الرياضة البدنية تذهب الغضب وتعيد الحيوية للجسم
إيناس بركات *ــــــــــــــــــــــقيل : ( من لا يجد وقت للرياضة فسوف يجد متسعا من الوقت للمرض)
فإن كنت لا تمارس الرياضة البدنية المستمرة فلا تضيع الوقت أكثر من ذلك وابدأ الآن وحاول أن تنظر للرياضة على أنها شيء أساسي في الحياة وليس مكملا أو مضيعة للوقت .
فما أحوجنا اليوم لمزاولة الرياضة فالعضلات لا تضمر بفعل السنين إلا إذا أهملناها ، كما وأن القلب والأوعية الدموية لا تتأثر بتقدم العمر بقدر تأثرها بنمط حياتنا .
فمنذ بدء الخليقة كان الإنسان الأول يعيش معتمدا على الحركة فلكي يأكل كان لا بد من القيام بمجهود ليصطاد الفريسة ولكي ينجو بحياته كان عليه أن يجري ويتسلق الأشجار وينحت الصخور والكهوف فازدهرت صحته واكتملت لياقته ، فالمبدأ الأساسي لبناء جسم قوي والاحتفاظ بصحة جيدة هو أن نجعل عضلاتنا تتحرك .
يساعد النشاط الجسدي في منع أو معالج أو الوقاية من العديد من الأمراض كأمراض القلب والسكري والبدانة وهشاشة العظام خاصة في أطوارها الأولى كما يساعد في إنقاص عوامل الخطورة الرئيسية التي يمكن ضبطها مثل ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكولسترول .
يعتبر السرطان وأمراض القلب والشرايين والسكتات الدماغية من كبار القتلة في وقتنا الحاضر وهي أمراض تتعلق بنمط حياتنا وعن الطريقة التي نعيش بها خاصة الغذاء الذي نأكله أو الذي نمتنع عن أكله والتلوث في بيئتنا والشدة النفسية والتدخين وعدم ممارسة الرياضة .
هذه الأمور جميعا تؤدي لتدفق سيل من الجذور الحرة ( Free Radicals ) لتهاجم خلايانا السليمة وهذه الجذور عبارة عن جزيئات من الأكسجين غير مستقرة وشديدة التفاعل ، لا تشبه الأكسجين الذي نتنفسه لأنها تحمل إلكترون واحد فقط وتتجول في أجسامنا باحثة عن إلكترون لخطفه من أي خلية سليمة لتستقر ، كما أنها تتسبب بزيادة عمليات الأكسدة في الجسم الأمر الذي يلحق الضرر بأغشية الخلايا والمادة الوراثية DNA وحتى البروتين وبالتالي تؤدي لتغيير الصفات الوراثية للخلايا ، ويعتقد أنها بجانب عوامل أخرى تساهم في ظهور أمراض كثيرة منها السرطان وأمراض القلب والشرايين والرئة والتهاب المفاصل والماء الأزرق ( الساد ) والسكري والزهايمر والشيخوخة المبكرة .
لقد سميت هذه الأمراض بأمراض المجتمعات الغنية وذلك لعلاقتها بالغذاء الغني بالدهون والكولسترول والبروتين والسعرات الحرارية العالية وانخفاض الفاكهة والخضراوات والألياف الغذائية في وجباتهم مع انعدام النشاط الرياضي طبعا .
هل تجد وقتا للرياضة ؟
أغلب الناس يعللون عدم ممارستهم للرياضة بأنهم لا يجدون الوقت لها حيث أصبحت الحياة تسير بإيقاع سريع وزيادة في الهموم والمشاكل التي تواجه الناس في حياتها اليومية ومع ذلك فإن الناس الذين نجحوا في مزاولة الرياضة المنتظمة عندهم نفس الأربعة والعشرين ساعة فقد استطاعوا تغيير نمط حياتهم وعاداتهم ونظامهم اليومي .
إن اقتناع الإنسان أنه مشغول وليس لديه وقت لممارسة الرياضة اقتناع غير حقيقي لأن من الممكن إيجاد جزء من الوقت إذا كان هناك إرادة وعزم قويين.إذا كيف تبدأ ممارسة الرياضة ؟
لا شك أن الفترة الأولى لمزاولة الرياضة تعتبر من أصعب الفترات وكثيرا من الناس يستسلمون في الأسابيع الأولى أو الشهور الأولى لعدم تعودهم عليها ولاعتقادهم أن الوقت فات لمزاولتها لكن إذا اتبعت التعليمات التالية سوف تستمر وبسعادة أيضا :-
1- حدد مواعيد ثابتة لمزاولة النشاط الرياضي .
2- لا تبدأ فجأة ممارسة تمرينات مجهدة وعنيفة ولكن اتبع الأسلوب المتدرج فالتمارين المعتدلة لا تسبب آلاما ومفيدة بنفس قدر التمارين المنهكة .
3- حاول أن تتخذ الرفيق قبل الطريق فممارسة الرياضة مع الأصدقاء تجعلك تأنس بهم وتزيد من تصميمك ومثابرتك على الرياضة .
4- انتقي الأماكن المناسبة لممارسة الرياضة ويفضل بالهواء الطلق وأسهل وأرخص رياضة هي رياضة المشي السريع .
5- اختر التمارين المناسبة لعمرك وحالتك الصحية فإذا كنت تشكو من مرض معين كالديسك أو التهاب في المفاصل والأعصاب استشر طبيبك أو المدربين المختصين عن التمارين المفيدة لحالتك والتي تساعد العلاج بالأدوية .
6- ارتداء الملابس الرياضية يحفزك على الأداء الرياضي والاستماع للموسيقى يسهل ممارستها أيضا .
7- لا تربط بين مزاولة الرياضة وإنقاص الوزن عليك بالتمهل لأن فقدان كيلوجرامات سيحدث حتما إذا واصلت الرياضة .
8- سجل في نادي رياضي فالرياضة الجماعية تشجع على الاستمرار .
متى تزاول الرياضة ؟
أفضل الأوقات لممارسة الرياضة في الصباح الباكر قبل تناول الإفطار حيث تعمل الرياضة في هذا الوقت على حرق الدهون حيث تكون نسبة السكر في الدم أقل من معدلاتها فتؤخذ احتياجات الجسم من الطاقة من الدهون المخزونة وإن لم تستطع في الصباح الباكر ففي فترة المساء بعد الأكل بحوالي 3 ساعات وفي أجواء مناسبة .
فمثلا ممارسة الرياضة في أيام حارة رطبة تؤدي إلى فقدان كميات كبيرة من السوائل والأملاح مع العرق والاعتقاد الخاطئ أن العرق الغزير يساعد على التخسيس ليس له أساس من الصحة حيث تفقد المياه الغير مرغوب فيها كما وأن الاعتقاد أن حرارة الجو تذيب الدهون اعتقاد خاطئ لأن الدهون تحرق نتيجة المجهود العضلي فقط .
فوائد الرياضة :-
1- التحسن العام في الصحة وزيادة القوة ودرجة الاحتمال .
2- تزيد من كفاءة المخ والجهاز العصبي وتعيد للإنسان الثقة بالنفس والتوازن النفسي وتبعد عنه شبح الاكتئاب .
3- تقلل من احتمال الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية .
4- تساعد في علاج ضغط الدم المرتفع وتقلل نسب الدهون بالدم .
5- تحسن كفاءة الرئتين وتقلل من اضطرابات النوم والأرق .
6- تزيد من معدل التمثيل الغذائي فتقلل الوزن وتقلل من ظهور الشوارد الحرة التي تؤكسد الخلايا وتدمرها قبل أوانها .
7- تزيد من احتياج الجسم للسعرات الحرارية فتستهلك هذه السعرات حتى في أوقات الراحة فالعضلات تظل في حالة نشاط دائم بعد الرياضة .
8- تقي من هشاشة العظام والإمساك المزمن .
9- تقلل نسبة السكر في الدم لأنها تحفز الجسم على إفراز الأنسولين .
10- تزيد من كفاءة استخدام الجسم للأكسجين .
11- تساعد على الانخراط في الحياة الاجتماعية وتبعد عنك الوحدة والعزلة .
التنوع في ممارسة الرياضة ضروري :-
من الضروري التنوع في ممارسة الرياضات المختلفة حتى لا يشعر الإنسان بالملل كما قد يتسبب وضع عظامه ومفاصله وعضلاته في نفس الإطار الحركي والضغط على نفس النقاط في كل تمرين في الإجهاد أو الإصابة التي قد تعوقه عن الاستمرار في الرياضة .إن ممارسة الرياضات المختلفة تقلل العبء الملقى على أجزاء معينة من الجسم بتكرار نفس التمرين على المدى الطويل وعلى سبيل المثال فإن بعض اللاعبين الذين يمارسون رياضة التنس لمدة طويلة يصابون بما يسمى ( مفصل التنس ) وهي آلام تصيبهم في مفصل الكوع نتيجة الممارسة المستمرة دون مراعاة التنوع بين أنواع الرياضات الأخرى .
كيف تكون الرياضة آمنة :-
تكون الرياضة البدنية آمنة تماما حين تتناسب مع القدرات الجسمانية للشخص وفي عدم وجود أمراض تتعارض مع مزاولتها والتعود على ممارستها بانتظام لأن عدم الانتظام قد يتسبب في حدوث الإصابات فتفقد فائدتها المرجوة منها كما يجب ممارستها من غير اندفاع مفاجئ ولكن بالبدء بممارسة تمارين التسخين ( WARMING UP ) .
إن التسخين قبل ممارسة الرياضة لمدة خمس دقائق يساعد على تفادي الإصابة لأنه يزيد من حرارة الجسم بالتدريج ويساعد على تدفق كميات أكبر من الدم للعضلات لجعلها مستعدة لممارسة التمارين .
يبدأ التسخين بتمارين شد العضلات مع التنفس العميق وتحريك الذراعين وثني الجذع إلى الأمام والجانبين عدة مرات ثم المشي لعدة دقائق وبعدها نمارس حركات الاسترخاء أو التبريد ( COOLING DOWN)
ولو اتبعنا هذا الأسلوب مع مراعاة الحرص على التغذية الصحية السليمة وأخذ كميات كافية من السوائل يوميا وارتداء الملابس والأحذية المناسبة لأصبحت الرياضة ليست فقط آمنة بل ممتعة أيضا .
الرياضة والراحة النفسية :-
الرياضة البدنية تذهب الغضب لأنها تحرق هرمون الأدرينالين الذي يفرز بسببه فتخلص الإنسان من التوتر كما ويفرز الجسم مواد كيميائية مثل النورابنفرين والدوبامين والسيروتونين والتي تساعد على مزيد من الهدوء والفرح .
الرياضة تقوي العضلات وتصقلها بل ولها تأثير نفسي ملحوظ فهي تبعد الكآبة وترفع المعنويات وتمنح شعورا بالحيوية والنشاط والنشوة ولا عجب في ذلك كله فهي تساعد على إفراز هرمون الإندروفين ( Endorphin ) وهي مادة شبيهه بمادة الأفيون من حيث تأثيرها المسكن للألم يتم إنتاجها بجزء من الدماغ يسمى تحت المهاد ( Hypothalamus ) وتطلقها بالدم الغدة النخامية ( Pituitary Gland ) استجابة للجهد المبذول في الرياضة كما أنها تدعم جهاز المناعة فالشدة العاطفية والذهنية أو الجسمانية تحرض انطلاق هذا الهرمون والرياضة عبارة عن شدة جسمانية فكلما زاد الجهد المبذول وزادت شدة التمرين ومدته ازداد انتاج الإندروفين فهو لا ينتج عند عدم حصول أي جهد .
الخلاصة
إننا بممارسة الرياضة البدنية المنتظمة إلى جانب الاهتمام بالغذاء الصحي المتوازن والمعتدل سوف تعيد عقارب الساعة إلى الوراء لأكثر من 10 سنوات على الأقل فنصبح أكثر شبابا وحيوية ورشاقة ونبدو أصغر سنا ونقي أنفسنا من الأمراض ونبعد شبح الشيخوخة المبكر .
فلو كان بالإمكان تصنيع الرياضة كدواء ووضعه في كبسولة فإنها ستكون أكثر الأدوية نفعا فالحرص على ممارسة أحد الرياضات الهوائية كالإيروبيك المعتدلة والمشي السريع وركوب الدراجة والسباحة والقفز بالحبل وصعود الدرج والرقص 3 مرات في الأسبوع على الأقل تزيل الكآبة والأرق والتعب بمقدار ما تفعله الأدوية المضادة للكآبة وتزيد من سرعة النبض وتنشط الجهاز الدوري وتضمن وصول الهواء والغذاء بقدر كاف إلى جميع خلايا الجسم وتساعد الجسم في سرعة التخلص من النفايات إن المهم هو ممارسة الرياضة بانتظام .
ــــــــــــــــــــــــــــ
2011-04-29
الرياضة سر الشباب الدائم
2011-04-20
المسجد النبوي الشريف
أسس النبي المسجد في ربيع الأول من العام الأول من هجرته ، وكان طوله سبعين ذراعاً، وعرضه ستين ذراعاً، أي ما يقارب 35 متراً طولاً، و30 عرضاً. جعل أساسه من الحجارة والدار من اللَّبِن وهو الطوب الذي لم يحرق بالنار، وكان النبي يبني معهم اللَّبِن والحجارة، وجعل له ثلاثة أبواب، وسقفه من الجريد.
- قصة بنائه :
روى البخاري قصة بنائه في حديث طويل عن أنس بن مالك رضي الله عنه وفيه أن النبي: (أمر ببناء المسجد فأرسل إلى ملأ من بني النجار فجاؤوا، فقال: يا بني النجار ثامِنوني بحائطكم هذا، فقالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله، قال: فكان فيه ما أقول لكم، كانت فيه قبور المشركين، وكانت فيه خِرَب، وكان فيه نخل، فأمر رسول الله بقبور المشركين فنبشت، وبالخرب فسويت، وبالنخل فقطع، قال: فصفوا النخل قبلة المسجد وجعلوا عضادتيه (خشبتان مثبتتان على جانبي الباب) حجارة، قال: جعلوا ينقلون ذاك الصخر وهم يرتجزون، ورسول الله معهم يقولون: اللهم إنه لا خير إلا خير الآخرة فانصر الأنصار والمهاجرة).
ولما ازدحم المسجد وكثر المسلمون قام النبي بتوسيعه، وذلك في السنة السابعة من الهجرة بعد عودته من خيبر فزاد في طوله عشرين ذراعاً وفي عرضه كذلك، وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه هو الذي اشترى هذه البقعة التي أضافها النبي كما في سنن الترمذي.ومسجد النبي هو المسجد الذي أسس على التقوى كما في صحيح مسلم. وفيه قال النبي: (صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام) متفق عليه (فتح الباري وصحيح مسلم). وفيه أيضاً قال النبي: (من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيراً أو يعلمه كان له كأجر حاج تاماً حجته) رواه الطبراني في المعجم الكبير وأبو نعيم في حلية الأولياء وهو حديث صحيح.
- منبر النبي
قال النبي : (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي). صحيح البخاري ومسلم. قوله على حوضي: أي أنه يعاد هذا المنبر على حاله وينصب على حوضه.
وكان النبي يخطب أولاً إلى جذع نخلة ثم صنع له المنبر فصار يخطب عليه، روى البخاري في صحيحه (فتح الباري) عن جابر رضي الله عنه (أن النبي كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة فقالت امرأة من الأنصار أو رجل: يا رسول الله ألا نجعل لك منبراً؟ قال: إن شئتم. فجعلوا له منبراً، فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي فضمَّه إليه يئِنُّ أنين الصبي الذي يُسَكَّن قال: كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها). وأقيم بعد الجذع ماكنه أسطوانة تعرف بالإسطوانة المخلقة أي: المطيبة.
ولحرمة هذا المنبر جعل النبي إثم من حلف عنده -كاذباً- عظيماً، فقد روى الإمام أحمد في المسند عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: (لا يحلف عند هذا المنبر عبد ولا أمة على يمين آثمة ولو على سواك رطب إلا وجب له النار) حديث صحيح.
- الروضة
هي موضع في المسجد النبوي الشريف واقع بين المنبر وحجرة النبي . ومن فضلها ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي). وذرعها من المنبر إلى الحجرة 53 ذراعاً، أي حوالي 26 متراً ونصف متر.
- الصُفة
بعدما حُوِّلت القبلة إلى الكعبة أمرالنبي بعمل سقف على الحائط الشمالي الذي صار مؤخر المسجد، وقد أعد هذا المكان لنزول الغرباء فيه ممن لا مأوى له ولا أهل وإليه ينسب أهل الصفة من الصحابة رضي الله عنهم.
- الحجرة
هي حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها، دُفِن فيها النبي بعد وفاته. ثم دفن فيها بعد ذلك أبو بكر الصديق رضي الله عنه سنة 13 هـ وكان رضي الله عنه قد أوصى عائشة أن يدفن إلى جانب رسول الله فلما توفي حفر له وجعل رأسه عند كتفي رسول الله .
ودفن فيها بعدهما عمر رضي الله عنه سنة 24هـ إلى جانب الصديق، وكان قد استأذن عائشة في ذلك فأذنت له، روى قصة الاستئذان البخاري في صحيحه (فتح الباري).
- صفة القبور
قبر النبي في جهة القبلة مقدماً. يليه خلفه قبر أبي بكر الصديق رضي الله عنه ورأسه عند منكب النبي . ويليه خلفه قبر عمر الفاروق رضي الله عنه، ورأسه عند منكب الصديق. كانت الحجرة الشريفة من جريد مستورة بمسوح الشعر، ثم بنى عمر بن الخطاب حائطاً قصيراً، ثم زاد فيه عمر بن عبد العزيز.
في عهد الوليد بن عبد الملك أعاد عمر بن عبد العزيز بناء الحجرة بأحجار سوداء بعدما سقط عليهم الحائط، فبدت لهم قدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه. كما في صحيح البخاري (فتح الباري). ثم جُدد جدار الحجرة الشريفة في عهد قايتباي (881هـ).
- الحائط المُخَمَّس
هو جدار مرتفع عن الأرض بنحو 13 ذراعاً أي ستة أمتار ونصف، بناه عمر بن عبد العزيز سنة 91هـ حول الحجرة الشريفة، وسمّي مُخَمساً لأنه مكون من خمسة جدران وليس له باب، وجعله مخمساً حتى لا يشبه بالكعبة.
- محاولات سرقة جسد النبي وصاحبيه
1- محاولة الحاكم العبيدي: الحاكم بأمر الله (توفي 411 هـ) الأولى. أراد نقل أجسادهم إلى مصر، وكلف بذلك أبا الفتوح الحسن بن جعفر، فلم يُفق بعد أن جاءت ريح شديدة تدرحجت من قوتها الإبل والخيل، وهلك معها خلق من الناس، فكانت رادعاً لأبي الفتوح عن نبش القبور وانشرح صدره لذلك، واعتذر للحاكم بأمر الله بالريح. انظر تفصيلها في: وفاء الوفاء للسمهودي.
2- المحاولة الثانية للحاكم بأمر الله، فقد أرسل من ينبش قبر النبي ، فسكن داراً بجوار المسجد وحفر تحت الأرض فرأى الناس أنواراً وسُمع صائح يقول: أيها الناس إن نبيكم يُنبش ففتش الناس فوجدوهم وقتلوهم. المصدر السابق.
3- محاولة بعض ملوك النصارى عن طريق نصرانيين من المغاربة في سنة (557هـ) في عهد الملك نور الدين زنكي. فقد رأى الملك في منامه النبي يقول أنجدني أنقذني من هذين -يشير إلى رجلين أشقرين- فتجهز وحج إلى المدينة في عشرين رجلاً ومعه مال كثير فوصل المدينة في (16 يوماً)، وكان الناس بالمدينة يأتون إليه يعطيهم من الصدقات، حتى أتى عليه أهل الناس بالمدينة كلهم، ولم يجد فيهم الرجلين اللذين رآهما في المنام، فسأل الناس هل بقي أحد؟
فذكروا له رجلين مغربيين غنيَّين يكثران من الصدقة على الناس وذكروا من صلاحهما وصلاتهما، فطلبهما فأتي بهما فوجدهما اللذين رآهما في المنام فسألهما فذكرا أنهما جاءا للحج وكان منزلهما برباط قرب الحجرة الشريفة، فذهب بهما إلى منزلهما فلم يجد فيه شيئاً مريباً.
وذكر الناس عنده من صلاحهما وعبادتهما فبقي السلطان يطوف في البيت بنفسه، فرفع حصيراً فيه، فرأى سرداباً محفوراً ينتهي إلى قرب الحجرة الشريفة... فضربهما فاعترفا بحالهما الحقيقي وأنهما جاءا لسرقة جسد النبي ... فضرب رقابهما تحت الشباك الذي يلي الحجرة الشريفة.
انظر تفصيلاً أكثر في وفاء الوفا. وبعد هذه الحادثة، أمر السلطان نور الدين زنكي ببناء سور حول الحجرة الشريفة فحفر خندقاً عميقاً وصبّ فيه الرصاص.
4- محاولة جماعة من نصارى الشام، فإنهم دخلوا الحجاز وقتلوا الحجيج وأحرقوا مراكب المسلمين البحرية... ثم تحدثوا أنهم يريدون أخذ جسد النبي، فلما لم يكن بينهم وبين المدينة إلا مسيرة يوم لحقهم المسلمون -وكانوا بعيدين منهم بنحو مسيرة شهر ونصف- فقتلوا منهم وأسروا، وكانت آية عظيمة. انظر رحلة ابن جبير.
5- حاول جماعة من أهل حلب في القرن السابع إخراج جسد الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ودفعا مالاً عظيماً لأمير المدينة فاتفقوا أن يدخلوا ليلاً فطلب الأميرُ شيخَ الخدام بالمسجد النبوي وهو شمس الدين صواب اللمطي، وأمره أن يفتح لهم الباب بالليل ويمكنهم مما أرادوا، فاهتم لذلك، فلما جاؤوه ليلاً وكانوا أربعين رجلاً فتح لهم ومعهم آلات الحفر والشموع قال شيخ الخدام: فوالله ما وصلوا المنبر حتى ابتلعتهم الأرض جميعهم بجميع ما كان معهم من الآلات ولم يبق لهم أثر...
وهذه الحكاية لا تعرف عن غير شمس الدين صواب، فإنه لم يشهدها أحد غيره، وأمر الأمير بكتمها ولم يحدث بها إلا أناساً قليلين، وصواب هذا شيخ صالح أثنى عليه السخاوي كما ذكر ذلك في التحفة اللطيفة، وذكر أن له قصة سيذكرها في ترجمة هارون بن عمر بن الزغب، ولم أجد ترجمته في المطبوع من هذا الكتاب، فالله أعلم بحقيقة الحال. وقد ذكر هذه القصة بتفصيل السمهودي في وفاء الوفا عن المحب الطبري. والله أعلم .
- من البدع المتعلقة بزيارة المسجد النبوي
التمسح بشبابيك الحجرة الشريفة وتقبيلها وإلصاق الصدر والبطن بها. قال شيخ الإسلام (المجموع): "واتفق العلماء على أن من زار قبر النبي أو قبر غيره من الأنبياء والصالحين والصحابة وأهل البيت وغيرهم، أنه لا يتمسّح به ولا يقبله. بل ليس في الدنيا من الجمادات ما يشرع تقبيله إلا الحجر الأسود" لا يشرع الطواف بالحجرة الشريفة لأن الطواف عبادة ولم يشرع إلا حول الكعبة قال تعالى: وليطوفوا بالبيت العتيق. لذا يعد الطواف بالقبور أيا كانت شركا أكبرا ناقلا عن الملة.
- توسعات المسجد النبوي عبر التاريخ
1- توسعة النبي سنة (7هـ) بعد عودته من خيبر. 2- توسعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة (17هـ)، وبنى خارج المسجد رحبة مرتفعة عرفت باسم البطيحاء جعلها لمن أراد رفع صوته بشعر أو كلام أو غيره حفاظاً على حرمة المسجد. 3- توسعة عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة (29هـ) 4- توسعة الوليد بن عبد الملك الأموي (من سنة 88هـ إلى 91هـ). 5- توسعة الخليفة المهدي العباسي (من سنة 161هـ إلى 165هـ). 6- توسعة الأشرف قايتباي سنة 888هـ إثر احتراق المسجد النبوي. 7- توسعة السلطان العثماني عبد المجيد (من سنة 1265هـ إلى 1277هـ) 8- توسعة الملك عبد العزيز آل سعود (من سنة 1372هـ إلى 1375هـ). 9- توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود (من سنة 1406هـ إلى 1414هـ).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المنابر والمحاريب
في
المسجد النبوي الشريف
المحراب في اللغة هو مقام الإمام في المسجد، ولانفراد الإمام فيه، ويقع في صدر المسجد، واشرف موضع فيه.
وقد وردت كلمة المحراب في القرآن الكريم خمس مرات : ـ
قال تعالى ( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً ). آل عمران آية 37 والمقصود هنا البيت ومحل عبادة السيدة مريم.
قال تعالى ( فنادته الملائكة وهو قآئم يصلى في المحراب ). آل عمران آية 39 المقصود المصلى
قال تعالى ( فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرةً وعشيا ). سورة مريم آية 11 المقصود المصلى.
قال تعالى ( يعملون له ما يشاء من محاريب ) الآية. سورة سبأ آية 13 المقصود بها الأبنية الفخمة من المساكن والقصور .
قال تعالى ( وهل أتاك نبؤا الخصم إذ تسوّروا المحراب ) . سورة ص آية 21 تعنى صدر البيت ومحل عبادته .
لم يكن للمسجد النبوي الشريف محراباً أيام الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عهد خلفائه الراشدين، وتشير أغلب الروايات التاريخية إلى أن أول من أحدث محراباً مجوفاً للمسـجد النبوي الشريف هو عمر بن عبد العزيز وذلك سنة 88 ــ 91 هـ.
موضع صلاته صلى الله عليه وسلم إلى جهة بيت المقدس
كان عليه الصلاة والسلام يصلى إلى بيت المقدس بعد قدومه المدينة المنورة، وقد لبث ما يقارب ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً. حيث كان قدوم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة في شهر ربيع الأول، وكان تحويل القبلة في نصف شهر رجب من السنة الثانية من الهجرة. والله أعلم
وكل عليه الصلاة والسلام يصلى بمكة مستقبل القبلتين حيث يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس، فلما هاجر عليه الصلاة والسلام إلى المدينة أمره جل جلاله أن يستقبل بيت المقدس، فقالت اليهود: لولا أن ديننا حق لما صلى إلى قبلتنا، فأحب عليه الصلاة والسلام أن ينصرف عن بيت المقدس ودعا ربه بأن يصرفه عنها، فأنزل الله تعالى قوله ( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره ). سورة البقرة آية 144.
وموضع محرابه عليه الصلاة والسلام إلى بيت المقدس بالتقريب هو أن تقف وخلفك أسطوانة السيدة عائشة وتسير باتجاه الشمال حتى يصبح باب جبريل على يمينك فذلك هو الموضع تقريباً والله أعلم
ويوجد في المسجد النبوي الشريف سـتة محاريب على النحو الآتي:
1 ـ المحراب النبوي الشريف: ويقع في الروضة الشريفة وهو على يسار المنبر أي ما بين المنبر الشريف والمقصورة، ومكان مصلى الرسول صلى الله عليه وسلم الأصلي كما قال البرزنجي في الطرف الغربي من المحراب الحالي، حيث يصبح التجوف عن يسار الواقف. وقد جرى عليه عدة إصلاحات وترميمات، والموجود الآن من عمل الأشرف قايتباي.
2 ـ المحراب العثمـاني : يقع في الجدار القبلي للمسـجد النبوي الشريف ، وقد أحدثه سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه لذلك يسمى المحراب العثماني ، وذلك في توسعته للمسجد النبوي الشريف . وقد جعل عليه مقصورة من اللبن لها كوة. وكان سبب ذلك هو تخوفه بعد مقتل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وبعد الحريق الثاني للمسجد النبوي الشريف تم هدم الجدار القبلي وتجديده وقد تغير مكان المحراب العثماني قليلاً عن محله السابق. وقد كسي في عهد السلطان قايتباي بالرخام الملون، ووسع فيه وجعل عليه قبـة. وفى سـنة 1198 هـ أجريت عليه بعض الإصلاحات وكذلك في سنة 1336هـ. وهو مصلي الإمام الآن.
3 ـ المحراب السـليماني ( الحنفي ) : يقع في غرب المنبر النبوي الشريف عند الأسطوانة الثالثة من المنبر الشريف ، وقد أحدثه طوغان شـيخ سنة 861 هـ تقريباً. وفى عهد السلطان سـليمان سنة 938 هـ تم ترخيمه بالرخام الأبيض والأسود. لذلك عرف بالمحراب السليماني. وقد جرت له إصلاحات في سنة 1336هـ.
4 ـ محراب التهجـد : يقع شـمال الحجرة الشريفة وخلف حجرة السـيدة فاطمة رضي الله عنها ، خارج المقصورة الشـريفة ، يقال أنه متهجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جدد هذا المحراب في عمارة السلطان عبد المجيد العثماني ، وكان عبارة عن قطعة واحدة منحوتة ، وهو من الحجر الأحمر ، وقد أبدعوا في تصنيعه ، وكتب عليه آية التهجد وهى قوله تعالى ( ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ) الآية رقم 79 من سورة الإسراء .
5 ـ محراب فاطمـة الزهراء رضي الله عنها : يقع جنوب محراب التهجد داخل المقصورة الشريفة .
6 ـ محراب شيخ الحرم: كان يقع شمالي دكة الأغوات وهو محدث في العمارة المجيديـة وكان يختص به في رمضان لصلاة التراويح. وقد أزيل لصالح التوسـعة السعودية الأولي.
المحراب الحالي للحرم النبوي الشريف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: موسوعة المدينة المنورة
المسجد الحرام
هل أول من بنى الكعبة هو إبراهيم عليه السلام؟وردت نصوص تدل على وجود البيت قبل إبراهيم عليه السلام منها على سبيل المثال:
1- ما أخرجه البخاري (فتح الباري) في حديث ابن عباس الطويل في إسكان إبراهيم ذريته، وفيه: (فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه إلى البيت ثم دعا بهؤلاء الكلمات...).وفيه أيضاً قوله: (...فقال لها الملك، أي لهاجر: لا تخافوا الضيعة فإن ههنا بيت الله يبني هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يضيع أهله.. قال ابن عباس: وكان البيت مرتفعاً من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله...).
2- مارواه الطبري في تفسيره بإسناد صحيح عن ابن عباس قال: "القواعد التي كانت قواعد البيت قبل ذلك" وانظر فتح الباري.
من بنى الكعبة؟
"لا توجد في إثبات بناء الملائكة الكعبة الشريفة رواية مرفوعة ولا موقوفة صحيحة، وما وجد فهو من أقوال بعض التابعين، أو أتباع التابعين ولو صح فلا يعدو أن يكون من أحاديث بني إسرائيل التي استجازوا تحديثها" "المسجد الحرام تاريخه وأحكامه". وقد سبقه إلى معنى هذا الكلام ابن جرير في تفسيره.
عمارة البيت الحرام وبناء الكعبةلم تكن مكة عامرة قبل إبراهيم عليه السلام لقوله تعالى: ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم. ولم يكن بها ماء كذلك لحديث ابن عباس السابق عند البخاري (فتح الباري) في قوله: "... وليس يومئذ أحد وليس بها ماء". روى البخاري (فتح الباري) قصة بنائها من حديث ابن عباس السابق الذكر، وفيه: "ثم قال أي إبراهيم: يا إسماعيل إن الله أمرني بأمر، قال: فاصنع ما أمرك ربك، قال: وتعينني؟، قال: وأعينك، قال: فإن الله أمرني أن أبني ههنا بيتاً، وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها، قال: فعند ذلك رفعا القواعد من البيت فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر يعني: المقام، فوضعه له، فقام عليه وهو يبني، وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان: ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولان ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم.
وبقيت مكة عامرة من عهد إبراهيم عليه السلام، وتوالت القبائل العربية على سكناها.
- أحداث مرت على الكعبة
ومن أهم الأحداث الخاصة بالكعبة قصة أبرهة الحبشي الذي أراد هدم الكعبة فجعل الله كيده وأصحابه في تضليل وعاقبهم أشد العقاب في الدنيا، وذلك في السنة التي ولد فيها النبي وعرفت بعام الفيل، لأن أبرهة قدم بفيلته لهدم الكعبة.
ومن الأحداث أن قريشاً أعادت بناء الكعبة قبل بعثة النبي ، وأخرجت الحِجر من البيت لما قصرت بهم النفقة.
لم يكن على عهد النبي حول البيت حائط، كانوا يصلون حول البيت حتى كان عمر فبنى حوله حائطاً جدره قصير فبناه عبد الله بن الزبير (انظر فتح الباري).
وكان عمر رضي الله عنه قد اشترى دوراً وهدمها وهدم على من قرب المسجد، لما ضاق المسجد على الناس.
وكذلك فعل عثمان رضي الله عنه لما ضاق المسجد بالناس (انظر أخبار مكة للأزرقي وفتح الباري).
ولما تولى عبد الله بن الزبير رضي الله عنه مكة هدم الكعبة وبناها على قواعد إبراهيم عليه السلام، وأدخل الحجر فيها.
ولما قُتل عبد الله بن الزبير رضي الله عنه أعاد الحجاج بناء الكعبة كما كان، بأمر من عبد الملك بن مروان سنة 74هـ ولعل عبد الملك لم يكن على علم بتمني النبي بناء الكعبة على قواعد إبراهيم. وانظر لذلك صحيح مسلم.
ثم بقيت الكعبة على هذا البناء لم يغيره أحد من الخلفاء أو الملوك إلا ما كان من بعض الترميمات والإصلاحات انظر فتح الباري.
وفي سنة 1039 سقط الجدار الشامي للكعبة على إثر سيل عظيم فأعاد بناءه وترميمه السلطان العثماني مراد خان سنة 1040هـ.
الحجر الأسود
تعريفه:
هو الحجر المنصوب في الركن الجنوبي الشرقي للكعبة المشرفة من الخارج في غطاء من الفضة وهو مبدأ الطواف ويرتفع عن الأرض الآن متراً ونصف المتر.
- الحجر الأسود من الجنة:
روى الطبري في تفسيره والأزرقي في أخبار مكة بإسناد حسن أثراً طويلاً عن علي وفيه: "فقال أي إسماعيل: يا أبت من أتاك بهذا الحجر؟ قال أتاني به من لم يتّكل على بنائك، جاء به جبريل من السماء، فأتماه" وله حكم الرفع.
وروى الترمذي وأحمد وابن خزيمة عن النبي قال: إن الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله عز وجل نورهما، ولولا أن الله طمس نورهما لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب.
وروى أحمد وابن خزيمة والحاكم عن ابن عباس عن النبي قال: إن لهذا الحجر لساناً وشفتين يشهد لمن استلمه يوم القيامة بحق.
- تقبيله ومسحه :
ومسح الحجر الأسود والركن اليماني يحط الخطايا حطاً، انظر سنن الترمذي.
الركن اليماني
هو ركن الكعبة الجنوبي الغربي. وذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان أن ابن قتيبة ذكر أن رجلاً من اليمن بناه، يقال له: أبيّ بن سالم، وأنشد لبعض أهل اليمن: لنا الركن من البيت الحرام وراثة بقية ما أبقى أبيّ بن سالم.كان النبي يستلمه في طوافه ويمسحه بيده الشريفة من غير تقبيل له ولا ليده بعد استلامه.
الحِجر
هو الحائط الواقع شمال الكعبة المشرفة على شكل نصف دائرة، أو هو: ما حواه الحائط المذكور. والأخير هو المراد عند إطلاقه.سمّي الحجر حجراً لأن قريشاً في بنائها تركت من أساس إبراهيم عليه السلام، وحجرت على الموضع ليعلم أنه من الكعبة انظر "معجم البلدان" لياقوت الحموي.
وقد سبق أن قريشاً في إعادتها لبناء الكعبة قصرت بهم النفقة فأخرجوا موضع الحجر من الكعبة، وعليه فإن الحجر من الكعبة، لكن ليس كل الحجر من الكعبة كما دلت عليه الروايات.
قال ابن الصلاح: قد اضطربت فيه الروايات، ففي رواية الصحيحين: [الحجر من البيت] وروي: ستة أذرع أو نحوها، وروي: خمسة أذرع، وروي: قريباً من سبع. قال: وإذا اضطربت الروايات تعين الأخذ بأكثرها والموجود في عصرنا هذا أكثر من سبعة أذرع بكثير، فقد بلغ تسعة أذرع.
بما أن الحجر من البيت فإن أجر الصلاة فيه كأجر الصلاة في البيت.
روى عبد الرزاق في المصنف والأزرقي في "أخبار مكة" بإسناد صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما أبالي أفي الحجر صليت أم في جوف الكعبة".
لم يثبت عن النبي أن إسماعيل عليه السلام مدفون بالحجر وقد أخطأ من جزم بذلك إذ لا دليل عليه. قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى": ليس في الدنيا قبر نبي يعرف إلا قبر نبينا.
- مقام إبراهيم عليه السلام
تعريفـــــه:
هو الحّجر الأثري الذي قام عليه إبراهيم عليه السلام عند بناء الكعبة المشرفة لما ارتفع البناء. انظر صحيح البخاري (فتح البخاري) ومعجم البلدان.والمقام أصله من الجنة، انظر "الحجر الأسود" من هذا البحث. وروى الفاكهي بإسناد حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "المقام من جوهر الجنة".
صفته:
هو حجر رخو من نوع حجر الماء، لونه بين البياض والسواد والصفرة.وهو مربع الشكل، وذرعه: ذراع (أي حوالي نصف متر)
قال ابن جرير في تفسيره عند قوله تعالى: فيه آيات بينات مقام إبراهيم قال: فيه علامات من قدرة الله وآثار خليله إبراهيم منهم أثر قدم خليله إبراهيم في الحجر الذي قام عليه.
قال وصي الله عباس في كتاب "المسجد الحرام تاريخه وأحكامه": روى ابن وهب في موطئه بإسناد صحيح عن أنس رضي الله عنه قال: رأيت المقام فيه أثر أصابع إبراهيم وأخمص قدميه غير أنه أذهبه مسح الناس بأيديهم" انظر تفسير ابن كثير وفتح الباري.
قال ابن حجرفي "فتح الباري": "وكان المقام من عهد إبراهيم لزق البيت إلى أن أخره عمر رضي الله عنه إلى المكان الذي هو فيه الآن..." اهـ وفعل ذلك دفعاً للتضييق على الطائفين وانظر خبر عمر هذا في مصنف عبد الرزاق.
ويشرع بعد الطواف صلاة ركعتين خلف المقام قال تعالى: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وانظر فتح الباري. وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا أراد أن يصلي خلف المقام جعل بينه وبين المقام صفا أو صفين أو رجلا أو رجلين.
ولا يشرع مسح المقام فضلا عن تقبيله وكان ابن الزبير رضي الله عنهما ينهى عن ذلك ويقول: إنكم لم تؤمروا بالمسح وإنما أمرتم بالصلاة .
الميزاب
هو مصب ماء المطر الذي على سطح الكعبة.روى الأزرقي في أخبار مكة بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: صلوا في مصلى الأخيار واشربوا من شراب الأبرار. قيل لابن عباس: وما مصلى الأخيار؟ قال: تحت الميزاب. قيل: وما شراب الأبرار؟ قال: ماء زمزم.
تنبيه هام :
فقد فسر ابن عباس شراب الأبرار بماء زمزم، لا كما يظن بعض العوام هداهم الله، فيحرصون على شرب ماء المطر الذي ينزل من الميزاب.الملتزم
هو مكان الالتزام من الكعبة فيما بين الحجر الأسود وباب الكعبة المشرفة.قال ابن عباس رضي الله عنهما: "هذا الملتزم بين الركن والباب" رواه الإمام عبد الرزاق في مصنفه بإسناد صحيح.
وذرعه كما قال الأزرقي في أخبار مكة: أربعة أذرع. أي حوالي مترين.
والالتزام بأن يضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه بين الركن والباب، ويسن عند الالتزام فيه الدعاء والتضرع إلى الله تعالى... وقد فعله النبي وأصحابه من بعده. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (مجموع الفتاوى): وإن أحب أن يأتي الملتزم وهو ما بين الحجر الأسود والباب فيضع عليه صدره ووجهه وذراعيه وكفيه ويدعو ويسأل الله تعالى حاجته فعل ذلك... ولو وقف عند الباب ودعا هناك من غير التزام للبيت كان حسناً".
- زمزم
تعريفه :
هو علم للبئر التي تقع جنوبي مقام إبراهيم عليه السلام على بعد 18 متراً منه في المسجد الحرام. واشتقاقه من الزمزمة وهو الصوت مطلقاً، أو الصوت البعيد يُسمع له دوي. قال ابن قتيبة في "غريب الحديث": ولا أراهم قالوا زمزم إلا لصوت الماء حين ظهر.
تاريخه :
كانت مكة قبل هجرة الخليل إبراهيم عليه السلام إليها خالية من الماء والزرع، ولما أراد الله أن تكون مركزاً لعبادته أمر إبراهيم عليه السلام أن يهاجر بابنه الرضيع إسماعيل وزوجه هاجر إلى هناك ففعل وأسكنهما في هذا الوادي ثم ذهب إبراهيم عنهما وترك لهما بعض الزاد والماء فلما نفد الماء واشتد العطش بإسماعيل جرت أمه هاجر بحثاً عن الماء ولم تجد شيئاً فأرسل الله جبريل وحفر عن موضع بئر زمزم الماء عن عقبه. (انظر القصة بتمامها في صحيح البخاري (فتح الباري).
قال الفاسي: ولم يزل ماء زمزم طاهراً ينتفع به سكان مكة إلى أن استخفت جرهم "هي القبيلة التي كانت تسكن مكة" بحرمة الكعبة والحرم فدرس موضعه ومرت عليه السنون عصراً بعد عصر إلى أن صار لا يعرف (شفاء الغرام).
وبقي على حاله تلك إلى أن جاء عصر عبد المطلب جد النبي ، فأراه الله مكانه في المنام، وأمره آمر في مانمه أن يحفره، فحفره وانفجر الماء من جديد "انظر دلائل النبوة للبيهقي وأخبار مكة للأزرقي : فيهما قصة عبدالمطلب هذه بطولها، عن علي رضي الله عنه بإسناد لا بأس به".
من فضائل زمزم :
أن جبريل عليه السلام غسل به صدر النبي صلى الله عليه وسلم بعد شقه. (انظر صحيح البخاري فتح الباري)
قال النبي: (ماء زمزم لما شرب له)
وقال: (إنها مباركة وهي طعام طعم وشفاء سقم)
وقال: (خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم فيه طعام من الطعم، وشفاء من السقم)
وقد سمن أبو ذر رضي الله عنه من شرب زمزم، إذ بقي شهراً بالمسجد الحرام ليس له طعام إلا هو (انظر صحيح مسلم)
روى الفاكهي في أخبار مكة عن ابن عباس رضي الله عنهما بإسناد صحيح أنه قال: كنا نسميها شباعة، نعم العون على العيال.
وهي شراب الأبرار كما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما. "أخبار مكة للأزرقي عن ابن عباس"
فضل الطواف
روى الترمذي في سننه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله: (من طاف بهذا البيت أسبوعاً فأحصاه كان كعتق رقبة) وسمعته يقول: (لا يضع قدماً ولا يرفع أخرى إلا حط الله عنه خطيئة وكتب له بها حسنة) قال الترمذي: حديث حسن.
روى الأزرقي في "أخبار مكة" عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً إلى النبي أنه قال: (يُنزل الله عز وجل على هذا البيت كل يوم وليلة عشرين ومائة رحمة: ستون منها للطائفين، وأربعون للمصلين وعشرون للناظرين) قال المنذري في "الترغيب والترهيب" رواه البيهقي في شعب الإيمان بإسناد حسن.
من السنة أن يصلي المسلم بعد الانتهاء من طوافه ركعتين خلف مقام إبراهيم. (انظر صحيح مسلم).
ويجوز أن يصلي هاتين الركعتين خارج المسجد الحرام. انظر فتح الباري فقد ورد ذلك من فعل عمر رضي الله عنه علقه عنه البخاري (فتح الباري).
تحية المسجد الحرام
قال ابن حجر في فتح الباري: إن تحية المسجد الحرام الطواف إنما هو في حق القادم ليكون أول شيء يفعله الطواف، وأما المقيم فحكم المسجد الحرام وغيره في ذلك سواء ولعل قول من أطلق أنه يبدأ في المسجد الحرام بالطواف لكون الطواف يعقبه صلاة الركعتين فيحصل شغل البقعة بالصلاة غالباً وهو المقصود، ويختص المسجد الحرام بزيادة الطواف والله أعلم".
- بعض الأحكام الفقهية المتعلقة بالمسجد الحرام
أمر الله تعالى بإخراج المشركين من مكة فقال: يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا. وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعثني أبو بكر الصديق رضي الله عنه في الحجة التي أمّره عليها رسول الله قبل حجة الوداع في رهط يؤذنون في الناس يوم النحر (لا يحج بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان).
لو وقف المسلم في أية ناحية من نواحي البيت في قبله أو ظهره من غير التزام يدعو الله هناك فله ذلك. روى الأزرقي في أخبار مكة بإسناد صحيح عن أيوب السختياني قال: رأيت القاسم بن محمد وعمر بن عبد العزيز يقفان في ظهر الكعبة بحيال الباب فيتعوذان ويدعوان.
- توسعات الحرم المكي عبر العصور
(1) عصر الرسول صلى الله عليه وسلم :
بعد أن فتح الرسول صلى الله عليه وسلم مكة أزال ما كان على الكعبة من أصنام، وكان يكسوها ويطيـبـها، ولكنه لم يقم بعمل تعديل على عمارة الكعبة وما حولها كما لم يرجع الكعبة إلى سابق عهدها في أيام سيدنا إبراهيم عليه السلام خشية من الفتنة؛ لأن قومه كانوا حديثي عهد بالإسلام، لكن كانت أهم الأحداث في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم هو توجيه القبلة بأمر من الله إلى المسجد الحرام.يقول تعالى {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} (البقرة: الآية 144).
(2) ظل المسجد الحرام على حاله طوال خلافة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- دون تغيير.
(3) في عهد الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وفي العام السّابع الهجري: استشعر مدى الحاجة لهذه التوسعة حين رأى الزّيادات المطّردة في عدد الحُجّاج الذين يفدون للطّواف حول الكعبة المشرّفة سنويًّا، وعجز المطاف عن استيعاب تلك الزّيادات، فقام بشراء البيوت المجاورة للمسجد، ووسّع بها ساحة المطاف وجعل لها أبوابًا يدخل الحجّاج والمعتمرون منها للطّواف حول الكعبة المشرفة.
(4) في زمن، عثمان بن عفان -رضي الله عنه- كثر الناس فوسع المسجد، وكانت هذه الزيادة سنة ست وعشرين للهجرة، كما بنى -رضي الله عنه- للمسجد أروقةً؛ فكان ذو النورين أول من بنى أروقة للمسجد الحرام.
(5) في عهد عبد الله بن الزّبير عام 64 هـ أجريت زيادة كبيرة على المسجد طالت جهاته الشّرقية والجنوبيّة والشّمالية، كما قام بسقف المسجد ودعمه بأعمدة من الرّخام، وبذل أموالًا طائلةً في شراء بعض البيوت المحيطة به، التي ضمّ أرضها لساحة المسجد، وقد بلغت التّوسعة التي أجراها نحو 4050 مترًا مسطّحًا.
(6) في عهد عبد الملك بن مروان وتحديدًا في سنة 75 هـ أجرى الخليفة الأمويّ عبد الملك بن مروان عمارةً في المسجد الحرام دون أن يحدث أيّ زيادة في مساحته، لكنه قام برفع جدران الحرم، وسقفه بالسّاج، ووضع على رأس كلّ أسطوانة خمسين مثقالًا من الذّهب.
(7) في عهد ابنه الوليد بن عبد الملك تم لأول مرة نقل أساطين الرخام (أعمدة الرخام) من مصر والشام إلى مكة على العجل، وزاد في مساحة المسجد الحرام من الجهة الشرقية رواقًا دائرًا على حافتـه، وقد بلغت هذه التوسعة نحو 2300 متر مربع، وكان الوليد بن عبد الملك هو أول من آزر المسجد بالرخام من داخله، كما أهدى إلى الكعبة المشرفة هلالين وسريرا من ذهب.
(8) في عهد الخليفة المنصور زاد الخليفة المنصور في مساحة المسجد الحرام، وأصلح في عمارته، وقد تمثّلت هذه الزّيادة في إقامة رواق واحد ينفذ على صحن المسجد الحرام، كما بنى الخليفة المنصور مئذنة في ركن المسجد الشمالي الغربي عُرفت باسم "مئذنة بني سهم".
أما عن شكلها فقد كان الجزء الأسفل مكعبًا، أما الجزء العلوي فهو أسطواني يعلوه خوذة المئـذنة، وبهذه الزّيادة التي بلغت نحو 4700 متر مربع، التي انتهت عام 140 هـ؛ وبذلك تكون مساحة المسجد بلغت ضعف ما كانت عليه في المرحلة السّابقة عنها.
(9) أعقب الخليفة محمد المهـدي العبّاسي العمارة السابقة بعمارتين كبيرتين: الأولى جرت عام 160 هـ، وأكمل بها عمارة أبيه الخليفة أبو جعفر المنصور؛ حيث وسّع المسجد الحرام من الموضع الذي انتهى إليه والده في الجانب الغربيّ، كما وسَّعه من أعلاه ومن الجانب اليماني. وقد بلغت هذه الزيادة 7950 مترا مسطحًا.
أما العمارة الثّانية: فقد جرت بعد أن قدم المهدي للحج عام 164هـ، وساءه أن يرى العمارة الأولى التي أمر بإجرائها لم تجعل المسجد مربعًا وتتوسّطه الكعبة المشرفّة، فأمر المهندسين بتدارك الأمر وإجراء التعديلات والتوسيعات اللازمة، واشترى الدور المجاورة، وأنفق أموالا طائلة حتى تحقّق له ما أراد، وانتهت هذه العمارة في عهد ابنه موسى الهادي بعد أن توفاه الله.
وقد بلغت هذه الزيادة نحو 2360 مترًا مربعًا، وكان عدد الأعمدة وقتها أربعمائة وأربعة وثلاثين عمودا، وكان عدد الأبواب في المسجد أربعة وعشرين بابًا، وأصبح للمسجد أربع مآذن في أركانه الأربعة.
(10) في عهد المعتضد بالله تم إضافة دار النّدوة إلى المسجد الحرام ودُعِّم هذا الجزء بأساطين وطاقات وأروقة مسقّفة بالساج المزخرف، وأُوصلت بالمسجد الحرام عن طريق اثني عشر بابا فُتحت في حائط المسجد. وبلغت هذه الزّيادة 1250 مترًا مربعا.
(11) في عام 306هـ أجرى المقتدر بالله العبّاسي زيادة أخرى بلغت 850 مترًا مربعًا؛ حيث كانت هناك ساحة تقع بين بابين من أبواب المسجد الحرام: أحدهما يسمّى باب "الخياطين" أو باب "الحزوة"، والثاني يسمّى باب "جمح"، وكانت أمام هذه السّاحة داران لزبيدة أمّ الخليفة الأمين. وقد ضمت تلك المساحات جميعها للمسجد الحرام.
(12) في سنة 803هـ شبّ حريق كبير في المسجد الحرام دمّر الجانب الغربيّ منه، وأصاب أيضًا الجانب الشّمالي الذي استمرّ الحريق فيه إلى أن أتى على سقوف المسجد وأعمدته الرّخامية، ووصل إلى أسطوانتين هدمهما السّيل العظيم الذي داهمهما، وأسقط ما عليهما من الأعمدة والسّقوف.
وحين علم السّلطان أبو السّعادات زين الدّين فرج برقوق بذلك قام بإصلاح ما أتلفه الحريق، وأعاد بناء المسجد الحرام إلى ما كان عليه، دون إضافة أيّ زيادات على مساحته.
(13) في سنة 815هـ قام قاضي مكّة جمال الدّين محمد بن عبد الله بن ظهيرة بتعمير أجزاء من المسجد وإصلاح سقفه.
(14) في سنة 825 هـ أجرى الأمير زين الديّن برسباي عمارة كبيرة للمسجد الحرام بعد أن أصاب التّلف والتّشقّق جدرانه وأعمدته وأبوابه وسقفه، وقام بتشييد عشرات العقود وتجديد الأبواب والسّقوف في مبنى المسجد.
(15) في سنة 882 هـ بنى السلطان قايتباي سلطان مصر أوّل مدرسة تدرس فيها المذاهب الأربعة، واشترى بعض الدّور المحيطة به، وأقام فيها مجمّعًا كبيرًا يشرف على المسجد الحرام والمسعى واشترى مكتبًا ومنارةً.
(16) في الفترة الواقعة ما بين 981 - 984 هـ أجرى السّلطان سليم عمارةً شاملةً للمسجد بعد أن أصاب الخراب بعض أروقته وبرزت رؤوس أخشاب سقوفه، فاستبدلت بالسقوف الخشبيّة القباب التي أقيمت على دعامات قويّة من الحجر وأساطين الرّخام.
وقد توفّي السّلطان سليم قبل إتمام تلك العمارة، فتولّى ابنه السّلطان مراد خان الرّابع إتمامها. وكانت هذه العمارة بمثابة تجديد كامل للمسجد منذ عمارة الخليفة المهدي العبّاسي التي انتهت عام 164 هـ .
(17) تزايد أعداد المسلمين حيث اتسعت خلال الفترة رقعة العالم الإسلامي لتشمل بلادًا وشعوبًا جديدة في أفريقيا وآسيا، فضلا عن التطور الهائل الذي شهده العصر الحديث في وسائل المواصلات التي اختصرت المسافات وقاربت ما بين البلدان، كل ذلك أدى إلى مضاعفة أعداد حجاج بيت الله الحرام؛ وهو ما أظهر مدى الحاجة إلى توسعة المسجد الحرام لاستيعاب المصلين.
(18) في عهد الملك سعود -رحمه الله- تمت توسعة شاملة لبيت الله الحرام وعمارته في ثلاث مراحل شملت إزالة المنشآت السكنية والتجارية التي كانت مجاورة للمسعى، وكذلك إزالة المباني التي كانت قريبة من المروة، وإنشاء طابق علوي للمسعى بارتفاع تسعة أمتار مع إقامة حائط طولي ذي اتجاهين، وتخصيص مسار مزدوج يستخدمه العجزة الذين يستعينون بالكراسي المتحركة في سعيهم مع إقامة حاجز في وسط المسعى يقسمه إلى قسمين لتيسير عملية السعي.
كما أنشئ للحرم 16 بابًا في الجهة الشرقية (ناحية المسعى)، كما تمّ إنشاء درج ذي مسارين لكلّ من الصّفا والمروة؛ خصّص أحدهما للصّعود والآخر للهبوط. كما أنشئ مجرى بعرض خمسة أمتار وارتفاع يتراوح ما بين أربعة وستة أمتار لتحويل مجرى السّيل الذي كان يخترق المسعى ويتسرّب إلى داخل الحرم، كما تم توسعة منطقة المطاف على النّحو الذي هو عليه الآن، كما أقيمت السّلالم الحاليّة لبئر زمزم.
وكان المطاف بشكله البيضاويّ يبدو وكأنّه عنق زجاجة؛ الأمر الذي كان سببًا في تزاحم الطّائفين حول الكعبة المشرّفة. وقد زال هذا الوضع بعد إجراء توسعة المطاف.
كذلك جرت وفق هذه التّوسعة إزالة قبّة زمزم التي كان يستخدمها المؤذّنون الذين أنشئ لهم مبنى خاص على حدود المطاف إضافة لبعض التطويرات العديدة، وأصبحت مساحة مسطحات المسجد الحرام بعد هذه التوسعة 193000 متر مربع بعد أن كانت 29127 مترًا مربعًا؛ أي بزيادة قدرها 131041 مترًا مربعًا.وأصبح الحرم المكي يتسع لحوالي 400000 مصلٍ، وشملت هذه التوسعة ترميم الكعبة المشرفة وتوسعة المطاف وتجديد مقام إبراهيم -عليه السلام-.
(19) في عهد الملك فيصل -رحمه الله- تم الإبقاء على البناء العثماني القديم، وتم عمل تصاميم العمارة الجديدة بأفضل أساليب الدمج التي تحقق الانسجام بين القديم والجديد. وما زال البناء الحالي يجمع بين التراث والمعاصرة.
(20) في عهد خادم الحرمين الشريفين خضع الحرم المكي وفي 13-9-1988م تم وضع حجر الأساس لتوسعة المسجد الحرام بمكة المكرمة بحيث تتألف من الطابق السفلي (الأقبية) والطابق الأرضي والطابق الأول؛ وقد صمم، وتم بناؤه على أساس تكييف شامل، وعمل محطة للتبريد في أجياد، وروعي في الأقبية تركيب جميع الأمور الضرورية من تمديدات وقنوات، وعُملت فتحات في أعلى الأعمدة المربعة، حيث يتم ضخ الهواء والماء البارد فيها من المحطة المركزية للتكييف في أجياد.
ومبنى التوسعة منسجم تمامًا في شكله العام مع مبنى التوسعة الأولى، وقد كُسيت الأعمدة بالرخام الأبيض الناصع، كما كسيت أرضها بالرخام الأبيض، وأما الجدران فكسيت من الخارج بالرخام الأسود المموج والحجر الصناعي، وكذلك من الداخل مع تزيينها بزخارف إسلامية جميلة، ويبلغ عدد الأعمدة للطابق الواحد ( 530) عمودًا دائريًّا ومربعًا.
وجعل في هذه التوسعة أربعة عشر بابًا؛ فبذلك صارت أبواب المسجد الحرام (112) بابًا، وصنعت الأبواب من أجود أنواع الخشب، وكُسيت بمعدن مصقول ضبط بحليات نحاسية، وصُنعت النوافذ والشبابيك من الألمونيوم الأصفر المخروط وزينت بمعدن مصقول بحليات نحاسية.
وعمل لهذه التوسعة مبنيان للسلالم الكهربائية في شماله وجنوبه وسُلّمان داخليان؛ وبذلك يصبح مجموع السلالم الكهربائية في المسجد الحرام تسعة سلالم، هذا عدا السلالم الثابتة الموزعة في أنحاء مبنى المسجد الحرام.
في سنة 1991م أُحدثت ساحات كبيرة محيطة بالمسجد الحرام، وهُيئت للصلاة لا سيما في أوقات الزحام بتبليطها برخام بارد ومقاوم للحرارة، وإنارتها، وفرشها، وتبلغ المساحة الإجمالية لهذه الساحات (88.000) متر مربع.
وفي سنة 1994م تم في المسجد الحرام توسعة منطقة الصفا في الطابق الأول تسهيلا للساعين؛ وذلك بتضييق دائرة فتحة الصفا الواقعة تحت قبة الصفا.
وفي سنة 1996م تم أيضًا إعادة تهيئة منطقة المروة لغرض القضاء على الزحام في هذا الموقع، حتى صارت مساحة المنطقة (375) مترًا مربعًا بدلا من المساحة السابقة وهي (245) مترًا مربعًا.
وفي سنة 1996م حصلت أيضًا توسعة الممر الداخل من جهة المروة إلى المسعى في الطابق الأول، وأُحدثت أبواب جديدة في الطابق الأرضي والأول للدخول والخروج من جهة المروة.
وفي سنة 1997م تم إنشاء جسر الراقوبة الذي يربط سطح المسجد الحرام بمنطقة الراقوبة من جهة المروة، لتسهيل الدخول والخروج إلى سطح المسجد الحرام. ويبلغ طول الجسر 72.5 مترًا، ويتراوح عرضه من عشرة أمتار ونصف إلى أحد عشر مترًا ونصف، وتم تنفيذه وفق أحدث التصاميم الإنشائية، وبما يتناسق مع الشكل الخارجي للمسجد الحرام.
كما تم في هذا العام توسعة الممر الملاصق للمسعى الذي يستعمل للطواف بالطابق الأول في أوقات الزحام من منطقة الصفا إلى ما يقابل منتصف المسعى؛ حيث تمت توسعته، فأصبح عرضه تسعة أمتار وعشرين سنتيمترًا، ويبلغ طوله سبعين مترًا.
وفي سنة 1998م تم تجديد غطاء مقام إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- من النحاس المغطى بشرائح الذهب والكريستال والزجاج المزخرف، وتم وضع غطاء من الزجاج البلوري القوي الجميل المقاوم للحرارة والكسر على مقام إبراهيم -عليه السلام-، وشكله مثل القبة نصف الكرة، ووزنه 1.750كجم، وارتفاعه 1.30م، وقطره من الأسفل 40 سم، وسمكه 20 سم من كل الجهات، وقطره من الخارج من أسفله 80 سم، ومحيط دائرته من أسفله 2.51م.
أصبح مجموع المساحات بعد توسعة خادم الحرمين الشريفين ثلاثمائة وستة وستين ألفا ومائة وثمانية وستين مترًا مربعًا (366168)م، وأصبحت طاقة استيعاب المصلين في المسجد الحرام في الظروف العادية بعد توسعة خادم الحرمين الشريفين أربعمائة وستين ألف (460.000) مُصَلٍّ، بحيث يبلغ مجموع عدد المصلين في داخل المسجد الحرام والسطوح والساحات ثمانمائة وعشرين ألف (820.000) مصل. ويمكن في ذروة الزحام استيعاب أكثر من مليون مصل.
- حدود الحرم المكي الشريف
يبلغ نصف قطر دائرة الحرم المكي 87552 كم من كل جهة من جهات مكة، ومركز هذه الدائرة الكعبة المشرفة، وقد اختلف المؤرخون في تحديد قدر المسافات التي بين الكعبة وحدود الحرم من كل جهة، ولعل هذا الاختلاف راجع إلى اختلاف الابتداء من المسجد الحرام إلى تلك الحدود، على أنهم لم يذكروا إلا مسافات الطرق الرئيسية، ونحن نذكر الراجح منها على النحو التالي:
حدوده شمالا من جهة المدينة المنورة تكون عند التنعيم أو مسجد العمرة، وتقدر المسافة بنحو 7 كم.
أما غربًا من جهة جدة فحدود الحرم عند المكان المسمى العلمين أو الحديبية، وتقدر المسافة المسافة بـ 18كم.
أما شرقًا من جهة نجد فحدوده عند الجعرانة، وتقدر المسافة بـ 14.5 كم تقريبًا.
أما جنوبًا من جهة عرفة فحدوده عند نمرة، والمسافة بينه وبين المسجد الحرام تقدر بنحو 20 كم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: موسوعة مساجد فى العالم
فنار الإسكندرية
منارة الإسكندرية أول منارة مهمة في العالم . ظلت توجه السفن إلى ميناء الاسكندرية في مصر لفترة 1500 سنة قبل أن تدمرها هزة أرضية
صورة تخيلية لمنارة الإسكندرية
منارة الإسكندريةمن عجائب الدنيا السبع كانت تسمى فاروس Pharos ، موقعها كان على طرف شبه جزيرة فاروس وهي المكان الحالي لقلعة قايتباي الشهيرة. تعتبر أول منارة في العالم أقامها سوسترات في عهد بطليموس الثاني عام 270ق.م وترتفع 120 مترا وهدمها زلزال عام 1375م
الثابت تاريخياً أن منار الإسكندرية، الذي كان من عجائب الدنيا السبع، قد أُنشئ عام 280 ق.م.، في عصر بطليموس الثاني؛ و قد بناه المعماري الأغريقي سوستراتوس؛ و كان طوله ، البالغ مائةً وعشرين متراً، يجعله أعلى بنايةً في عصره. و يقال أن قلعة قايتباي قد أقيمت في موقع المنار، و على أنقاضه. و قد وصف المسعودي، في عام 944 م، المنار وصفاً أميناً، و قدَّر ارتفاعه بحوالي 230 ذراعاً. و قد حدث زلزال 1303 في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون، فضرب شرق البحر المتوسط، و دمر حصون الإسكندرية و أسوارها و منارها. و قد وصف المقريزي، في خططه، ما أصاب المدينة من دمار، و ذكرَ أن الأمير ركن الدين بيبر الجشنكير قد عمَّر المنار، أي رمَّمه، في عام 703 هجرية. و بعد ذلك الزلزال المدمر بنصف قرن، زار ابن بطوطة الإسكندرية، في رحلته الثانية، في عام 1350 م.، وكتب يقول: "و قصدتُ المنار، عند عودتي إلى بلاد المغرب، فوجدته قد استولى عليه الخراب، بحيث لا يمكن دخوله و لا الصعود إليه؛ و كان الملك الناصر – رحمه الله – شرع في بناء منار بإزائه، فعاقه الموت عن إتمامه". و يروي المؤرِّخ المصري ابن إياس، أنه عندما زار السلطان الأشرف قايتباي الإسكندرية، في عام 1477، أمر أن يُبنى مكان المنار برج جديد، وهو ما عُرف فيما بعد ببرج قايتباي، ثم طابية قايتباي، التي لا تزال قائمةً، حتى اليوم.
و كان المنار يتألَّف من أربعة أقسام؛ الأوَّل عبارة عن قاعدة مربَّعة الشكل، يفتح فيها العديد من النوافذ، وبها حوالي 300 غرفة، مجهَّزة لسكنى الفنيين القائمين على تشغيل المنار و أُسرهم. أما الطابق الثاني، فكان مُثمَّن الأضلاع؛ و الثالث دائرياً؛ و أخيراً تأتي قمة المنار، حيث يستقر الفانوس، مصدر الإضاءة في المنار، يعلوه تمثال لإله البحر و الزلازل عند الإغريق بوسايدون.
و من الطريف، أن اسم جزيرة فاروس – Pharos – أصبح عَلَماً على اصطلاح منار، أو فنار، في اللغات الأوربية، واشتُقَّت منه كلمة فارولوجي –Pharology - - للدلالة على علم الفنارات.
و لم يعرف أحد، يقيناً، كيف كان المنار، أو الفنار، يعمل؛ و قد ظهرت بعض الاجتهادات، لم يستقر الخبراء وعلماء التاريخ على أيٍ منها. و ثمَّة وصفٌ لمرآة ضخمة، كاسرة للآشعة، في قمة الفنار، كانت تتيح رؤية السفن القادمة، قبل أن تتمكن العين المجرَّدة من رصدها. و قد كتب الرحَّالة العربي القديم ابن جبير، أنَّ ضوء الفنار كان يُرى من على بُعد 70 ميلاً، في البحر. و هناك رواية تُفيد بأن مرآة الفنار، و كانت إحدى الإنجازات التقانية الفائقة في عصرها، قد سقطت و تحطَّمت في عام 700 م.، ولم تُستبدل بغيرها؛ وفقد الفنار صفته الوظيفية منذ ذلك الوقت، و قبل أن يدمِّره الزلزال تماماً.
و يُقال أن الصعود إلى الفنار، و النزول منه، كان يتم عن طريق منحدر حلزوني؛ أما الوقود، فكان يُرفعُ إلى مكان الفانوس، في الطابق الأخير، بواسطة نظام هيدروليكي. و قد وصف فورستر طريقة أخرى لرفع الوقود – الخشب – إلى موقع الفانوس، فذكرَ أن صفَّاً طويلاً من الحمير كان في حركة دائبة، لا يتوقف ليلاً أو نهاراً، صعوداً ونزولاً، عبر المنحدر الحلزوني، تحمل الوقود الخشبي على ظهورها!.
و في مُفتتح القرن العشرين، قدَّم الأثري والمعماري الألماني هرمان ثيرش نموذجاً للفنار، في هيئة أقرب إلى نُصُب تذكاري، يرتفع كبرج فخم مكوَّن من ثلاثين طابقاً، ويحتوي على 300 غرفة.
إن فريق الباحثين الأثريين، العاملين بموقع قايتباي، يسعون للحصول على كتل حجرية تنتمي لأنقاض الفنار القديم؛ وهم يعرفون أن واجهته كانت تحمل لوحةً تذكارية، منحوتة بحروف يونانية ضخمة، فإذا وجدوا تلك اللوحة، أو جزءاً منها، تأكد للجميع أن الكتل الحجرية الضخمة، الغارقة بالموقع، هي أنقاض الفنار.
إن بعض علماء التاريخ يشكك في أن الفنار القديم هو مصدر هذه الكتل، ويعتقد أنها مجرَّد صخور كانت تُلقى إلى الماء، في العصور الوسطى، كإجراء دفاعي لإغلاق الميناء أمام سفن الصليبيين الغزاة. و مع ذلك، فإن جان – إيف إمبرور لا يزال متمسِّكاً باعتقاده أن بين هذه الأنقاض الغارقة قطعاً من جسم الفنار، سقطت في المياه عندما تحطَّم ذلك البرج الضخم، بفعل الزلزال. و لكي يؤكد هذه الاحتمالات، يحاول جان-إيف أن يتتبَّع كل الدلائل و الإشارات التاريخية حول حجم و هيئة ذلك المبنى الغامض، الذي ورد ذكره و وصفه في كتابات عشرات من الكتَّاب الإغريق و الرومان و العرب القدامى، الذين سجَّلوا أوصافاً عجيبةً له؛ و لكن كتاباتهم لا تشفي غليل إمبرور، لعموميتها و عدم دقتها، و أحياناً لتناقضها مع بعضها البعض.