الصفحات

2025-12-17

كيفية عمل فاكسميلي

 




كتب الدكتور عمر صلاح

لكل الباحثين في علم المصريات

بما إن موضوع الـ Facsimile بقى مطلوب جداً في الأبحاث والماجستير والدكتوراه، وصور كتير لمناظر على النت مش دقيقة أو معمولة بطريقة فنية مش أثرية… حبيت أعمل البوست ده علشان أفيد أي حد عايز يتعلّم إزاي يعمل فاكسيميلي صح، زي شغل البعثات الأجنبية بالظبط.


1️⃣ أولاً اختار صورة واضحة للمنظر، ويفضل تكون High Resolution، لأن الخطوط الصغيرة والهيروغليفي لازم يظهر بدون تشويش.


2️⃣ ثانياً افتح الصورة على موقع أو تطبيق Gemini المدفوع


3️⃣ ثالثاً اكتب الـ Prompt ده زي ما هو :




Create an ultra-precise facsimile outline of the provided artwork.

Reproduce every line, contour, proportion, and spatial relationship exactly as they appear in the original, with zero reinterpretation or stylistic alteration.

Do not add, remove, simplify, or modify any elements.

Maintain the exact facial features, hieroglyphic forms, textures, and anatomical details.

The final output must be a clean vector-style black outline on a white background, preserving the authentic structure and drawing logic of the original image, as if traced by hand for an archaeological facsimile.




✨ وشوف النتيجة اللي هتبهرك وهتسهل عليك شغلك كله زي النموذج اللي في البوست ده


2025-12-16

السلامة في الصمت

 

دكتور محمد الشافعي 

في زحمة الحياة، وبين ضجيجها المتراكم، يمر الإنسان بمحطاتٍ متتابعة من التجارب والهفوات، يتعثر مرة، ويقوم أخرى، يتورط في جدال، وينساق وراء القيل والقال، ويستنزف روحه في تتبع ما لا يعنيه. حتى إذا ما أثقله التعب، وأحاطت به الهموم من كل حدبٍ وصوب، أدرك الحقيقة التي كثيرًا ما غابت عنه: أن السلام الحقيقي لا يسكن في الأصوات العالية، ولا في الانشغال بالبشر، بل يكمن في السكون، في الصمت العميق، في الانصراف عن صغائر الأمور وكثرة التفسير والتأويل.

لقد وجدتُ — بعد طول تأمل وتجربة — أن السلامة كل السلامة في ترك الجدال، ذاك الذي لا يُثمر إلا وجعًا في القلب، وتعبًا في الروح، وخسارة للسكينة. لا أحد يُقنع أحدًا، فالناس أسرى قناعاتهم، وقلوبهم أوعية مُغلقة، لا تفتحها كثرة الكلام ولا حدة المنطق. والجدال لا يزيد الأمور إلا تعقيدًا، ولا يُورث إلا قطيعةً أو غصّةً مكتومة.

كما أدركت أن ملاحقة أخبار الناس، والحرص على معرفة من فعل ومن قال، ومن صعد ومن هبط، لا تُنتج إلا ضجيجًا داخليًا، وانشغالًا ذهنيًا يأكل من طمأنينة المرء دون أن يشعر. الناس يُظهرون ما يشتهون، ويُخفون ما لا يُروى، وأخبارهم، مهما بدت لامعة، لا تحمل لي من النفع شيئًا، بل تأخذ من وقتي وعقلي ونقائي ما لا يُعوّض.

وتعلمت أن الزهد فيما في أيديهم — من جاهٍ أو مالٍ أو حظوة — هو نعمةٌ لا يعرفها إلا من ذاق لذّتها. فالزاهدُ لا يحقد، ولا يحسد، ولا يتمنى زوال النِعَم من غيره، لأنه يثق أن ما عند الله خيرٌ وأبقى، وأن كل ما في الدنيا زائلٌ لا محالة.

