2025-09-06

كرة بلا روح

 


دكتور محمد الشافعي 

بعد مشاهدة مقتطفات من مباراة مصر واثيويبا اليوم 5 9 2026

زيف كرة القدم المعاصرة

لم تعد مباريات كرة القدم اليوم تحمل من جوهر الرياضة شيئًا يُلهم أو يُمتع، بل تحوّلت إلى صورة صاخبة بلا مضمون، وإلى صراع مفتعل على المستطيل الأخضر يخلو من الفن الحقيقي الذي يُحرّك الوجدان. كيف يُقال إننا أمام مباراة كرة قدم، بينما كل ما يُقدَّم لا يرقى حتى إلى مجرد تدريب عابر؟

وليس أشد وطأة على النفس من ذلك الضجيج الذي يلفّ المشهد؛ أصوات المزامير والصفارات التي تُطلق على غير هدى، حتى غدت المباريات سوقًا صاخبًا بدل أن تكون ساحة رياضية. ضوضاء تفتك بالسمع، وتبعث التوتر والصداع، فلا يبقى للمتابع سوى الانزعاج والنفور.

أما المعلّقون، فقد ابتعدوا عن جوهر اللعبة ليغرقوا في أحاديث لا صلة لها بالميدان، يذرّون الكلام جزافًا، ويُعيدون على الأسماع تكرارًا أجوفًا لا يضيف شيئًا. إن صوت المعلّق – كما يُبث اليوم – لم يعد أداة إيضاح، بل صار عامل إزعاج يبعث على الكآبة والملل.

ثم تأتي تلك الهوجة الإعلامية التي تسبق المباراة وتلحقها، تضخيمٌ مصطنع، وتحليلات عقيمة، ورعاع يملؤون الشاشات صخبًا، بينما الحقيقة على الملعب: خواءٌ لا يساوي هذا الضجيج.

أما عن ثقافة التشجيع التي تدعو الإنسان إلى أن يكون "نفرًا" ذائبًا في جمهور صاخب، فذلك ما لا أقبله لنفسي ولا أراه يليق بكرامة إنسان. أن يُختزل الكائن العاقل إلى مجرد مُصفّق أو صائح يهتف خلف فريق، وكأنه أداة لا عقل لها ولا موقف، فهذا مما يُسقط من قدر الإنسان ويُهدر من قيمته.

إن الرياضة في جوهرها تربية للنفس وتهذيب للروح قبل أن تكون منافسة على الأهداف والنقاط. فإذا تحولت إلى ضوضاء خاوية، وصارت وسيلة لصناعة الوهم وإشغال العقول عن القضايا الكبرى، فهي عندئذ عبء لا متعة، وزيف لا حقيقة، وصورة باهتة لما كان ينبغي أن يكون.

ليست هناك تعليقات: