كان العنوان الأصلى لهذا المقال هو "عن كمبيوترى المعطل
ونصرة الرسول ومدرسة إبنى والجرافيتى والجامعة الأمريكية"، لكن إبنتى التى
مرت بالصدفة ونظرت من ورائى صاحت بعفوية " كل ده؟ دى خلطبيطة" فقررت ان
أسير وراء حِسها المرهف واغير العنوان الى خلطبيطة نسوية، والخلطبيطة بالطبع هى
أشياء تبدو لاعلاقة لها ببعضها البعض أما موضوع النسوية هذه فخذوها على انها زاوية
تناول، أو العدسة التى ترى الخلطبيطة.. والله اعلم!
بلا تكنولوجيا
تعطل كمبوترى الصغير، عطل من العيار الثقيل، ذلك الذى لايفلح معه أى شئ ويصبح الكمبوتر هو وقطعة الحديد سواء ، شعور غريب ينتابنى من الوحدة والإقصاء فانا ضيف ثقيل على بقية اجهزة البيت لإرسال رسالة عاجلة او كتابة فكرة ملحة، تنكشف علاقات التملك تحت السقف الواحد وأبدا طفولة جديدة تعيسة، فأنا بدون هذه التكنولوجيا مثل طفلة ضائعة كل صباح، عاجزة أن ابدا يومى او أنظمه، كاننى طفل وٌلد حديثاً يعيش اللحظة بلحظتها ولايتذكر الكثير مما مضى ولايعرف ان يخطط للمستقبل، اتذكر المبدع لينين الرملى فى مسرحية الهمجى، حين إختزن آدم كل الحياة على شريحة تم زرعها له فى المخ وحين تعطلت، إكتشف انه قد نسى كل شئ حتى الكلام وبدأ يتعلم كل شئ من جديد. آخذ نفساً طويلاً .نبدا كل شئ من جديد، مثل الإنتفاضة المصرية، الرفض والحلم والمحاولة والفشل..من جديد!
نصرة الرسول
مثل الثور الهائج دائماً ما تستفزنا الرايات الجمراء ، نندفع وراءها لندخل بقروننا العنيفة فى الجدار أو نتلقى سيوف الماتادور التى خُطط لها بمنتهى الدقة فتفسد علاقاتنا بالعالم الخارجى التى نحاول ان نقيمها على اسس متحضرة وينتهى الأمر باننا محلك سر وقد أعطينا أسوا مثل لكل ما يمت للإسلام بصلة، شئ حزين جداً ان نفتقر الى اى عقل امام إنفعالاتنا وأن نعبر عن إستيائنا بأبلغ الطرق دون عنف فنعمق صورة الإرهابى المسلم والمجنون المسلم ونكون بهذا ننصر الرسول! يحضرنى بيت شعرى للشاعر الإيرلندى ييتس "الصفوة يفتقرون لأى إيمان بينما العامة يملأهم الحماس العنيف"
مدرسة إبنى
أكاد أنفجر من الغيظ على ما فوجئت به فى أوائل ايام الدراسة فى مدرسة إبنى، فوجئت بان المدرسة قد اخذت قراراً بفصل البنين عن البنات فى المرحلة الثانوية!!! لست من اعضاء مجلس الإدارة ولكن بكون ولدى فى المدرسة يجعلنى عضو لابد من الرجوع إليه قبل تغيير شكل الدراسة بها، من الناحية التعليمية اجد ان القرار ليس بالسئ على إجماله ففى عنفوان مرحلة المراهقة قد يكون من المفيد أن يخف الضغط داخل الفصل والمحاولات الدائمة للفت الإنتباه من الجنسين وبالتالى ينصب التركيز على العملية التعليمية، لكن يزال الشباب والشابات يقابلون بعضهم البعض فى الفسحة والممرات وتظل رغبة التواصل كما هى، بمعنى ان الأمر كان ليبدو طبيعيا لو كانت المدارس مفصولة من البداية، اما ان يتم هذا بهذه الطريقة المفاجئة ودون دراسة الأمر ودون الرجوع لبقية الأهالى فهو بالأمر الغريب ولا أفهم منه سوى ان المدرسة رضخت لطلبات بعض الآباء الذين ما جرأوا على إجراء هذا التغييرفى مدرسة هى من الأصل مختلطة إلا بعد صعود تيار الإسلام السياسى وأيضا ً لتسويق نفسها فتضمن المزيد من الرؤوس بعد ذيع صيتها بانها المدرسة التى تتقى الله وتفصل بين الجنسين، وحتى لاتظلمونى وتتصورا اننى متحاملة فقط إسمعوا بقية الحكاية، فالمدرسة وبعد ان أعادت تقسيم الأماكن وجدت عجزاً ما بين العدد والفصول المتاحة وأضطرت حتى لاتفتح فصلا جديداً لستة من الأولاد ان تضعهم فى فصل البنات!!!! نعم، عاكست ما أعلنت للتو انها تؤمن به من فضيلة وذلك لمصلحة اهم واكثر إلحاحاً وأسمت الأولاد الذين إضطرت أن تضعهم فى فصل البنات بالستة المؤدبين المجتهدين الذين لاضرر منهم!!!ألا يذكركم نمط السلوك هذا بحوادث معاصرة؟ لن أحدثكم عن تأثير هذا على الستة المؤدبين، وكيف ينظر لهم بقية الأولاد وما قد يطلقوه عليهم فى جلساتهم الذكورية القاسية،فقط ساحدثكم عن مصرالتى توجعنى، مصر التى تتغير بطريقة قطم الجزرة، قطمة واحدة!
الجرافيتى:
لم أكن اعرف الكثير عن هذا الفن الشعبى ولم اكن اطلق على ما رايته دوماً منذ الصغر على جدران البيوت والشوارع من شعارات او شتائم أى شئ وإن وقفت امامها دوماً فى محاولة للفهم حتى إنتشرت تصاوير الجرافيتى فى كل مكان أيام الإنتفاضة المصرية وتفاوتت فى الجودة والإبهار وقوة الشعار وإستخدمت وجوهاً بتنا نعرفها للشهداء او الرموز السياسية على إختلافها وأصبح الجرافيتى رمزاً من رموز الثورة فى البداية ورمزا أكيداً لإستمرارها الآن ، ففى المساحة ما بين الإصرار على مسح الجرافيتى بأى ذريعة والإصرار على إعادة رسمه بأى ثمن تكمن روح ثورية متاججة مهما كانت محدودة فى المكان والزمان،روح أكيدة وخطرة مثل مستصغر الشرر.كنت محظوظة أن أرى جرافيتى محمد محمود فى مراحله المختلفة، فى اوله واوجه وبعد مسحه وبعد إعادة رسمه مباشرة والمذهل انه بعد مسحه وإعاده رسمه إنعقدت حوله دوائر هائلة وواسعة من النقاشات بين مختلف أطياف الشعب المار من جنب المكان والسياح والطلبة وأطفال الشوارع وستات البيوت، الجميع بلا إستثناء يقف ليرى، يناقش، يختلف ويعترض وحين يستدير ليمضى فى طريقه، لايكون هو نفس الشخص على اى حال.وعلى كل سور يقيمه النظام ليحمى ما يرى من الواجب حمايته يرتسم الجرافيتى ويعبر .أنام واحلم ان بيدى فرشاة كبيرة وطلاء احمر زاهى، ألون جدران الجامعة وقاعات التدريس وبعض الوجوه التى لابد وان توصمها فرشاة ثورية وارى فى منامى فلان بيه الذى كان يوما بعيداً قائدأً لحرس الجامعة ينظر لى بغضب.
الجامعة الأمريكية
شئنا ام ابينا وسواء أحببنا امريكا أو كرهناها تظل الجامعة الأمريكية بمؤسساتها ومكتبتها من علامات التنويرالثقافى فى مصر فمن فعاليات ثقافية لشخصيات دولية زائرة للمحاضرة لمؤتمرات عالية التنظيم، لاتزال فعاليات الجامعة الأمريكية قادرة على إخراجى من كثير من الإكتئاب والإحباط فى كثير من الأحيان، أخرج واترك الكثير من ورائى، كعمل ثورى ضد عبودية العمل وعبودية البيت احيانا، ولااعود نادمة ابداً فحتماً أعود وقد إنتشت روحى بالمعرفة، وإنهدم امامى جداريخنقنى.حديثاٍ حضرت مناقشة عن الثورة والثقافة الدارجة، من ضمن فعاليات الأكاديمية الصيفية التى نظمتها الجامعة بالإشتراك مع برنامج "اوروبا فى الشرق الوسط" ،بعنوان"الجماليات والسياسات" وتحت إشراف الرائعة د.سامية محرز رئيس مركزالترجمة بالجامعة الأمريكية بمساهمة فعالة من د.راندا ابو بكرأستاذ الأدب الإنجليزى فى جامعة القاهرة، الأكاديمية التى ضمت باحثين دولين إستمرت على مدار عشرة أيام من المناقشات الخاصة والمحاضرات العامة .بالنسبة لى كان حضور الندوة الختامية جهاداً اكبر تلك المرة فقد كنت اجرجر قدماً مصابة واقود السيارة فى عز الظهر فى وسط الأسبوع فى ايام المدارس فى شوارع القاهرة!أى حرب طاحنة. تلك الندوة الرائعة التى ضمت فنان الكاريكاتير عمرو سليم والموسيقية الشابة يسرا الهوارى ومصممة الجرافيتى هبة حلمى ،تكلم الثلاثة عن سنوات من المقاومة عن طريق الفن من قبل الثورة وأثناء الثورة، وحتى الآن والى الأبد على ما يظنون، تكلموا جميعا عن خبط الدماغ فى الحائط ، عن خطر المحاكمات المحتملة فى كل يوم، عن علاقة الفن الدارج مثل الكاريكاتير أو الجرافيتى أو الأغانى بإحياء الثورة فى القلوب، فروح الفن ثورية الطابع، باعثة الأمل، داعمة الثورة، تكلموا عن الإقصاء وعن وأد الثورة وعن الفن فى مواجهة القمع وعن المدينة الفاضلة التى أضاءت ميدان التحرير فى ثمانية عشر يوماً ولازلنا نبحث عنها الآن. تنتهى الندوة باغنية يسرا الهوارى عن" السور"،تلك الأسوار الحجرية التى تم بناؤها بعد الثورة فى كثير من شوارع وسط البلد حول الأماكن الهامة التى لابد للأمن من ان يحميها،والتى يحولها الفنانون الى لوحات ثائرة من الجرافيتى.
اعود الى احمالى التقليدية وقد إنزاح حمل من على صدرى، فى طريق العودة لازلت تائهة فى شوارع القاهرة الكبرى الطويلة المكدسة بالسيارات المتراصة، مثل جاراج كبير مترامى الأطراف يتحرك ببطء شديد،ولكنى أكثر قوة فى مواجهة الإختناق. امامى سيارة نصف نقل تتراص فيها شابات صغيرات من الواضح أنهن فى طريق العودة من العمل فى البناء، وجدتنى أبتسم لوجه شابة صبوح طل من بين هذه الباقة، فإبتسمت لى فى خجل، فأشرت لها بيدى وأشارت لى وظل هذا الغزل الجميل بعض الوقت حتى تخطيتها بسيارتى ولكن ظل وجهها الشاب الصبوح يرافقنى حتى نمت.
وانا أصحو تاتينى اغنية" السور" للفراشة المبدعة يسرا الهوارى تسخر من الأسوار وبنائيها وحاميها ومن محاولة وأد الثورة بالعصا والجردل واجدنى أبتسم رغماً عنى:"ادام السور، ادام اللى بانيه، ادام السور، ادام اللى معليه وكمان ادام اللى واقف يحميه.. وقف راجل غلبان وعمل بيبيى.عمل بيبى...ع السور واللى بانيه واللى معليه واللى بيحميه.."
بلا تكنولوجيا
تعطل كمبوترى الصغير، عطل من العيار الثقيل، ذلك الذى لايفلح معه أى شئ ويصبح الكمبوتر هو وقطعة الحديد سواء ، شعور غريب ينتابنى من الوحدة والإقصاء فانا ضيف ثقيل على بقية اجهزة البيت لإرسال رسالة عاجلة او كتابة فكرة ملحة، تنكشف علاقات التملك تحت السقف الواحد وأبدا طفولة جديدة تعيسة، فأنا بدون هذه التكنولوجيا مثل طفلة ضائعة كل صباح، عاجزة أن ابدا يومى او أنظمه، كاننى طفل وٌلد حديثاً يعيش اللحظة بلحظتها ولايتذكر الكثير مما مضى ولايعرف ان يخطط للمستقبل، اتذكر المبدع لينين الرملى فى مسرحية الهمجى، حين إختزن آدم كل الحياة على شريحة تم زرعها له فى المخ وحين تعطلت، إكتشف انه قد نسى كل شئ حتى الكلام وبدأ يتعلم كل شئ من جديد. آخذ نفساً طويلاً .نبدا كل شئ من جديد، مثل الإنتفاضة المصرية، الرفض والحلم والمحاولة والفشل..من جديد!
نصرة الرسول
مثل الثور الهائج دائماً ما تستفزنا الرايات الجمراء ، نندفع وراءها لندخل بقروننا العنيفة فى الجدار أو نتلقى سيوف الماتادور التى خُطط لها بمنتهى الدقة فتفسد علاقاتنا بالعالم الخارجى التى نحاول ان نقيمها على اسس متحضرة وينتهى الأمر باننا محلك سر وقد أعطينا أسوا مثل لكل ما يمت للإسلام بصلة، شئ حزين جداً ان نفتقر الى اى عقل امام إنفعالاتنا وأن نعبر عن إستيائنا بأبلغ الطرق دون عنف فنعمق صورة الإرهابى المسلم والمجنون المسلم ونكون بهذا ننصر الرسول! يحضرنى بيت شعرى للشاعر الإيرلندى ييتس "الصفوة يفتقرون لأى إيمان بينما العامة يملأهم الحماس العنيف"
مدرسة إبنى
أكاد أنفجر من الغيظ على ما فوجئت به فى أوائل ايام الدراسة فى مدرسة إبنى، فوجئت بان المدرسة قد اخذت قراراً بفصل البنين عن البنات فى المرحلة الثانوية!!! لست من اعضاء مجلس الإدارة ولكن بكون ولدى فى المدرسة يجعلنى عضو لابد من الرجوع إليه قبل تغيير شكل الدراسة بها، من الناحية التعليمية اجد ان القرار ليس بالسئ على إجماله ففى عنفوان مرحلة المراهقة قد يكون من المفيد أن يخف الضغط داخل الفصل والمحاولات الدائمة للفت الإنتباه من الجنسين وبالتالى ينصب التركيز على العملية التعليمية، لكن يزال الشباب والشابات يقابلون بعضهم البعض فى الفسحة والممرات وتظل رغبة التواصل كما هى، بمعنى ان الأمر كان ليبدو طبيعيا لو كانت المدارس مفصولة من البداية، اما ان يتم هذا بهذه الطريقة المفاجئة ودون دراسة الأمر ودون الرجوع لبقية الأهالى فهو بالأمر الغريب ولا أفهم منه سوى ان المدرسة رضخت لطلبات بعض الآباء الذين ما جرأوا على إجراء هذا التغييرفى مدرسة هى من الأصل مختلطة إلا بعد صعود تيار الإسلام السياسى وأيضا ً لتسويق نفسها فتضمن المزيد من الرؤوس بعد ذيع صيتها بانها المدرسة التى تتقى الله وتفصل بين الجنسين، وحتى لاتظلمونى وتتصورا اننى متحاملة فقط إسمعوا بقية الحكاية، فالمدرسة وبعد ان أعادت تقسيم الأماكن وجدت عجزاً ما بين العدد والفصول المتاحة وأضطرت حتى لاتفتح فصلا جديداً لستة من الأولاد ان تضعهم فى فصل البنات!!!! نعم، عاكست ما أعلنت للتو انها تؤمن به من فضيلة وذلك لمصلحة اهم واكثر إلحاحاً وأسمت الأولاد الذين إضطرت أن تضعهم فى فصل البنات بالستة المؤدبين المجتهدين الذين لاضرر منهم!!!ألا يذكركم نمط السلوك هذا بحوادث معاصرة؟ لن أحدثكم عن تأثير هذا على الستة المؤدبين، وكيف ينظر لهم بقية الأولاد وما قد يطلقوه عليهم فى جلساتهم الذكورية القاسية،فقط ساحدثكم عن مصرالتى توجعنى، مصر التى تتغير بطريقة قطم الجزرة، قطمة واحدة!
الجرافيتى:
لم أكن اعرف الكثير عن هذا الفن الشعبى ولم اكن اطلق على ما رايته دوماً منذ الصغر على جدران البيوت والشوارع من شعارات او شتائم أى شئ وإن وقفت امامها دوماً فى محاولة للفهم حتى إنتشرت تصاوير الجرافيتى فى كل مكان أيام الإنتفاضة المصرية وتفاوتت فى الجودة والإبهار وقوة الشعار وإستخدمت وجوهاً بتنا نعرفها للشهداء او الرموز السياسية على إختلافها وأصبح الجرافيتى رمزاً من رموز الثورة فى البداية ورمزا أكيداً لإستمرارها الآن ، ففى المساحة ما بين الإصرار على مسح الجرافيتى بأى ذريعة والإصرار على إعادة رسمه بأى ثمن تكمن روح ثورية متاججة مهما كانت محدودة فى المكان والزمان،روح أكيدة وخطرة مثل مستصغر الشرر.كنت محظوظة أن أرى جرافيتى محمد محمود فى مراحله المختلفة، فى اوله واوجه وبعد مسحه وبعد إعادة رسمه مباشرة والمذهل انه بعد مسحه وإعاده رسمه إنعقدت حوله دوائر هائلة وواسعة من النقاشات بين مختلف أطياف الشعب المار من جنب المكان والسياح والطلبة وأطفال الشوارع وستات البيوت، الجميع بلا إستثناء يقف ليرى، يناقش، يختلف ويعترض وحين يستدير ليمضى فى طريقه، لايكون هو نفس الشخص على اى حال.وعلى كل سور يقيمه النظام ليحمى ما يرى من الواجب حمايته يرتسم الجرافيتى ويعبر .أنام واحلم ان بيدى فرشاة كبيرة وطلاء احمر زاهى، ألون جدران الجامعة وقاعات التدريس وبعض الوجوه التى لابد وان توصمها فرشاة ثورية وارى فى منامى فلان بيه الذى كان يوما بعيداً قائدأً لحرس الجامعة ينظر لى بغضب.
الجامعة الأمريكية
شئنا ام ابينا وسواء أحببنا امريكا أو كرهناها تظل الجامعة الأمريكية بمؤسساتها ومكتبتها من علامات التنويرالثقافى فى مصر فمن فعاليات ثقافية لشخصيات دولية زائرة للمحاضرة لمؤتمرات عالية التنظيم، لاتزال فعاليات الجامعة الأمريكية قادرة على إخراجى من كثير من الإكتئاب والإحباط فى كثير من الأحيان، أخرج واترك الكثير من ورائى، كعمل ثورى ضد عبودية العمل وعبودية البيت احيانا، ولااعود نادمة ابداً فحتماً أعود وقد إنتشت روحى بالمعرفة، وإنهدم امامى جداريخنقنى.حديثاٍ حضرت مناقشة عن الثورة والثقافة الدارجة، من ضمن فعاليات الأكاديمية الصيفية التى نظمتها الجامعة بالإشتراك مع برنامج "اوروبا فى الشرق الوسط" ،بعنوان"الجماليات والسياسات" وتحت إشراف الرائعة د.سامية محرز رئيس مركزالترجمة بالجامعة الأمريكية بمساهمة فعالة من د.راندا ابو بكرأستاذ الأدب الإنجليزى فى جامعة القاهرة، الأكاديمية التى ضمت باحثين دولين إستمرت على مدار عشرة أيام من المناقشات الخاصة والمحاضرات العامة .بالنسبة لى كان حضور الندوة الختامية جهاداً اكبر تلك المرة فقد كنت اجرجر قدماً مصابة واقود السيارة فى عز الظهر فى وسط الأسبوع فى ايام المدارس فى شوارع القاهرة!أى حرب طاحنة. تلك الندوة الرائعة التى ضمت فنان الكاريكاتير عمرو سليم والموسيقية الشابة يسرا الهوارى ومصممة الجرافيتى هبة حلمى ،تكلم الثلاثة عن سنوات من المقاومة عن طريق الفن من قبل الثورة وأثناء الثورة، وحتى الآن والى الأبد على ما يظنون، تكلموا جميعا عن خبط الدماغ فى الحائط ، عن خطر المحاكمات المحتملة فى كل يوم، عن علاقة الفن الدارج مثل الكاريكاتير أو الجرافيتى أو الأغانى بإحياء الثورة فى القلوب، فروح الفن ثورية الطابع، باعثة الأمل، داعمة الثورة، تكلموا عن الإقصاء وعن وأد الثورة وعن الفن فى مواجهة القمع وعن المدينة الفاضلة التى أضاءت ميدان التحرير فى ثمانية عشر يوماً ولازلنا نبحث عنها الآن. تنتهى الندوة باغنية يسرا الهوارى عن" السور"،تلك الأسوار الحجرية التى تم بناؤها بعد الثورة فى كثير من شوارع وسط البلد حول الأماكن الهامة التى لابد للأمن من ان يحميها،والتى يحولها الفنانون الى لوحات ثائرة من الجرافيتى.
اعود الى احمالى التقليدية وقد إنزاح حمل من على صدرى، فى طريق العودة لازلت تائهة فى شوارع القاهرة الكبرى الطويلة المكدسة بالسيارات المتراصة، مثل جاراج كبير مترامى الأطراف يتحرك ببطء شديد،ولكنى أكثر قوة فى مواجهة الإختناق. امامى سيارة نصف نقل تتراص فيها شابات صغيرات من الواضح أنهن فى طريق العودة من العمل فى البناء، وجدتنى أبتسم لوجه شابة صبوح طل من بين هذه الباقة، فإبتسمت لى فى خجل، فأشرت لها بيدى وأشارت لى وظل هذا الغزل الجميل بعض الوقت حتى تخطيتها بسيارتى ولكن ظل وجهها الشاب الصبوح يرافقنى حتى نمت.
وانا أصحو تاتينى اغنية" السور" للفراشة المبدعة يسرا الهوارى تسخر من الأسوار وبنائيها وحاميها ومن محاولة وأد الثورة بالعصا والجردل واجدنى أبتسم رغماً عنى:"ادام السور، ادام اللى بانيه، ادام السور، ادام اللى معليه وكمان ادام اللى واقف يحميه.. وقف راجل غلبان وعمل بيبيى.عمل بيبى...ع السور واللى بانيه واللى معليه واللى بيحميه.."