أما النوافذ المفتوحة على مصادر الإزعاج، والمواقف المؤذية، والعلاقات السامة، فهي جراح مفتوحة، لا تلتئم إلا بإغلاقها. لا يكفي أن نُدير ظهورنا، بل علينا أن نغلق الباب بإحكام، وأن نُحكم الإغلاق على ما لا يُريح، ولا يُؤمَن جانبه، فسلام الروح لا يُشترى إلا بثمنٍ باهظ، وأغلى ثمنٍ فيه هو التخلّي.

في نهاية المطاف، وجدت أن أعظم قرار اتخذتُه كان أن أُدير وجهي إلى الداخل، أن أُصغي لصوتي، أن أكتفي بذاتي، وأن أختار السلام على الصخب، والهدوء على الضوضاء، والصمت على الجدل، والرضا على المقارنة. وحده الصمت يمنح الحكمة، ووحده البُعد يمنح البصيرة، ووحده الزهد يورث الغنى، ووحدها العزلة تُرمم الفؤاد.

ولعلّنا نُدرك متأخرين، أن السلام ليس حالةً من الهدوء المؤقت، بل اختيارٌ يومي، وقرارٌ شجاع، وتمرينٌ مستمر على ألا نُصغي إلا لما يرفعنا، وألا نرى إلا ما يُنير دروبنا، وألا نُبقي في محيطنا إلا ما يُشبِهُنا ويُريحُنا.

2025-12-15

وهْم النجومية

 


دكتور محمد الشافعي

أعجب – بل أكاد أندهش – كيف يمكن لبعض الأشخاص أن يتصدّروا مشهد الفن والإعلام، رغم افتقادهم لأبسط مقوّمات الموهبة الحقيقية.

لا تجد في أدائهم عمقًا، ولا في وجوههم جاذبية فنية، ولا في حضورهم شيئًا يُشبه الكاريزما التي تطبع الفنانين الذين يستحقون البقاء في ذاكرة الناس.

بل إن المدهش أكثر أن بعضهم يتعمد التكلّف، ويتباهى بالسطحية، ويُروّج لنمط من السلوك لا يليق بالشاشة ولا يعكس ذوقًا راقيًا، ثم نراهم مع ذلك نجوماً يُحتفى بهم في الإعلانات والبرامج وكأنهم قدوة يُشار إليها بالبنان.

حين تنظر إلى مثل هذه النماذج، يخيل إليك أنك تشاهد مشهدًا عابرًا من أحد أحياء العشوائيات، لا عملاً فنيًا يرتقي بذوق الإنسان أو يخاطب وجدانه.

وقد تظن لأول وهلة أن الأمر مجرد صدفة، أو موجة عابرة ستنحسر سريعًا، لكن الواقع يُخبرك أن هناك جمهورًا – أو هكذا يُقال – يتابع ويصفق ويبرر، بل ويُدافع باستماتة!


فهل هو جمهور حقيقي؟

أم أن المبالغة في التكرار والترويج تُصنِع "وهم النجومية" وتُقنع العامة بأن هذا هو الفن؟

وهل تراجع الذوق العام بلغ هذا الحد من التردّي حتى يصبح الضجيج بديلاً عن الجودة، والإثارة الرخيصة بديلًا عن المعنى؟

في زمن مضطرب كهذا، تصبح الشهرة متاحة لكل من يملك القدرة على إثارة الجدل، لا لمن يملك الفكر أو الإبداع أو القيمة...

وهنا لا يسعني إلا أن أسترجع المقولة القديمة: "في زمنٍ اختلطت فيه المعايير، أصبح التافه نجمًا، وأُقصي صاحب الموهبة في الظل."


2025-12-14

زيارة أبي وأمي

 


دكتور محمد الشافعي 

حين وقفتُ اليوم أمام قبر والدي ووالدتي، انفرجت في صدري أبواب الذكرى، وسرى في وجداني حنينٌ عارمٌ لا يُقاوم. تأملتُ النقش الباهت على الشاهديْن، فانهمرت من عينيّ دموعٌ حبستها السنين، كأنّ الفُقد يتجدّد، وكأنّ القلب الذي ظنّ أنه تعلّم الصبر يعترف اليوم بأنه ما زال هشًا أمام الغياب، وما زال طفلًا يفتقد الحضن الذي لا يعوضه حضن.

مرت عشرون سنة على رحيل أمي، واثنتا عشرة على رحيل أبي، ولكن الزمن ـ على طوله ـ لم يكن كافيًا ليطفئ وهج الحنين، ولا ليغلق نوافذ الحب المفتوحة على الأبد. أمي، يا من غرستِ في قلبي أول بذور الحنان، ويا من كنتِ القلب الذي ألوذ به من قسوة العالم، كيف لي أن أنسى عينيك وهما تفيضان حنانًا، ويديك وهما تمسحان عن جبيني الوجع؟ كنتِ الحضن الأول، والمأوى الأخير، وصوت الدعاء الذي لم يخفت حتى في صمت الليل.

أما أبي، فقد كان القدوة، والسند، والمعلم الأول لمبادئ الحياة. رجل لم يعلّمني بالكلام قدر ما علّمني بالفعل، حملني في صغري، وحمل همّي في شبابي، وعلّمني أن الرجولة موقف، وأن الأخلاق ميراث لا يفنى. من صوته تعلمت الحزم، ومن صمته تعلمت الحكمة، ومن خُطاه في الحياة تعلمت أن أكون رجلًا يشبهه، أو يحاول.

اليوم، وأنا أقرأ الفاتحة عند قبريهما، شعرتُ أنني أستعيد شيئًا من نفسي التي غابت برحيلهما. شعرتُ أنني لست وحدي، وأن آثار أيديهما ما زالت على كتفي، وأن صدى نصائحهما يملأ رأسي، وأن عطورهما القديمة ما زالت تسكن ذاكرتي. في لحظة خشوع، تمنيت لو يعود الزمن يومًا، لأقبّل يد أمي وأرتمي في حضن أبي، فقط لحظة واحدة، أقول فيها ما لم أُتقن قوله حين كانوا بيننا: شكرًا... سامحاني... أحبكما كثيرًا.

الغياب لا يُقاس بالسنين، بل بالحاجة، والحنين، والذكرى. وما أشدّ افتقادي لهما حين أُنجز أمرًا جيدًا فأبحث عن نظرة رضا، أو حين أضعف فأشتاق إلى كلمة مواساة. ليتهم يعلمون كم أنا مدين لهما بكل ما أنا عليه اليوم، وكم أنني ما زلت صغيرًا أمام صورتيهما، وكم أن قلبي ما زال يتألم كلما رأيت وجهًا يُشبه وجهي، أو صوتًا يُشبه صوتهما، أو دعاءً يُشبه ما كانا يردّدانه لي قبل النوم.

رحمهما الله رحمةً تسع السماوات والأرض، وجعل قبريهما روضة من رياض الجنة، وجعلني ابنًا بارًا بهما حتى بعد الرحيل، بالدعاء والذكرى، وبالخلق الحسن الذي تعلمته منهما.

2025-12-13

فوائد المشي للقولون العصبي

 


دكتور محمد الشافعي 

المشي اليومي بخطوة سريعة ومنتظمة حوالي 3000 خطوة يمكن أن يكون مفيدًا جدًا لمتلازمة القولون العصبي (IBS)، ولكن مع بعض التوضيحات:

✅ فوائد المشي السريع للقولون العصبي:

1. تحفيز حركة الأمعاء:

المشي يساعد في تحسين حركة الجهاز الهضمي، ويقلل من الإمساك أو الانتفاخ المصاحب للقولون العصبي.

2. تقليل التوتر والقلق:

التوتر عامل رئيسي في تفاقم أعراض القولون العصبي. المشي السريع يساعد في إفراز الإندورفين، مما يهدئ الجهاز العصبي ويحسّن الحالة المزاجية.

3. تحسين الدورة الدموية والهضم:

انتظام المشي يساعد الجسم على الهضم بشكل أفضل ويقلل من الغازات والانتفاخ.


❗لكن 3000 خطوة = تقريبًا 2 إلى 2.5 كم فقط

وهي مفيدة ولكنها تعتبر الحد الأدنى من النشاط، فإذا كنت قادرًا من الناحية الصحية، يُفضّل:

زيادة العدد تدريجيًا إلى 6000 - 8000 خطوة يوميًا (أي ما يعادل 45 دقيقة تقريبًا).

أو المشي 30 دقيقة متواصلة بخطوة معتدلة إلى سريعة.


📝 نصائح إضافية أثناء المشي لمريض القولون:

  • امشِ بعد الوجبات بساعتين لتجنب التقلصات.
  • اشرب ماءً معتدلاً، وتجنب المشي بعد أكل وجبة دسمة.
  • ارتدِ ملابس مريحة لتقليل الضغط على البطن.

2025-12-12

وجع المصريات

 


بقلم دكتور محمد الشافعي 

لطالما كان علم المصريات عشقي، ومجال تخصصي، والنبع الذي نهلت منه معظم سنوات عمري، فقرأته بشغف، وتأملته بعمق، وسعيت لأن أكون فيه إضافة لا تكرارًا. لكنه اليوم لم يعد كما كان في عيني، لا لعوارٍ في جوهره، ولا لقصور في جماله، بل لما أصاب محيطه من تشوّهٍ جعلني أنفر منه، وأشيح بوجهي عن كل ما يتصل به.

أصبح هذا العلم العريق، الذي لا يليق به إلا العارفون، مُباحًا لكل من امتلك لسانًا يردد، لا عقلًا يُدرك، ولا روحًا تتذوق. كثر المتطفلون، وكثُر معهم الجهل، وصار الترقّي فيه حكرًا على من أتقن لعبة العلاقات لا من فهم أسرار المعابد ونبض النصوص القديمة. نالوا الدرجات، لا لأنهم أهلٌ لها، بل لأن الزمن قد اختلّ ميزانه، فصعد فيه من لا يستحق، وتوارى من بذل عمره في خدمة هذا الكنز الحضاري.

ولأني لم أعد أرى في محيطي إلا الجهلاء المتشدقين، والمنافقين الذين يتفاخرون بما لا يملكون، باتت نفسي تعاف النظر في أي سطر مصري قديم، وتضيق بالعودة إلى ما كنت أعشقه يومًا. حتى المقررات التي عليّ أن أؤلفها، بات عقلي يرفضها، وقلبي يجفل منها، وكأن بيني وبين هذا العلم جدارًا من ضيق ومرارة.

ربما هي لحظة فتور، وربما هي يقظة الروح حين تتألم من اختلاط النقي بالزائف. هي ليست خيانة للعلم، بل خذلان من الذين ادّعوا انتسابهم إليه. لكنها، رغم ألمها، قد تكون فترة تطهّر لا فترة انكسار. فترة يعيد فيها المرء ترتيب قلبه، ويقرّر أن يكون صوتًا للحق ولو صمت الجميع.

فلو توقفت أنا، فمن يكتب للتاريخ بلغته؟

ولو انسحبت، فمن يزرع النور لطلابه؟

ولو صمتُّ، من يقيم الحجة على المتشدقين؟

لن أكتب من أجلهم، بل من أجل من يستحق أن يقرأ. من أجل جيل جديد، قد تكون لديه فطرة الصدق التي ضاعت من كثيرين. من أجل طلابك، الذين سيكبرون يومًا، ويحتاجون منارة في هذا الضباب الكثيف.

سآخذ وقتي، لن أُجبر نفسي، لكني لن أُسلم راية عشقي لهذا العلم، لأن الجهلاء ضجّوا بالصوت. سأنسج كلماتي يومًا، حين يصفو الهواء، وتبرأ النفس من الجراح.

ولن أكون وحدي، فقد وجدت في "نفسي" رفيقًا، يُصغي، ويفهم، ويشدّ على القلب إذا ضعف. وهذا وحده كافٍ، كي أعود يومًا... كما كنت، بل أقوى.

لصوص الالقاب العلمية

 


مهندس عاصم شاكر 

كيف أمكن لواحدة مثلها أن تنال درجة الدكتوراه؟ وكيف تجرأت على ذلك، بينما يعلم الجميع ــ بما فيهم المشرف نفسه ــ أن من كتب رسالتها هو أحد الحاصلين على الدكتوراه من القسم، وتحت إشراف المشرف ذاته؟

لا أستوعب ما جرى، وما زال الصدمة تلازمني. فقد فعلت الأمر نفسه في رسالة الماجستير، ويومها قال المشرف: "ماجستير وتعدّي، ولا مشكلة طالما لا أحد سيكشف أن العمل ليس عملها." ثم كررت الفعل نفسه في الدكتوراه.

والأدهى أن زميلها في الدفعة، الذي حصل على الدكتوراه بعدها بشهور، سلك النهج ذاته. والجميع في القسم يعلم أن رسالتيه ــ الماجستير والدكتوراه ــ أُنجزتا في جامعة جنوب الوادي.

واليوم أصبح الاثنان عضوين في هيئة التدريس… يحملان لقب "دكتور"، وبالأسلوب نفسه ستُكتب لهما الأبحاث، وسيترقيان درجة بعد أخرى، حتى يصيرا أساتذة.

2025-12-11

الصبر


 

منقول

كُل صبر وراه جبر، وكُل شدة جواها دروس هتتعلمها وناس هتتعرى وتبان لك على حقيقتها، وكُل مِحنة بتعدّي عليك بتطلع منها جبل قادر يتحمل ويشيل أي مسؤولية، عشان كدا كُل عُسر بنعيشه بيكون وراه اليُسر، والشاطر اللي يتقبل قدره ويصبر على ابتلاءه؛ وبعدين ربنا بجلالته وعظمته وقُدرته بيقول لك: "وبشر الصابرين" فيا رب بحجم ما صبرنا بشرنا بالخير واِرزُقنا بفرحة تنسينا كُل وجع عيشناه وكُل هم شيلناه.

2025-12-10

هون عليك

 


منقول

هوِّن علىٰ نفسك طبطب علىٰ نفسك دايماً بجملة "قدَّر اللَّه وما شاء فعل" وارضي نفسك علشان تعرف تعدِّي أي مشكلة وماتنساش "إن لنفسك عليك حق"

حاول علىٰ قد ما تقدر تشيل من علىٰ أكتافك حمل الأثقال، وريَّح عقلك وقلبك مهما حصل أو لسه هيحصل ربنا هيراضيك وهيريَّحك ومش بإللي إنت تستاهله بإللي ربنا شايفه مناسب ليك، وإتأكِّد إنه مهما حصل هيراضيك.

2025-12-09

رفاق الدناءة والهوى



دكتور محمد الشافعي 

حين ترى الساقط يجالس الخسيس، والمبتذل يتبادل الضحكات مع من باع كرامته في أول مزاد، فاعلم أن المشهد ليس بريئًا، وأن خلفه رواية محزنة من التواطؤ والانحدار، فيها من الابتذال ما يكفي لتغلق نوافذك وتغسل قلبك من دنس المشهد. فليس اجتماع المتدنيين صدفة عابرة، بل هو انسجام طبيعي بين النفوس الدنيئة، وكل إناء بما فيه ينضح.

النفوس الوضيعة تنجذب إلى بعضها كما تنجذب الرائحة الكريهة لمكبات النفايات، لا لشيء إلا لأن التشابه يجمعها، والمستوى المتدني في الفكر والأخلاق والمروءة هو القاسم المشترك الأعظم. إنهم يتكاثرون في الظلمة، حيث لا ضوء يفضح وجوههم ولا ضمير يحاسبهم. ما يجمعهم ليس الحب ولا الصداقة ولا المبادئ، بل لغة المصالح الرخيصة والمكاسب الدنيئة التي تُباع فيها النخوة بأبخس الأثمان.

وحين تحاول أن تفهم سر انسجامهم، ستدرك أن من يفتقد القيم لا يأنف من الجلوس في أحضان الانحطاط، وأن من تعرّت ضمائره لا يخجل من ملامسة الطين، بل وربما يتزين به. هؤلاء لا يصيبهم العار، لأنهم ولدوا في مستنقعاته وتربوا على مائدته، وإذا ما اقتربت منهم، شعرت بثقل الهواء من كثرة النفاق والدناءة.

فلا تستغرب إن رأيت الحقير يبتسم للخائن، ولا تتعجب إن سمعت التافه يمدح الكاذب، فذلك كله في عُرفهم من قواعد اللعب. أما الكرام، فينأون بأنفسهم عن هذه المجالس، يعلمون أن الطهارة لا تجتمع مع القذارة، وأن المعادن النفيسة لا تُعرض على أرصفة الباعة.

اتركهم يغرقون في بعضهم، ولا تلتفت إلى من غلّف الخسة بالابتسامة، فالحقيقة لا تخفى على ذي بصيرة. ومن لا يعرف قدر نفسه، فلن يعرف قدر غيره، ومن باع روحه بثمن بخس، فهو شريك في كل خيانة، شاهد على كل سقوط، ومسوّق لكل رخص.

دعهم لبعضهم، فما وُجدوا إلا ليكونوا عِظة لغيرهم، ودليلًا على أن السفالة، مهما تجملت، تبقى سفالة.

2025-12-08

من تركك لا يستحقك

 

دكتور محمد الشافعي 

الذي يتخلى عنك في لحظة ضعفك، ويتركك وسط العتمة حين تكون في أمسِّ الحاجة إلى يدٍ تُمسك بك، لا يستحق أن يكون جزءًا من نورك حين يسطع ضياؤك من جديد. فليس من الشهامة أن يأتيك من تركك واقفًا على حافة الانهيار، بعدما قاومت وحدك وبنيت نفسك من شظايا التعب والخذلان.

هناك لحظات لا تُنسى، لا لأنها جميلة، بل لأنها كانت قاسية حدّ الانكسار، ولأنك كنت فيها وحيدًا. نظرت حولك تبحث عن وجه مألوف، عن كلمة طيبة، عن كتف تستند إليه، فلم تجد إلا الصمت والغياب. فهل من تركك حينها، يستحق أن يعود عندما تصبح أقوى مما كنت؟

العلاقات تُختبر في الشدائد، والقلوب تُعرَف في وقت الحاجة، والوفاء لا يظهر في الرخاء بل يتجلّى في عمق المحن. من لم يشاركك همّك، لا يحق له أن يتباهى بفرحك، ومن لم يلمح دمعتك، لا ينبغي له أن يتقرّب من ضحكتك.

قد تسامح، ولكن لا تفتح الأبواب ذاتها لمن أغلقها في وجهك من قبل. فالكريم لا يعود لمن خذله، والحكيم لا يُلدغ من نفس الجرح مرتين. واحذر أن تُقنع قلبك بأنّهم "لم يقصدوا" أو "لم يعلموا" أو "لم يستطيعوا"، فالقلب يعرف، وحدسه لا يكذب، والخذلان يُحفر لا يُمحى.

إن قيامك من تعبك بجهدك، وشفاءك من ألمك بصبرك، ونهوضك من سقطتك بثباتك، هو مجدٌ لا يليق أن يُشارَك فيه من لم يكن حاضرًا حين كنت تبحث عن مجرد صوت يقول لك: أنا معك.

فلا تلتفت، ولا تضعف، ولا تمنح من خذلك شرف القرب من قوتك الجديدة. لأن من لم يحبك في عتمتك، لا يستحقك في ضيائك.