دكتور محمد الشافعي
أعجب – بل أكاد أندهش – كيف يمكن لبعض الأشخاص أن يتصدّروا مشهد الفن والإعلام، رغم افتقادهم لأبسط مقوّمات الموهبة الحقيقية.
لا تجد في أدائهم عمقًا، ولا في وجوههم جاذبية فنية، ولا في حضورهم شيئًا يُشبه الكاريزما التي تطبع الفنانين الذين يستحقون البقاء في ذاكرة الناس.
بل إن المدهش أكثر أن بعضهم يتعمد التكلّف، ويتباهى بالسطحية، ويُروّج لنمط من السلوك لا يليق بالشاشة ولا يعكس ذوقًا راقيًا، ثم نراهم مع ذلك نجوماً يُحتفى بهم في الإعلانات والبرامج وكأنهم قدوة يُشار إليها بالبنان.
حين تنظر إلى مثل هذه النماذج، يخيل إليك أنك تشاهد مشهدًا عابرًا من أحد أحياء العشوائيات، لا عملاً فنيًا يرتقي بذوق الإنسان أو يخاطب وجدانه.
وقد تظن لأول وهلة أن الأمر مجرد صدفة، أو موجة عابرة ستنحسر سريعًا، لكن الواقع يُخبرك أن هناك جمهورًا – أو هكذا يُقال – يتابع ويصفق ويبرر، بل ويُدافع باستماتة!
فهل هو جمهور حقيقي؟
أم أن المبالغة في التكرار والترويج تُصنِع "وهم النجومية" وتُقنع العامة بأن هذا هو الفن؟
وهل تراجع الذوق العام بلغ هذا الحد من التردّي حتى يصبح الضجيج بديلاً عن الجودة، والإثارة الرخيصة بديلًا عن المعنى؟
في زمن مضطرب كهذا، تصبح الشهرة متاحة لكل من يملك القدرة على إثارة الجدل، لا لمن يملك الفكر أو الإبداع أو القيمة...
وهنا لا يسعني إلا أن أسترجع المقولة القديمة: "في زمنٍ اختلطت فيه المعايير، أصبح التافه نجمًا، وأُقصي صاحب الموهبة في الظل."

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق