2025-07-01

جبر الخواطر

 



دكتور محمد الشافعي 

جبر الخواطر خلقٌ نبيل، وسلوك راقٍ يسمو بصاحبه في مدارج الإنسانية، ويضفي على المجتمع روحًا من الألفة والمحبة. هو البلسم الذي يُسكب على الجراح، فيُطفئ لهيب الألم، ويمسح دمعةً كادت أن تُطفئ بريق الأمل في عين متعبة. إن جبر الخواطر لا يحتاج إلى مالٍ وفير ولا إلى منصبٍ رفيع، بل إلى قلبٍ حي، يشعر، ويحس، ويعي أن الكلمة الطيبة صدقة، وأن الابتسامة في وجه المنكسر عبادة.

في زمن باتت فيه الأرواح مثقلةً بالهموم، والنفوس متعبةً من صخب الحياة وقسوتها، أصبح لجبر الخواطر دور محوري في دعم الصحة النفسية. فكم من شخص على حافة الانهيار أعاده إلى الحياة موقف صغير، وكم من قلبٍ أوشك أن يختنق بالحزن فأحياه احتواء، أو كلمة مواساة خرجت من قلب صادق. إن النفس البشرية بطبعها ضعيفة، تحتاج إلى من يُشعرها بالأمان، ويُربّت على كتفها حين تهتز، ويقول لها: "لست وحدك"، فتنتعش وتستقيم.

جبر الخواطر يُقوّي أواصر المحبة بين الناس، ويُعيد إلى العلاقات دفئها، ويُطهر القلوب من الغل والحسد. فحين يُقدّم الإنسان على غيره، ويواسيه في لحظة وجعه، فهو بذلك يخلق سحابة من الطمأنينة، تُظلّ المجتمع كله، وتجعل التراحم عنوانًا لحياتنا اليومية. هو ثقافة لو فُرضت بين الناس، لاختفى كثيرٌ من التوتر والقلق والانطواء والاكتئاب، ولأصبح الإنسان أكثر سلامًا مع نفسه والآخرين.

فما أجمل أن تكون سببًا في تضميد قلب، أو في رفع معنويات شخص ظن أن لا أحد يهتم! وما أرقى أن نُعيد للناس ثقتهم في الحياة والناس والقدر من خلال موقف صغير، لكنه كبير في أثره. فليكن شعارنا في الحياة: "جبر الخواطر على الله"، فهو عند الله عظيم، وفي الأرض جميل، وفي القلوب شفاء.

ليست هناك تعليقات: