التاريخ : السبت 30 يونيو 2012 11:31:31 مساءً
تجول الكبارى بعقلى كثيراً فى الاونة الأخيرة، أجدها مفتقدة، غائبة فى حياتنا. فالمفارقة العجيبة ان الإهتمام الكبير بإنشاء الكبارى والجسور فى عهد مبارك لم يقابله عبور حقيقى للشعب من حال الى حال، بل كانت هناك دائماً علاقة طردية ما بين إنشاء الكبارى والإعلان عنها والإحتفاء بها وعبور الناس الحقيقيى من التخلف الى النهضة. تأخذنا الكبارى دائماً من نقطة الى أخرى، تعبر بنا مناطق تكاد تكون مستحيلة العبور، نهر، جبال، طريق مزدحم أو طريق خطر. الفكرة أيضاً قد تكون جسراً يعبر من عقل الى عقل ثم يعبر من شعب الى شعب وقد يعبر بالشعب من حال الى حال ولكنه لم يحدث. وإحتياجنا للكبارى الحقيقية فى مصر الآن اكبر من أى وقت مضى وحتى لا أصعب الأمر على الرئيس الجديد وأغلق باب الأمل فى وجه القارئ ووجهى، سأخص بالكلام نقطة واحدة هى البحث العلمى. "البحث العلمى؟ هو ده وقته" ربما مرت هذه الكلمات على عقلك الآن، لكن صبراً. يعرف الدكتور مرسى أكثر منى ومنكم أهمية البحث العلمى فهو أستاذ فى الجامعة ، تعب سنوات عديدة لينال درجته، يعرف معنى ان تلمع فكرة فى عقل الباحث فى لحظة غريبة ، ثم لا تفارقه، ثم يبدأ القراءة عنها و التجارب حولها إن كانت علمية وعملية ، ثم إذا حالفه النجاح يجدها تتحقق وتنتقل الى الناس فى بيوتهم وأعمالهم ووقتها يشعر بنشوة لا تضاهيها نشوة.إن كان الباحث فى دولة متقدمة تهتم بالعلم والعلماء ستجد فكرته من يتبناها من رجال الصناعة والأعمال ويصرف عليها لتكتمل وتتطور ثم يطبقها لتخرج منتجاً يجعل الحياة أفضل وتحسن من اوضاع الناس والمجتمع، أما إن كان فى دولة متخلفة أو يُراد لها التخلف لأغراض فى نفس يعقوب، فإنها تنذوى وتموت ويموت معها طموح الباحث تدريجياً. لا تصبح فكرة البحث العلمى فكرة حقيقية حتى تعبر من المعمل أو غرفة الدراسة أو رسائل الدكتوراة والماجستير وأبحاث الترقية وتصل الى الناس فتغير من حياتهم، حتى يحدث هذا تظل مجرد فكرة على الشاطئ الآخر فى إنتظار الجسر او الكوبرى، مجرد فكرة مركونة، مثل نبات بعيد عن الشمس والهواء والماء. فى جامعاتنا الالآف من الأفكار المركونة على الشاطئ الآخر فى إنتظار كبارى، عدد كبير منها قابل للتنفيذ فوراً لوتم تبنيه من رجال الصناعة. أفكار رائعة فى مجال الزراعة، مثل أبحاث الزراعة العضوية التى تبعد عن المبيدات والكيماويات ومضادات الفطريات لعلاج التربة وتلجأ لحلول طبيعية من قلب التربة نفسها فتحقق لها الإستدامة للأجيال القادمة ،أو ابحاث الطاقة المتجددة من إستخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمد والجذر فلا تكلفنا شيئاً ولا تفسد بيئتنا أكثر وأكثر.هذه أبحاث مجربة ومنشورة ومثبتة النتائج لم تجد لها مكاناً فى ظل جو الفساد الذى وضع المكسب فى المقام الأول والأخير وحارب بشراسة اى تطور لمصلحة المجتمع يبعده عن المكسب. فمستوردى الكيماويات والمخصبات والمبيدات وكذلك مصنعى السخانات الكهربية وصناعات الغاز وغيرها كان من مصلحتهم بقاء الأوضاع كما هى عليه دون تطور. مثالان واضحان على فكرتى والأمثلة لاتعد ولاتحصى. بالطبع من المستحيل القضاء على الفساد المعطل للمشاريع العلمية التنموية فى يوم واحد، لكن من الأكيد اننا على الأقل نستطيع البدء وتشكيل لجنة من علماء حقيقين، يختارهم العلماء الحقيقيون امثال زويل وغنيم ويعقوب وغيرهم ليبحثوا فى كافة الجامعات عن الأبحاث الناجحة ويضعوا خطة لتطويرها وتنفيذها بمساعدة أموال رجال الأعمال والذين يجب ان يقوموا بدورهم الإجتماعى الحتمى فى خدمة المجتمع ليس فقط بالأعمال الخيرية أو الإعلامية وإنما بالأعمال والمشاريع البحثية والتنموية الحقيقية. هذه الحلقة المفقودة ما بين البحث العلمى والمجتمع، هذا الجسر الذى لايفكر أحد فى بنائه هو ما يميز الدول المتقدمة عن غيرها . نحتاج هذا الجسر أكثر من أى وقت مضى ولا اجد بناؤه مستحيلاً. الحق أننى لا اجد شيئاً مستحيلا بعد كل تضحيات الشهداء والمصريين جميعأ طوال عقود مضت. وأكاد أزعم ان تحقيق هذا وحده قد يكون بداية الإنطلاقة الحقيقية لنهضة مصر وهى بداية يفهمها الرئيس مرسى بصفته عالماً لكن تظل الآليات هى العقبة التى تحتاج الى بناة الجسور من شرفاء الوطن، ليعبروا بمصر من حال الى حال. هل هناك من يضع أول طوبة فى جسر العبور؟
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق