عرف المصريون الفن التشكيلي بأنواعه منذ اقدم العصور ، فتماثيل الملوك والخاصة و اللوحات المصورة والمحفورة، عكست مفاهيم فنية، هدفها خدمة طقوس الآلهة والملوك والموتى.و ارتبطت الفنون المصرية القديمة، مثل النحت والرسم والنقش، ارتباطا وثيقا بالهندسة المعمارية. ولم يمثل أي منها فنا مستقلا، وإنما كانت تستخدم من أجل زخرفة المعابد والمقابر. وقد أثر ذلك كثيرا على ملامح تلك الفنون، وموضوعاتها وسبل استخدامها.
وعندما تصور الفنان المصري القديم الدار الآخرة باعتبارها دار الخلد والمتعة الأبدية، فإن ذلك المفهوم كان مصدر الوحي والإلهام لأعماله. فكانت التماثيل بين أهم العلامات المميزة للفن المصري القديم، وكانت للتمثال مهمة أساسية في المقبرة عبر العصور الفرعونية؛ وهي تمكين الروح من التعرف على ملامح الشخص المتوفى، فلا تخطئه في الدار الآخرة. وازدهر فن النحت في الدولة القديمة والوسطي والحديثة، وأثمر عددا من التماثيل بأنواع مختلفة. واستخدم المصريون حجم التمثال للتعبير عن الوضع الاجتماعي. فحجم تمثال الفرعون كان يفوق الحجم الطبيعي، ويزن أحيانا عدة أطنان.
وأمدت تلك الحضارة المصرية القديمة العالم بأشكال معمارية فريدة ومتنوعة؛ المقابر الملكية والمعابد والسدود وغيرها. ولقد بدأ الاهتمام بالمقابر الملكية في مرحلة مبكرة من الحضارة المصرية وهي تتمثل في الأهرام التي يبلغ إجمالي المكتشف منها نحو 110 هرما.
وعندما جاء الإسكندر الأكبر إلى مصر، امتزج الفن المصري بالفن الإغريقي وتبنى أساليبه في اللون والحركة. كما تأثر الفن المصري بموضوعات الأساطير الإغريقية. وقد لعب جسد الإنسان دورا كبيرا في ذلك الفن. وصورت التماثيل قسمات وجه ومعالم جسد الإنسان بتفصيل كبير. واستمر ذلك الأسلوب إلى القرن الأول الميلادي، وقد عرف بالفن الهلليني.
كما ازدهرت العمارة المدنية متعددة الأغراض في العصر اليوناني؛ ومن أبرزها فنار الإسكندرية، ثالث عجائب الدنيا العظمى في العالم.
وفي الحضارة القبطية كان النسيج فنا شائعا واستمر خلال العصور التالية من خلافة وولاية حكام المسلمين؛ حيث انتشرت صناعة القماش والسجاد الفاخر، عالي الجودة. كذلك ركزت الحضارة القبطية فقط على نوعين محددين من النحت. الأول هو شاهد القبر، وهو لوح من الحجر الجيري يكون الجزء العلوي منه غالبا مثلث الشكل و به رسوم. ويحمل شاهد القبر صورة لشخصية المتوفى وبيانا بتاريخ الوفاة. والنوع الثاني من النحت هو الإفريز، وهو عنصر زخرفي منحوت؛ يعلو الحوائط أو يزين أسفلها: ويستخدم في زخرفة أبنية الكنائس والأديرة.
أما الفنان في العصر الإسلامي فقد ركز على الأشكال النباتية والحيوانية والهندسية؛ ويتميز إبداع الفن التشكيلي في العصر الإسلامي بجاذبية تجتاز حدود وحواجز الزمان والمكان واللغة والثقافة والعقيدة. ومن بين ملامح ذلك الفن، هناك التجريد والتناسق ومحاولة الالتزام بالقواعد الرياضية التي تحكم الكون. ولم يكن للنحت سوى دور ضئيل جدا في عهود المسلمين، ولذلك، عثر فقط على تماثيل قليلة؛ لكنها لم تكن منحوتة، وإنما كانت تصب في قالب. وكانت تلك التماثيل الصغيرة، في معظمها، لحيوانات؛ مثل الأرنب والغزال.
و حظيت العمارة متعددة الأغراض باهتمام خاص في عهود خلافة حكام المسلمين؛ ممثلة في إقامة المساجد والمدارس والقلاع والقصور والحصون والمنازل.
كذلك فإن صناعة زجاج المشربيات وفن الأرابيسك؛ كانت رائجة وشائعة أيضاً في عهود خلافة المسلمين. ولم تزل أنواع الأواني الزجاجية الشفافة المختلفة باقية إلى اليوم؛ وحتى تلك الصغيرة من بينها، قد صنعت بتفاصيل دقيقة للغاية وتحمل رسوما لمختلف الآثار.
في العهد الطولوني في مصر،انتشرت فنون الخزف بشكل كبير ، وكانت تصنع آنية من الخزف ذات بريق معدني يتخذها الأغنياء عوضا عن أواني الذهب والفضة، هذا فضلاً عن استخدام الجص بكثرة في تهيئة الزخارف حتى أصبح من المواد ذات الصدارة في هذا الطراز الإسلامي.
وقد وفق الفاطميون في دقة التصوير والحركة دقة لم يصبها الفنانون في مصر من قبلهم، كما كثر رسم الإنسان والحيوان على التحف التي ترجع إلى عصرهم، وازدهر فن التصوير، ولعل خير النماذج في فن التصوير والنقوش المرسومة على الجص التي وجدت على جدران الحمام الفاطمي بمصر القديمة.
أما الزجاج فلم تكن زخارفه في بداية العصر الفاطمي تختلف كثيرًا عن زخرفته في عصر الطولونين ولكنها أخذت تتطور بعد ذلك في خطوات سريعة ليكون لها الطابع الفاطمي الخاص، ومن أهم المصنوعات الزجاجية الفاطمية وأكبرها قيمة فنية الزجاج المزين بزخارف ذات بريق معدنى. وقد استخدم الفاطميون البللور الصخرى فى عمل كئوس وأباريق، وعلب وصحون، وفنجانين وأطباق، وزجاجات متنوعة الأشكال.
وقد كان لصناعة التحف النحاسية المكفتة بالذهب والفضة منزلة خاصة لدى المماليك، وقد وصل إلينا من هذا العصر تحف معدنية عظيمة من أبواب وكراسي وصناديق ومقلمات، ومن الصناعات الدقيقة التي حذقها الفنانون في عصر المماليك صناعة الفسيفساء الرخامية وتتكون من مكعبات صغيرة من الرخام مختلفة الألوان وتعشق في الأرضية على هيئة الأشرطة أو المعينات أو المثلثات أو الخطوط المتقاطعة والمتشابكة، وكان أكثر استعمالها في المحاريب والوزارات بالمساجد.
وازدهر في عصر المماليك الخط النسخ واحتل مركزًا ساميًا وصار من أهم العناصر الزخرفية على التحف من معدن وخزف وعاج ونسيج، كما استخدموه في كتابة المصاحف المملوكية التي كانت تكتب للسلاطين لتوقف بأسمائهم في المساجد.
وأما النهضة الفنية الحديثة في مصر فقد أرتبطت بمجموعة من العوامل والاعتبارات التي صاغت الفكر والوجدان معا ، حيث أرتبطت نهضة الفنون بتعاظم الشعور الوطني العام وبعملية تحديث وتنوير عميقة بحثا عن الذات والهوية الحضارية لمصر . فكان النهوض بالفنون – خاصة الفن التشكيلي – جزءا من النهوض الثقافي العام ، كما كان أحد وسائل التعبير عن الشعور الوطني العام وعنصرا من عناصر وأدوات الحركة الوطنية المصرية من أجل الاستقلال والتقدم .
لذلك كان لبعض رواد الفن التشكيلي في مصر دور لا يقل أهمية عن دور رواد التنوير الفكري ، بل أن دور هؤلاء في مجالات فنونهم كان بمثابة مساهمة ملموسة في حركة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال وتأكيد الهوية الوطنية . ومن بين هؤلاء الفنانين محمود سعيد ، محمود مختار ، يوسف كامل ، وراغب عياد محمد ناجي ، وغيرهم.
ثم توالى في مصر ظهور العديد من الجماعات الفنية التشكيلية ، ففي عام 1928 تأسست "جماعة الخيال" برئاسة المثال محمود مختار، جاء بعدها" جماعة هواة الفنون الجميلة" بالإسكندرية عام 1929، في عام 1932 فقد تم تأسيس "المجمع المصري للفنون الجميلة" برئاسة محمد صدقي الجباخنجي، ثم تكونت" رابطة الفنانين المصريين" في العام 1936، إلى أن وصلت الحركة إلى الأربعينيات لتظهر "جماعة الفن والحرية" وتضم أسماء ورواداً كباراً في التشكيل المصري، منهم فؤاد كامل ورمسيس يونان وجورج حنين، وصولاً إلى جماعة الفن الحديث في مصر التي تألفت من فنانين أيضاً لهم دورهم الكبير، منهم الفنان جمال السجيني وصلاح يسري ومحمد حامد عويس، وذلك عام 1948م. وفي عام 1950 قامت مجموعة من الفنانين الرواد منهم محمد حسن وراغب عياد بتأسيس جماعة لاباليت.
في عام 1953 تأسست أكثر المجموعات استمرارية وصموداً من بين الجماعات السابقة، وتحمل اسم جماعة "أتيليه القاهرة" حتى اليوم، التي أسسها الفنانان محمد ناجي وراغب عياد، وتمارس نشاطاً ثقافياً وفنياً أصبحت من خلاله معلماً إبداعياً عالمياً في وسط القاهرة. وفي عام 1964 تألفت "جماعة فسيفساء الجبل " على يد الفنان عمر النجدي وهو فنان ينتمي للجيل الثاني لفن الجرافيك المصري .
وفي عام 1981 تكونت "جماعة المحور" من أربع فنانين هم : احمد نوار – عبد الرحمن النشار ، فرغلي غبد الحفيظ ، مصطفى الرزاز . وجميعهم من اعلام الحركة التشكيلية في وقتنا الحالي.
إن هذه الجماعات الفنية ساهمت بشكل واضح في عرض الفن التشكيلي المصري ونشره والتعريف به على نطاقات واسعه و شكلت ملامح واضحة في حركة التشكيل المصري المعاصرة.
2018-04-01
الفن التشكيلي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق