقابة العذبة الرقيقة ( أيه رأيك فى الوصف؟) سألنى لماذا أصر على اسباق اسمى ب د. منى أى الدكتورة منى ،ظنا منه أن هذا نوع من التفذلك والتفاخر الكريهان وأن هذا يعطى انطباعا بعدم الاحتراف أو ربما باحداث النعمة واظهارها البغيض لخلق الله وان من يريد ان يقرا لى لن يهتم ابدا بكونى دكتورة أو محامية أو أى شئ و لكن فى فرضى هذا على أى قارئ خطورة مهنية فادحة. فكرت كثيرا فى كلام زوجى واكتشفت إحتمالية وجاهته و حكمة وجهة نظره وقررت أن أسمع الكلام. فتحت الكمبيوتر ووصلت الى المقالات و وضعت سهم الفارة على حرف الدال تمهيدا لمسحه و لكننى ( مش ح أقول لقيت ايدى تقيلة و عينى بتدمع!) تأملت هذا الحرف طويلا لأستبطن معناه بالنسبة لى. فان تكون من حملة الدال يمثل بلا شك ميزة تفصلك عن الاميين ومتوسطى التعليم وحملة المؤهلات العليا و كذلك طلاب الدراسات العليا. بمعنى أدق ان تتميز عن تسعين بالمائة من المجتمع المصرى و أن تكون أمرأة حاملة للدال يعنى أن تتميز عن نصف النسبة الباقية. يعنى "كريمة المجتمع" كما يقولون وهو تميز واضح قد يعين أيضا فى التفاخر أمام النساء الجميلات و الغنيات و ذوى الاصول الارستقراطية و يون تاريخ الطبقة المتوسطة الطويل فى الكفاح و الحراك الاجتماعى عن طرق عدة منها التعليم. اذن فهو سلاح لطيف فى الحقيبة أستخدمه عند اللزوم. ولكن هل هذا هو السبب؟
الدال نقطة هى عشر سنوات من المذاكرة، أجمل سنوات الشباب، هى ليالى طويلة بدون نوم وأيام طويلة فى كل مكتبات مصر لجمع المادة العلمية حتى تتوحد خياشيمك مع تراب الكتب و يمتلا صدرك بكل انواع الفطريات النادرة والعادية و بعد عناء طويل للوصول للكتاب ثم الى موظف ماكينة التصوير تجدها عطلانة أو تجد الموظف يصلى و عليك دائما أن تحافظ على هدوئك حتى لا يختلق لك الذرائع حول كمية الطبع وحقوق الطبع ونوعية الكتاب والحد الاقصى المسموح به وما الى ذلك. و ما لا تجده من مواد عليك ان تجلبه من الخارج فتتوسل لكل من يسافر وتطوى يدك بلستة الكتب ومعها ما تيسر من الدولارات فى يده-يدها و انت تودعه متمنيا له رحلة سعيدة، و عندما يعود-تعود عليك ان تقبل ما احضره- احضرته دون ان تفتح فمك ( يمكن تحتاجه تانى!) ان كان ناقصا لبعض الاوراق أو دون البيانات فيصبح دون قيمة، كله ماشى. كان هذا طبعا قبل انتشار المكتبات الالكترونية عبر الانترنت و لذى سهل كثيرا الامر ألا انه فى كل الاحوال عليك أن تضحى بالغالى والنفيس لتشترى المصادر الالكترونية الموثقة و ان يتاجل كل شئ تود ان تشتريه حتى تنتهى مرحلة جمع المادة العلمية.
الدال نقطة هى أكثر من عشر سنوات من العذاب فى جامعاتنا المصرية ما بين استرضاء مشرف مستحيل الإرضاء والاستقرار على موضوع وانهاء كعب دائر طويل من الاوراق العبيطة الادارية والتذلل للموظفين وانت تفعل هذا و دعوة امك الطيبة وانت نازل والبسملة و الحوقلة وانت داخل عليهم ثم الورقة المقدسة فى يدك خالصة وكأنك ملكت الدنيا فتعيدها من أول و جديد بسبب سقوط كلمة أو تاريخ!
الدال نقطة هى الشللية داخل الاقسام والصراع الطاحن على لقمة العيش ومحاولة النجاة من الحزبية أو الوقوع فيها لا محالة و صفية حسابات الكبار على حساب الصغار و ان تحتمل هذا فى صمت والا زادت الطينة بلة و كانك تحمل صليبك على ظهرك فى صبر و تنظر على نهاية الطريق بامل خائف.
الدال نقطة لى كامرأة هى أن أغير اليافطة التى أحملها على صدرى و عليها كلمة "مزة" و أبدلها باخرى تحمل كلمة " انسان " وإنسان مجتهد و مختلف. هى كل المرات التى تم تذكيرى فى مجالس الاقسام بموعد القطار أو باننى لم اجهز الغذاء لزوجى ( الحبيب) أو أن ابنتى اصغر من ان اتركها كل هذا الوقت مع الدادة. الدال نقطة هى القماشة التى امسح بها كل التحرشات المهذبة و الغير مهذبة التى نمر بها كل يوم. هى شهور حملت بها الكتاب بيدى اليمنى و ابنى باليسرى أو كتبت على الكمبيوتر باليمنى وانا ارضع ابنتى على الناحية الاخرى حتى الفجر فى عز البرد. تحسست كتفى وأنا أكتب هذا. الدال نقطة هى سنوات من خشونة الرقبة والمسكنات و عمر أقصر للكبد و بقية الامراض السيكوسوماتية.
الدال نقطة هى كل ما حرمت منه من متع فى عشر سنوات هى طفولة اولادى التى لم استمتع بها و انا اتركهم مع أختى او امى او الدادة لأذاكر. هى جو الكراهية الذى كنت أعمل فيه احيانا على اعتبار انه حلمى الشخصى والتحدى الخاص بى وهى حبال كثيرة مشدودة لعبت عليها سنوات حتى تنجز الرسالة التى آخرها الدال نقطة. تلك الدال هى بعض زميلاتى الان فى مصحات نفسية أو لا يزلن فى بيوت اهلهن بعد الاربعين أو تم ردهن لبيوت اهلهم باولادهم
( و شكلى حأحصلهم!) الدال نقطة هى دموع امى يوم المناقشة و زغرودة انطلقت بحرارة و أمنية لم يرها ابى.
أغلقت الجهاز . ستبقى الدال نقطة مع احترامى للجميع.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
د.منى النمورى مدرس الأدب الإنجليزى والأمريكى بكلية الآداب جامعة طنطا وجامعة العلوم الحديثة والاداب بالسادس من اكتوبر، مترجمة وكاتبة إبداعية وعضو الجمعية الأدبية للأدب المقارن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المصـــــــــــدر: جريدة البلد اليوم |
هناك 5 تعليقات:
شكرا ع المجههود :)
موضوع جميل
موضوع جميل
موضوع جميل
أنا اللي أشكر حضرتك لانك بترفع معنوياتي
لان حضرتك بتهتم بالمدونة
إرسال تعليق